شركات الشحن تكافح لامتصاص تأثير أزمة البحر الأحمر على أعمالها

ينتظر المتابعون رؤية أزمة البحر الأحمر في أرقام شركات الشحن خلال الربع الأول من العام الحالي، بعدما أرخت التوترات في المنطقة بظلالها على مسارات التجارة الأقصر في العالم، وأضافت تكاليف أكبر وأحبطت فرص خفض انبعاثات الكربون.
دبي - يستعبد خبراء حصول شركتي الشحن العملاقتين ميرسك وهاباغ لويد، على دعم كبير من ارتفاع أسعار الشحن بسبب أزمة البحر الأحمر في أول ثلاثة أشهر من 2024، مما يعزز المخاوف بشأن الطاقة الفائضة على المدى الطويل.
ويعد الربع من يناير إلى مارس هو الربع الأول الذي يتم إنفاقه بالكامل خلال الأزمة، وبالتالي أول فرصة لمعرفة ما يعنيه ذلك بالنسبة لشركات الشحن خلال ما تبقى من العام الحالي وآفاق نشاطها خلال العام المقبل.
وتشن جماعة الحوثي هجمات متكررة بطائرات مسيرة وصواريخ في البحر الأحمر ومضيق باب المندب وخليج عدن منذ نوفمبر الماضي، مما أجبر شركات الشحن على تغيير مسار البضائع إلى رحلات أطول وأكثر تكلفة حول جنوب أفريقيا.
وأظهر مؤشر فريتوس بالتيك أن أسعار الشحن الفورية تضاعفت ثلاث مرات إلى ما يقرب من 3500 دولار للحاوية بعد أن بدأت السفن في تجنب البحر الأحمر بسبب هجمات الحوثيين. ومنذ ذلك الحين، تراجعت الأسعار مرة أخرى إلى حوالي 2400 دولار.
ويقارن ذلك بذروة الوباء البالغة 13.5 ألف دولار، في الوقت الذي طلبت فيه شركات الشحن سفنا جديدة في خطوة تسببت لاحقا في زيادة الطاقة الاستيعابية، وفقا للمحلل مارك زيك من شركة ستيفل.
ويستهلك تحويل مسار السفن حول الرجاء الصالح في جنوب قارة أفريقيا هذا المبلغ، لكن الجدل الدائر منذ فترة يتعلق بمدى استمرار الأمر على هذا الوضع وإلى متى؟
وتستغرق الرحلة بين 10 و15 يوما إضافيا عبر هذا الطريق، وحتى عشرين يوما في بعض الأحيان بناء على سرعة السفينة. وفي هذه الحالة، توفّر السفن كلفة تأمين المرور عبر البحر الأحمر، لكن هناك كلفة إضافية للوقود واليد العاملة مع دفع أجور أكبر للطاقم.
وقال زيك لوكالة رويترز “يعتقد الجميع أن أزمة البحر الأحمر ستنتهي في وقت ما. وبمجرد انتهاء الأزمة، ستمر السفن عبر قناة السويس، وبعد ذلك سنعاني من فائض الطاقة مرة أخرى”.
ومرددا ذلك الأمر، قال ألكسندر إيرفينغ، المحلل في شركة برنشتاين، إنه “يتوقع توسعا في الأسطول بنسبة 15 في المئة خلال عامي 2024 و2025″، وهو ما يفوق الطلب.
وبحسب صندوق النقد الدولي، فإن النقل البحري للحاويات عبر البحر الأحمر انخفض منذ شهر نوفمبر 2023 وإلى غاية يناير 2024 بنسبة 30 في المئة تقريبا خلال عام واحد.
وقبل النزاع الذي تفجر في مطلع أكتوبر الماضي في الشرق الأوسط، كانت تعبر في المنطقة بين 12 و15 في المئة من التجارة العالمية، بحسب الأرقام الرسمية.
وأخبر فنسنت كليرك، الرئيس التنفيذي لشركة ميرسك، المستثمرين في فبراير الماضي، أن عدد السفن القادمة إلى السوق يبلغ ضعف عدد السفن المطلوبة لإعادة توجيه الشحنات.
