فتاوى التكفير تصل قناة "العربية" وتحرّم العمل فيها

انتشر مقطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي لداعية إخواني يهاجم قناة “العربية” ويحرّم العمل فيها ما أثار جدلا واسعا باعتباره تحريض معلن يفتح الباب للاعتداء على وسائل الاعلام والصحافيين.
الرياض - شن الداعية السعودي الإخواني أحمد الزرّاع حملة تحريض على قناة “العربية” عبر مقطع فيديو نشره على حسابه في إكس، واصفا إياها “بالعبرية الظالمة الكاذبة المحرضة على الإسلام والمسلمين” ومطالبا الموظفين أن “يخرجوا منها ويتركوها لله فسيعوضهم خيراً منها”، في فتوى أثارت جدلا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي من جهة استسهال الإخوان للتكفير وكيل التهم والتحريض التي من شأنها تعريض حياة العاملين للخطر.
ومنذ بداية الحرب على غزة في السابع من أكتوبر الماضي، شنت جماعة الإخوان هجمة على وسائل الإعلام العربية التي لا تناصر حركة حماس وتؤيد الضربة التي شنتها على إسرائيل وتسببت بحرب غزة، فيما يقومون بالدعاية لإيران وأتباعها في المنطقة رغم كل الممارسات والفوضى التي أثارتها في المنطقة.
وفي مقطع الفيديو الذي نشره، قال الداعية الإخواني هذه القناة تطاولت عدة مرات على المقاومة الإسلامية والمجاهدين في أرض فلسطين، الذين قدموا أنفسهم وفلذات أكبادهم وأموالهم وقصفت بيوتهم، وأخرجوا من ديارهم في سبيل الله.
وهاجم الزراع القناة بالقول إنها “اعتادت تقديم السم في الدسم والتجني على كل ما يمت للدين بصلة من أحكام أو تيارات أو هيئات أو شخصيات، والإساءة للعقيدة الإسلامية، فضلا عن تبنيها رواية الاحتلال ومهاجمة المقاومة الفلسطينية وحماس، منذ بدء عملية طوفان الأقصى وحرب غزة في 7 أكتوبر الماضي”. لكن ناشطين على مواقع التواصل ردوا على تحريض الزراع مستذكرين تاريخه في إثارة الفوضى والتحريض، وجاء في تعليق:
وقال ناشط:
وكتب معلق:
وتابع الداعية الزراع أن هذه القناة تلقي التهم الباطلة عليهم وتحرض وتستنقص منهم، مضيفاً أنها تطاولت عدة مرات على الدعاة والعلماء والقامات العالية في العلم والدعوة إلى الله، وآخرهم الشيخ الراحل عبد المجيد الزنداني وشمتت به وهو في موته.
وخاطب الزراع كل العاملين في قناة “العربية” من مذيعين ومحرري أخبار ومعدّين ومراسلين ومصورين أن العمل في قناة “العربية”، “لا يجوز وهو حرام ومرتباتها حرام لأنها من التعاون على الإثم والعدوان، ولأنها تؤذي المسلمين وتكذب والله حرّم الأذى والكذب”. وتابع “من ترك شيئاً لله عوضه خيراً منه”. وطالب الزراع المسلمين والمسلمات بمقاطعة قناة “العربية” وأن لا ينساقوا وراء كذبها وتضليلها.
ولا يخرج خطاب الزراع عن أدبيات الإخوان الذين يحاولون استغلال أي حدث سياسي أو عسكري للدعاية والترويج لخطاباتهم وسياستهم والركوب على الحدث بعد أن أصبحوا خارج إطار الاهتمام الشعبي مع انعدام الثقة بهم.
ودأبت قنوات الإخوان التلفزيونية فضلًا عن القنوات التي تبث عبر مواقع التواصل الاجتماعي، على استخدام خطاب ناقد للظروف الاقتصادية والسياسات الحكومية، وتصدير أفكارهم الإخوانية بشكل غير مباشر، كانتقاد سياسات لمؤسسات الدولة بدلًا من الدعاوى المباشر لهدم المؤسسات والاعتداء عليها، كما كان يحدث ضد الجيش والشرطة والقضاء والأزهر، واختفى خطابهم القديم بتأييد التنظيمات الإرهابية الصلبة، مثل “القاعدة” و”داعش”، الذي كان يذاع باستمرار على قنواتهم الفضائية، بل اكتفت الجماعة بالإشادة بتلك التنظيمات وتأييدها من قبل بعض عناصرها على مواقع التواصل وعبر بعض المواقع الإخبارية التابعة لها.
خطاب الزراع لا يخرج عن أدبيات الإخوان الذين يحاولون استغلال أي حدث سياسي أو عسكري للدعاية والترويج لخطاباتهم وسياستهم والركوب على الحدث
ويؤكد محللون أن الجماعة حوّلت من سياساتها الصدامية بعد فشلها في التأثير على الشارع، وقررت اتباع إستراتيجية المحنة أملًا في تحقيق أهدافها بعيدة المدى، وذلك باستقطاب قطاع من الشعب للعمل لصالح الجماعة بشكل غير مباشر في الوقت الحالي وأوقات لاحقة، وما يؤكد هذه الفرضية، هو سماح الجماعة لأشخاص لا ينتمون للفكر الإخواني بالعمل في قنواتها ومؤسساتها سواء كانوا ليبراليين أو يساريين، ولا يلتزمون بالمظهر الإخواني ولا يستخدمون المصطلحات الإخوانية، لتأكيد فكرة وتوصيل رسالة مضمونها أن هذه القنوات تابعة لتيار معارض وليس لتنظيم إرهابي.
وقبل أشهر قليلة شن رموز الإخوان حملة لمقاطعة قناة “العربية”، بعد أن استطاعت القناة الإخبارية كسر السردية الإعلامية التي تسيطر عليها قناة الجزيرة القطرية وتقديم رواية مختلفة للأحداث تثير الجدل في أحيان كثيرة. وبموازاة هاشتاغ #مقاطعة_قناة_العربية برز هاشتاغ #قناة_العربية_تمثلني.
وكانت القنوات الإخبارية العربية بلغت من الأهمية ما جعلها إحدى الأدوات التي غيرت وجه الحراك السياسي في العالم العربي مع انطلاق ثورات 2011، حيث كانت هذه القنوات الوجهة الأولى للجمهور العربي بلا منازع.
يذكر أن قناة “العربية” فضائية إخبارية سعودية وجزء من مجموعة أم.بي.سي، تبث من العاصمة السعودية الرياض، وتهتم بالأخبار السياسية والرياضية والاقتصادية، وتضم القناة إعلاميين عربا وسعوديين وغربيين، شأنها شأن معظم القنوات العربية والأجنبية الأخرى.
وسبق لوزارة الداخلية التابعة لحركة حماس منع قناتي “العربية” و”الحدث” من العمل في قطاع غزة عدة مرات آخرها عام 2020. وقالت الحركة في تصريح، نشر على موقعها الإلكتروني حينها، “إن ما تقوم به قناة ‘العربية’ وغيرها ينسجم تماما مع سياسات الاحتلال الصهيوني ومخططاته المستمرة للعدوان على شعبنا، وشطب حقوقه التاريخية، ما يجعلها تقف مع الاحتلال صفا واحدا ضد شعبنا مع ما يترتب على ذلك من تداعيات في كل الاتجاهات”.