المستثمرون في سباق الملاذات الآمنة هربا من التقلبات

التضخم العنيد يتسبب في رهانات على تعديل توقيت قرار خفض الفائدة في الولايات المتحدة.
الخميس 2024/05/02
اتجاهات كثيرة للإيرادات

لندن - يتطلع المستثمرون العالميون إلى أصول الأسواق الأوروبية والناشئة لحماية أنفسهم من المزيد من الاضطرابات في الأسهم والسندات الأميركية، حيث يتسبب التضخم العنيد في رهانات على تعديل توقيت قرار خفض الفائدة في الولايات المتحدة.

وكان شهر أبريل 2024، بمثابة فشل في وول ستريت، حيث سجل مؤشر الأسهم أس آند بي 500 وسندات الخزانة الأميركية أكبر خسارة شهرية منذ سبتمبر الماضي، ومعه بدأ مديرو الأموال الآن يبحثون عن طرق للحد من الخسائر إذا لم ينعكس الاتجاه.

وقالت سونيا لاود، مديرة قسم المعلومات في شركة ليغال آند جينرال أنفسيتمنت مانجمنت، التي تدير ما يقرب من 1.5 تريليون دولار، إن “ذلك قد يستلزم إعادة هيكلة المحافظ التي تم رفعها لسنوات من خلال الأسهم الأميركية ذات القيمة العالية”.

وأوضحت لرويترز أن “التنويع سيكون أكثر أهمية في المستقبل”، مضيفة أن شركتها لم تكن تتوقع عوائد أفضل من الأسهم العالمية ولكنها الآن تفضل الأسهم الأوروبية على الأسهم الأميركية.

وتؤكد أميلي ديرامبور، مديرة الأصول المتعددة في أموندي، أكبر مدير للأصول في أوروبا، أنها لا تزال تتوقع مكاسب طويلة الأجل من الأسهم الأميركية، لكنها اشترت خيارات البيع للحماية من انخفاض بنسبة 10 في المئة. كما قامت بتحويل بعض الأموال النقدية من سندات الخزانة إلى سندات منطقة اليورو.

سونيا لاود: الاضطرابات تستلزم إعادة هيكلة المحافظ الضخمة
سونيا لاود: الاضطرابات تستلزم إعادة هيكلة المحافظ الضخمة

وقدمت الأسهم الأميركية نحو 80 في المئة من العائد السعري لمؤشر الأسهم العالمي أم.أس.سي.آس منذ عام 2020 بالدولار، حسبما ذكرت شركة بيكتك أسيت مانجمنت.

وساهمت مجموعة مانيفيسنت سفن من أسهم التكنولوجيا، المدعومة بطفرة الذكاء الاصطناعي، بأكثر من 60 في المئة من إجمالي عائدات مؤشر أس آند بي العام الماضي.

وبما أن التضخم الثابت يدفع التوقعات بأن يحافظ الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي) على تشديد القيود، فإن تكلفة الرهان على المكاسب طويلة الأجل من استثمارات الذكاء الاصطناعي الضخمة في مجال التكنولوجيا الكبيرة مقابل الاحتفاظ بالنقود باتت باهظة.

وأبقى الاحتياطي الفيدرالي تكاليف الاقتراض في السوق المحلية منذ أشهر طولية عند أعلى مستوى لها منذ 23 عاما وتتراوح بين 5.25 و5.5 في المئة. وحتى وقت قريب، كانت الأسواق تتوقع أن يبدأ خفض الفائدة في يونيو.

وسلط الانخفاض الحاد في أسهم مجموعة ميتا المالكة لفيسبوك في أبريل الضوء على مخاطر الأمل في تحقيق أرباح التكنولوجيا الممتازة في بيئة تظل فيها الأسعار مرتفعة.

ولا يزال مؤشر ستاندرد آند بورز ذا قيمة عالية، إذ يبلغ معدل السعر إلى الأرباح ما يقرب من 7 نقاط مئوية أعلى من مؤشر ستوكس 600 الأوروبي، حسبما تظهر بيانات شركة أل.أس.إي.جي.

وأكد المستثمرون أن مؤشر ستوكس لاقى قبولا لأنه مكتظ بشركات ما يسمى بقطاعات القيمة مثل البنوك والطاقة، التي تستفيد من النمو العالمي المطرد ولكنها لا تميل إلى المعاناة عندما ترتفع تكاليف الاقتراض.