وقد وجهت بالفعل هاباغ لويد وميرسك توجيهات واسعة النطاق لعام 2024، مشيرة إلى التأثير غير المؤكد لأزمة البحر الأحمر على أسعار الفائدة.
◙ 2400 دولار سعر الشحن الفوري للحاوية نزولا من 3500 دولار وفق مؤشر فريتوس بالتيك
وتتوقع شركة شحن الحاويات الألمانية هاباغ لويد أن تتراوح الأرباح قبل الفوائد والضرائب بين سالب 1.1 مليار دولار وصفر مليار دولار، بعد 2.5 مليار دولار في عام 2023.
وقال رولف هابن يانسن الرئيس التنفيذي للشركة الاثنين في حلقة نقاشية عبر الإنترنت نظمتها هاباغ لويد إنه “يتوقع انتهاء أزمة حركة السفن في البحر الأحمر قبل نهاية العام الحالي”. وذكر أنه أكثر تفاؤلا إلى حد ما بشأن مدة الأزمة مقارنة بمتوسط التوقعات في قطاع الشحن.
أما ميرسك الدنماركية فرجحت تحقيق أرباح سنوية قبل الفوائد والضرائب تتراوح بين سالب 5 مليارات دولار وصفر دولار، مقابل أرباح بلغت حوالي 3.9 مليار دولار العام الماضي.
وفي فبراير الماضي، قال كليرك إن “ارتفاع أسعار الفائدة يمكن أن يساعد ميرسك في الوصول إلى نقطة التعادل خلال الربع الأول من العام الحالي”.
ومع ذلك، قال زيك إن “تحقيق التعادل الإجمالي لهذا العام قد يكون أمرا صعبا، حيث من المرجح أن يكون لأزمة البحر الأحمر تأثيرها الأقوى في الربع الأول قبل أن تتلاشى”.
وأضاف “في مرحلة ما، يجب أن يكون لديك رقم إيجابي في جانب الأرباح قبل الفوائد والضرائب والإهلاك والاستهلاك للتعويض عن الأرقام السلبية المتوقعة. ولا أعرف كيف سيحققون ذلك”.
وأغلقت أسهم ميرسك منخفضة بنسبة 15 في المئة تقريبا في اليوم الذي أدلى فيه كليرك بتعليقاته، وانخفضت بمقدار الربع عن ذروة ما بعد الأزمة في أوائل يناير الماضي.
وتراجعت الأسعار بأكثر من 10 في المئة خلال منتصف ديسمبر الماضي، عندما أوقفت ميرسك رحلاتها عبر البحر الأحمر لأول مرة.
لكن مع بداية 2024، ارتفعت قيمة عمليات تأمين الشحن البحري ضد المخاطر التجارية والحربية بشكل كبير، ما يكبد شركات القطاع المزيد من الأعباء ويجعل من الصعب التكهن بهدوئها قريبا في ظل الوضع القاتم في البحر الأحمر.
وفضلا عن ذلك، يكلف التنقل عبر الرجاء الصالح المزيد من الأضرار البيئية بسبب حرق المزيد من الوقود، والذي ينتج عنه انبعاثات إضافية تعادل ما تتسبب به 9 ملايين سيارة.
وأظهر تقرير صادر عن شركة إنفرتو التابعة لمجموعة بوسطن الاستشارية وأوردته وكالة بلومبرغ الاثنين الماضي، أن الانبعاثات الإضافية زادت خلال فترة الشهور الأربعة الأولى من العام الجاري.
وتزيد هذه الانبعاثات الإضافية من صعوبة التحول التدريجي الأخضر لدول العالم، وتشكل تحديات للنقل البحري الباحث عن قنوات وابتكارات تخفض انبعاثات السفن.
وأدى حرق الوقود الإضافي بالنسبة للسفن المتخذة لطريق رأس الرجاء الصالح، إلى إضافة 13.6 مليون طن إضافية من الانبعاثات في الثلث الأول من هذا العام.
ونقل التقرير عن سوشانك أغاروال، المدير الإداري في الشركة، قوله إن "الانبعاثات الإضافية الناتجة عن هذه الأزمة ستزيد من البصمة الكربونية للشركات، مما يجعل من الصعب للغاية تحقيق أهدافها الصافية الصفرية".