"ربيعيات أصيلة".. مشغل فني يجمع المواهب بألمع رواد الريشة

محترف يكسر الحواجز بين الفنانين والمتلقين بمختلف ثقافاتهم.
الثلاثاء 2024/04/30
تبادل للتجارب الفنية

تحولت أصيلة خلال النصف الثاني من شهر أبريل الجاري إلى محترف فني كبير جمع فنانين ومثقفين من المغرب وخارجه، لممارسة الفن التشكيلي والطباعة الحجرية، كل وفق تكوينه الفني والفكري في سعي منهم لتتويج جهود منتدى أصيلة في تعزيز الحراك الثقافي بالمدينة المغربية.

أصيلة (المغرب) - احتضنت مدينة أصيلة المغربية على مدى أسبوعين كاملين الدورة السادسة من محترف ربيعياتها، كمشغل فني بديع لصقل المواهب والاحتكاك بألمع رواد الريشة.

ويندرج هذا المحترف الفني المفتوح، الذي يشرف عليه الفنان عبدالقادر المليحي وشاركت فيه هذه السنة مجموعة من الفنانات والفنانين من المغرب والبحرين وبريطانيا، وخصص للصباغة التشكيلية والطباعة الحجرية (الليتوغرافيا)، في إطار سعي أصيلة الحثيث والمتواصل والذي يمتد لعقود من الزمن، لإبراز تنوع الثقافات وخصوصياتها التي تتقاطع في بعدها الإنساني والحضاري، وهو المسعى الذي يبدد كل الحواجز بين الفنان والمتلقي عبر جسور فنية راقية.

وفي هذا السياق، قال الأمين العام المساعد لمنتدى أصيلة توفيق لوزاري، في تصريح لوكالة المغربي العربي للأنباء، إن هذا التقليد “ربيعيات أصيلة”، الذي ينظم كل سنة وتنشطه مجموعة من الفنانين والفنانات من أصدقاء المغرب عامة وأصدقاء أصيلة على وجه التحديد، هو للاحتفاء بفصل الربيع، فصل الجمال والعطاء والبهاء والإلهام، وكذلك لإشراك المبدعين المعنيين، حسب اختياراتهم الشخصية وتصوراتهم، في تعزيز جاذبية ورونق وجمالية المدينة الأطلسية التي تتميز بحب ساكنتها للثقافة وللفنان.

هذا المحترف الفني يندرج في إطار سعي أصيلة لإبراز تنوع الثقافات وخصوصياتها التي تتقاطع في بعدها الإنساني والحضاري

وأشار لوزاري إلى أن الحدث الفني عرف هذه السنة مشاركة عدد من الفنانين من مدينة أصيلة ومن خارج مدينة أصيلة ويتميزون بأعمال متنوعة في مجال الصباغة التشكيلية وكذلك الطباعة الحجرية، مبرزا أن ما يتوخاه المنتدى من هذه المبادرة الفنية الخلاقة هو ربط جسر التواصل الدائم مع الفنانين في أفق الإعداد لمواسم أصيلة وأنشطتها الفنية الدائمة، ولكن أيضا توفير فضاء واسع وجميل وهادئ للفنانين والفنانات من مختلف بلدان العالم للاشتغال في جو يطبعه الفن في كل زاوية.

ولم يفت لوزاري الإشارة إلى أن برنامج ورش “ربيعيات الفن” يعد أيضا مناسبة لشباب المدينة من هواة الفن التشكيلي لصقل مواهبهم والاحتكاك بألمع فناني العالم.

ومن جهتها، قالت الفنانة التشكيلية سوسن المليحي، ابنة مدينة أصيلة، إن “ربيعيات أصيلة” هي عبارة عن ورشة فنية مفتوحة تمنح للجمهور الواسع فرصة الاستمتاع بإبداعات فنانين مغاربة وأجانب من مختلف المدارس التشكيلية، ما يجمعهم هو حب الفن وحب أصيلة وفضاءاتها الجميلة.

وأضافت أن ما يميز “ربيعيات أصيلة” أيضا هو أن كل فنان على حدة يشتغل بأسلوبه الخاص وبتقنياته الخاصة، معتبرة أن هذا التقليد الفني هو فرصة للفنانين أيضا للتعرف على بعضهم البعض والاطلاع على مختلف التجارب والخبرات الفنية.

