محادثات الهدنة في غزة تقترب من لحظة الانهيار

نتنياهو: لن نقبل شروطا تصل إلى حد الاستسلام.
الاثنين 2024/05/06
فشل المفاوضات ينذر باجتياح قريب لرفح

يسود التشاؤم حيال إمكانية التوصل إلى اتفاق بشأن غزة، في ظل تباعد المواقف بين إسرائيل وحركة حماس، ويقول متابعون إن المفاوضات الجارية بلغت نقطة حساسة وهي أقرب إلى الانهيار، وهذا ما يفسر تسارع وتيرة الضغوط لاسيما الأميركية.

غزة - تواجه المفاوضات الدائرة بشأن هدنة في غزة مطبات كثيرة في ظل إصرار حركة حماس على اتفاق متدرج وشامل يفضي إلى إنهاء الحرب، في مقابل رفض إسرائيلي قاطع، يرى أن مثل هكذا اتفاق هو “هزيمة مدوية” للدولة العبرية في المواجهة المفتوحة مع الحركة الفلسطينية.

وتمارس الولايات المتحدة ضغوطا قصوى من أجل الحيلولة دون انهيار المفاوضات، واتجه رئيس وكالة المخابرات المركزية الأميركية (سي.آي.إيه) ويليام بيرنز، الأحد إلى الدوحة لعقد اجتماع طارئ مع رئيس الوزراء القطري بهدف ممارسة أقصى قدر من الضغط على حماس لمواصلة التفاوض.

وكان وفد الحركة الفلسطينية أنهى الأحد محادثاته مع المسؤولين المصريين في القاهرة، وقرر العودة إلى العاصمة القطرية للتفاوض مع قيادته بشأن آخر المستجدات. وأكد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الأحد على رفضه إنهاء الحرب في قطاع غزة في الوقت الحالي، معتبرا أن ذلك “سيبقي حركة حماس في السلطة”.

يوآف غالانت: تحرك عسكري قوي سيبدأ في رفح في المستقبل القريب
يوآف غالانت: تحرك عسكري قوي سيبدأ في رفح في المستقبل القريب

وقال نتنياهو في تصريحات نقلتها رويترز إن “إسرائيل مستعدة لتعليق القتال في القطاع مقابل إطلاق سراح الرهائن لكنها لا يمكن أن تقبل مطالب حماس بإنهاء الحرب وسحب القوات من غزة، وترك الحركة في السلطة”. وأردف بقوله “لا يمكن لدولة إسرائيل أن تقبل ذلك. نحن لسنا مستعدين لقبول وضع تخرج فيه كتائب حماس من مخابئها، وتسيطر على غزة مرة أخرى، وتعيد بناء بنيتها التحتية العسكرية، وتعود إلى تهديد مواطني إسرائيل، في بلدات الغلاف وفي مدن الجنوب، وفي جميع أنحاء البلاد”.

وقال: “الاستسلام لمطالب حماس سيكون ذلك بمثابة هزيمة نكراء لدولة إسرائيل، وسيظهر ضعفا رهيبا سواء لأصدقائنا أو لأعدائنا”. واستدرك “هذا الضعف لن يؤدي إلا إلى تقريب الحرب المقبلة، وسيدفع اتفاق السلام المقبل إلى أبعد من ذلك. لأن التحالفات لا تتم مع الضعفاء والمهزومين، بل تتم التحالفات مع الأقوياء والمنتصرين”. وأوضح أن “إسرائيل لن تقبل شروطا تصل إلى حد الاستسلام، وستواصل القتال حتى تحقيق أهداف الحرب”.

ويرى متابعون أن انهيار المفاوضات الجارية يعني الدخول في نفق مظلم بالنسبة للغزيين. وفي بيان صدر بعد تعليقات نتنياهو بقليل، قال إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحماس إن الحركة “مازالت حريصة على التوصل إلى اتفاق شامل ومترابط المراحل ينهي العدوان ويضمن الانسحاب ويحقق صفقة تبادل جدية للأسرى”.