وقال لوكا باوليني، كبير الإستراتيجيين في بيكتيت لإدارة الأصول، “إننا نزيد تعرضنا لأوروبا” و”التوقعات الكلية العامة داعمة لسوق القيمة الدورية الرخيصة”.

أما فريدريك ليرو، رئيس إدارة الأصول المتعددة بالمجموعة، فأشار إلى أن مدير الصندوق الأوروبي كارمينياك خفض بعض حيازاته في مجال التكنولوجيا الأميركية في أبريل ويبحث عن فرص أقرب إلى أوروبا.

وقال إن “التنويع تجاه أوروبا اليوم أمر منطقي للغاية”. وأضاف “في كل مرة تكون لديك موجة جديدة من التضخم (الأميركي) ستشهد أداء متفوقا كبيرا في أوروبا”.

ويعني اعتدال التضخم في منطقة اليورو أن من المتوقع أن يبدأ البنك المركزي الأوروبي في خفض أسعار الفائدة في السادس من شهر يونيو المقبل.

وقال روس يارو، العضو المنتدب للأسهم الأميركية في بنك الاستثمار بيرد، لرويترز إن “المستثمرين العالميين كانوا في الغالب سلبيين تجاه الأسهم الأميركية لأسباب تتعلق بالتقييم”.

وأوضح أن النمو المتفوق للإيرادات ساعد أيضا وول ستريت على التفوق على أوروبا في 12 عاما من الأعوام الستة عشر الماضية. وانخفض مؤشر سندات الخزانة الأميركية بنحو اثنين في المئة خلال الشهر الماضي، وهو أسوأ شهر منذ سبتمبر.

◙ اعتدال التضخم في منطقة اليورو يعني أن من المتوقع أن يبدأ البنك المركزي الأوروبي في خفض أسعار الفائدة في السادس من شهر يونيو المقبل

وقالت ديرامبور من أموندي إنها “لا تزال تتوقع تخفيضات الاحتياطي الفيدرالي لكنها عززت السندات الحكومية لمنطقة اليورو في الأسابيع الأخيرة في انتظار “انتهاء هذا التراجع في الدخل الثابت الأميركي”.

ويتوقع التجار خفض الفائدة الأميركية بمقدار 35 نقطة أساس هذا العام و65 نقطة أساس في منطقة اليورو، حيث انخفض التضخم بالقرب من هدف البنك المركزي الأوروبي البالغ اثنين في المئة.

ووفقا للإستراتيجيين في بنك باركليز، قد لا ترتفع سندات الخزانة حتى عندما يقوم الاحتياطي الفيدرالي بتخفيضها بسبب ارتفاع ديون الحكومة الأميركية.

ومع ذلك، فإن سندات الأسواق الناشئة تجتذب المشترين، حيث يأمل المستثمرون في رؤية نمو اقتصادي قوي في دول مثل الهند وإندونيسيا وفيتنام.

وقد أشارت لاود إلى أنها كانت إيجابية بشأن السندات الهندية، التي استحوذ عليها المستثمرون الأجانب قبل إدراجها في مؤشر الديون الرئيسي في وقت لاحق من هذا العام ومع ازدهار الاقتصاد.

وقال ناثان ثوفت، كبير مسؤولي الاستثمار في مانولايف للحلول متعددة الأصول، إن “في إطار الدخل الثابت، نرى أفضل الفرص من منظور المخاطر (من) ديون الأسواق الناشئة القائمة على الدولار”.

وقد يكون التنويع بعيدا عن الأصول الأميركية أمرا صعبا، حيث يميل مؤشر ستكوس إلى تتبع مؤشر آس آند بي، مع وجود ارتباط بنسبة 88 في المئة بين السوقين منذ عام 1986، حسب حسابات بيرد يارو.

ووجدت دراسة أجراها بنك باركليز أن سندات الخزانة تؤثر بقوة أيضا على أسواق الديون الأخرى، حيث إن زيادة نقطة مئوية واحدة في عوائد الولايات المتحدة لأجل 10 سنوات عادة ما تؤدي إلى ارتفاع العائدات العالمية بمقدار 56 نقطة أساس.

وقال ليروكس من كارمينياك “من الصعب للغاية دائما أن أقول، حسنا، أريد أن أكون مخففا مع الولايات المتحدة وأن أستثمر المزيد في أجزاء أخرى من العالم”. ولكنه رأى أن “حتى مع وجود الارتباطات، فإن هناك لحظات يمكنك فيها العثور على الأداء المتفوق في مكان آخر”.

11