وبالنسبة لعبدالقادر المليحي، المسؤول الفني عن هذا المختبر الفني المفتوح، وهو فنان تشكيلي من أبناء أصيلة، فإن النسخة السادسة من هذا الاحتفال الربيعي الذي دأبت أصيلة على احتضانه كل فصل ربيع سنويا، هو احتفال بالإبداع الإنساني أولا وقبل كل شيء، وهو احتفال بالفن التشكيلي ومختلف فنون الإبداع والمبدعين.

وأكد المليحي أن “ربيعيات أصيلة” هذه السنة مرت كسابقاتها في أجواء فنية بديعة في جو “حوار فني إبداعي مفتوح” تتوحد فيه لغة الإبداع رغم الاختلاف في اختيار المواضيع التي يشتغل الفنانون عليها.

وأضاف أن “ربيعات أصيلة” تشكل دوما فرصة لتبادل الآراء بين الفنانين ونظرتهم الى الواقع وتبادل التقنيات، مؤكدا أن جمال مدينة أصيلة وخصوصياتها وجغرافيتها وفضاءاتها الطبيعية والتاريخية المتنوعة شكلت دائما الملهم للكثير من الفنانين والفنانات لإبداع المزيد من اللوحات التي تبقى ذات رونق بديع قل نظيره.

وقد شاركت في هذه الاحتفالية الثقافية الفنانة لبنى الأمين من مملكة البحرين، بالإضافة إلى الفنانين المغاربة نرجس الجباري، سناء السرغيني، سوسن المليحي، سارة أحلالوم، سهيل بنعزوز، مولاي يوسف الكهفعي، مصطفى علمي، والفنانة المغربية شعة الخراز ديكينز المقيمة في بريطانيا.

أعمال هذه المحترفات الفنية تتوج بمعارض جماعية تعرض برواق مركز الحسن الثاني للملتقيات الدولية في أصيلة
أعمال هذه المحترفات الفنية تتوج بمعارض جماعية تعرض برواق مركز الحسن الثاني للملتقيات الدولية في أصيلة

وكانت أول دورة لـ”ربيعيات أصيلة” للفنون التشكيلية قد نظمت في ربيع عام 2016، وعرفت منذ ذلك التاريخ مشاركة متميزة لفنانين من المغرب والبحرين وإسبانيا وإيطاليا وفرنسا وبريطانيا.

وجرت العادة أن تتوج أعمال هذه المحترفات الفنية بمعارض جماعية تعرض برواق مركز الحسن الثاني للملتقيات الدولية في أصيلة.

هذه التظاهرة التي يحتضنها مرسم قصر الثقافة في أصيلة (شمال المغرب) التابع لمؤسسة منتدى أصيلة، انتظمت خلال الفترة الممتدة من 15 حتى 30 أبريل الجاري.

ولا يتوقف إشعاع موسم أصيلة الثقافي على دواخل المغرب بل يعم مختلف المنطقة العربية وأفريقيا وحوض المتوسط، من خلال لقاءاته الفنية والأدبية ومن خلال نداوته التي تناقش كل سنة موضوعات راهنة في الفكر والسياسة والأدب.

وقد منحت مؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية جائزة الإنجاز الثقافي والعلمي للدورة السابعة عشرة (2020  – 2021) لـ”مؤسسة منتدى أصيلة” لما تمثله من دور ثقافي وتنويري ساهم في الحراك الثقافي وأعطى زخما للحوار الفعال بين الثقافات، عبر مهرجانات ومواسم فكرية عززت التواصل بين الثقافات والحضارات من خلال الجمع بين نخبة من المفكرين والمبدعين والسياسيين والأكاديميين وغيرهم من رجال المعرفة حول العالم.

ولا تتوقف أنشطة المؤسسة على جنس فني بعينه إذ تعتني عناية خاصة بالفن التشكيلي والسرد والشعر وتفتح الثقافة بكل مكوناتها وفعالياتها على محيطها، بينما تدعو سنويا إلى فعالياتها أهم الأسماء الإبداعية، ما خلق حركة ثقافية كان لها انعكاس على الحركة الاجتماعية أيضا.

13