وحمَّل هنية نتنياهو مسؤولية “اختراع مبررات دائمة لاستمرار العدوان وتوسيع دائرة الصراع وتخريب الجهود المبذولة عبر الوسطاء والأطراف المختلفة”. وبدأت الحرب بعد أن باغتت حماس إسرائيل بهجوم عبر الحدود في السابع من أكتوبر الماضي، والذي تقول إسرائيل إنه تسبب في مقتل 1200 شخص واحتجاز 252 رهينة.

وأدى الهجوم الإسرائيلي في غزة حتى الآن إلى مقتل أكثر من 34600 فلسطيني وإصابة أكثر من 77 ألفا. ودمر الهجوم أيضا جزءا كبيرا من القطاع الساحلي وتسبب في أزمة إنسانية. وتهدد الحكومة الإسرائيلية باجتياح رفح التي تعتبرها المعقل الأخير لمقاتلي حماس، في حال فشلت المفاوضات، وهو سيناريو يخشاه المجتمع الدولي بالنظر لوجود أكثر من مليون ونصف نازح في المدينة الواقعة جنوب القطاع.

وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت الأحد، إن حماس غير جادة على ما يبدو فيما يتعلق بالتوصل إلى هدنة. وأضاف “نلاحظ مؤشرات مقلقة على أن حماس لا تنوي التوصل إلى اتفاق معنا… هذا يعني أن تحركا عسكريا قويا سيبدأ في رفح في المستقبل القريب جدا، وكذلك في بقية أنحاء القطاع”.

وأعلنت إسرائيل عزمها منذ أشهر إرسال قوات إلى مدينة رفح المتاخمة لمصر. وتعتقد إسرائيل بأن آلافا من مقاتلي حماس متحصنون في المدينة، إلى جانب عشرات الرهائن المحتملين. وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية يوم الجمعة إن التوغل في رفح سيعرض حياة مئات الآلاف للخطر وسيمثل ضربة قوية لعمليات الإغاثة في القطاع بأكمله.

وذكر سكان ومسؤولون بقطاع الصحة إن طائرات ودبابات إسرائيلية واصلت قصف مناطق في أنحاء القطاع الفلسطيني الليلة الماضية مما أدى إلى مقتل وإصابة عدة أشخاص. وأعلن الجناح المسلح لحركة حماس الأحد مسؤوليته عن هجوم على معبر كرم أبوسالم بين إسرائيل وقطاع غزة أفادت تقارير إعلامية فلسطينية وإسرائيلية بأنه تسبب في وقوع خسائر في صفوف الإسرائيليين.

وتبدو الإدارة الأميركية أكثر حرصا على التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في ظل الضغوط التي تتعرض لها في الداخل، لاسيما في الجامعات الأميركية. ويخشى الرئيس جو بايدن من تداعيات الحرب على غزة على حظوظه في الانتخابات الرئاسية المرتقبة.

وقد نقلت وسائل إعلام أميركية عن مصادر قولها بأن إدارة بايدن أوقفت شحنة من الذخيرة لإسرائيل، لكن مصدرا سياسيا إسرائيليا، أوضح الأحد أن تل أبيب لا علم لها بأي قرار أميركي يتعلق بوقف الدعم العسكري لها أو تخفيضه. وأضاف المصدر أنه "من الممكن أن تتأخر شحنة أو أخرى، لكن التدفق مستمر ولسنا على علم بقرار سياسي بإيقافه".

وفي وقت سابق قال موقع "إكسيوس" الأميركي إن إدارة الرئيس بايدن أوقفت خلال الأسبوع الماضي شحنة ذخيرة أميركية الصنع إلى تل أبيب، ما أثار مخاوف جدية لدى الحكومة الإسرائيلية.

2