حميدتي يتمسك بالدفاع عن مواقعه بدارفور والسيطرة على الفاشر

الخرطوم - أكد قائد قوات الدعم السريع في السودان، الفريق الأول محمد حمدان دقلو "حميدتي"، الأحد، للمبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة رمطان لعمامرة، أن قواته ستواصل الدفاع عن نفسها في كافة الجبهات، في إشارة إلى تمسكه بالدفاع عن مواقع سيطرته وإحكام قبضته على مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، كما أبدى استعداده للتعاون مع الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية لتسهيل وصول المساعدات لجميع أنحاء البلاد.
وبحث دقلو في اتصال هاتفي مع لعمامرة تطورات الأوضاع في السودان والظروف الإنسانية الصعبة التي يواجهها الشعب السوداني وفق بيان نشره قائد قوات الدعم السريع على منصة إكس مساء الأحد.
ويأتي الاتصال في وقت يحشد كل من الجيش السوداني وقوات الدعم السريع هذه الأيام جنودهما في ولاية شمال دارفور للسيطرة على مدينة الفاشر عاصمة الولاية، استمرارا لصراعهما العسكري الذي دخل عامه الثاني، منتصف الشهر الحالي، وسط تحذيرات دولية من تبعات كارثية للمعركة المتوقعة في المدينة، والتي تمثل العاصمة السياسية والإدارية لإقليم دارفور غربي السودان.
وقد بدأت بالفعل موجات نزوح المواطنين من القرى المحيطة بمدينة الفاشر، والتي اقتحمتها الدعم السريع بعد سيطرتها على بلدة مليط على بعد حوالي 65 كيلومترا من الفاشر.
وقال حميدتي في البيان إنه "تطرق خلال مكالمة هاتفية مع رمطان لعمامرة، إلى الأوضاع في ولاية شمال دارفور وعمليات القصف الجوي المتعمد والممنهج بالبراميل المتفجرة على المدنيين الأبرياء التي طالت حتى الماشية".
وتتهم قوات الدعم السريع الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بتجاهل الجرائم التي يرتكبها الجيش عن طريق القصف الجوي للفاشر ومدن أخرى في الإقليم وتدميره للمنازل والمستشفيات ومحطات المياه والتسبب في نفوق الماشية المملوكة للمواطنين.
وكان حقوقيون قد أكدوا في وقت سابق أن عمليات القصف التي تكثفت بشكل كبير خلال الأسابيع الثلاثة الماضية، استهدفت بشكل ممنهج مناطق سكنية في الفاشر ومليط والجنينة ونيالا وعدد من مدن إقليم دارفور الذي تخضع 90 بالمئة من مناطقه لسيطرة قوات الدعم السريع.
وتحاصر قوات الدعم السريع مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، وسط مخاوف دولية متزايدة من خطورة الأوضاع في المدينة التي شهدت تحشيدا كبيرا من الجيش وقوات الدعم السريع خلال الأسابيع الماضية.
ويأتي تحرك قوات الدعم السريع باتجاه الفاشر ردّا على التصعيد الذي ينتهجه الجيش السوداني وسعيه إلى تأجيج الأوضاع في المناطق التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع.
وحرصت الدعم السريع طيلة الفترة الماضية على إبقاء الاشتباكات بعيدة عن المدنيين في المدينة، لكن الجيش السوداني والفصائل المتحالفة معه قاموا بمهاجمتها على مشارفها.
وتعدّ الفاشر مركزا تاريخيا للسلطة، فيما يثير القتال من أجل السيطرة على المنطقة مخاوف من تأجيج التوترات العرقية الناجمة عن النزاع الذي شهدته في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.
وأكد حميدتي للعمامرة أن "قوات الدعم السريع تمارس حقها المشروع في الدفاع عن النفس في مواجهة العدوان الذي ظلت تتعرض له منذ أول يوم في الحرب وستواصل الدفاع في كافة الجبهات".
ويتبادل الطرفان المتحاربان في السودان الاتهامات حول المسؤولية في عدم إيصال المساعدات الإنسانية في بلد تقول الأمم المتحدة إن نحو 25 مليونا من مواطنيه، أي نصف عدد السكان، بحاجة لمساعدات وإن ما يقرب من ثمانية ملايين نزحوا داخل البلاد وخارجها.
وقال برنامج الأغذية العالمي الأحد الماضي إن 90 بالمئة ممن يواجهون مستويات حرجة من الجوع في السودان محاصرون في مناطق القتال.
وأكد حميدتي في بيانه "في إطار رفع المعاناة الإنسانية عن شعبنا مستعدون للتعاون الكامل مع الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية المعنية لتسهيل وصول المساعدات الإنسانية لمستحقيها في جميع أنحاء البلاد".
ودعت السعودية، الأحد، الأطراف السودانية إلى الإسراع في الاتفاق بشأن "مشروع وقف الأعمال العدائية"، معربة عن قلقها من التصعيد العسكري في دارفور.
وأعربت الخارجية السعودية في بيان عن "بالغ قلق المملكة جراء تصاعد التوترات العسكرية في منطقة الفاشر شمال دارفور".
والفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، ومركز إقليم دارفور المكون من 5 ولايات، وأكبر مدنه، والوحيدة بين عواصم ولايات الإقليم الأخرى التي لم تسقط بيد قوات الدعم السريع في نزاعها المسلح ضد الجيش السوداني.
ويسيطر الجيش السوداني على الفاشر، وتُقاتل إلى جانبه حركات مسلحة وقعت اتفاق "سلام جوبا" مع الحكومة عام 2020، وعلى رأسها "قوات تحرير السودان" بقيادة مني أركو مناوي، وحركة العدل والمساواة بزعامة جبريل إبراهيم.
ومنذ منتصف أبريل 2023، يخوض الجيش السوداني بقيادة رئيس مجلس السيادة عبدالفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع حربا خلّفت نحو 15 ألف قتيل وأكثر من 8 ملايين نازح ولاجئ، وفقا للأمم المتحدة.
وجددت السعودية "دعوة الأطراف في السودان كافة إلى الالتزام بمخرجات محادثات جدة (...) من خلال الإسراع في الاتفاق حول مشروع وقف الأعمال العدائية وحل الأزمة عبر الحوار السياسي"، وفق البيان.
وسبق أن استضافت مدينة جدة محادثات برعاية سعودية أمريكية، في 11 مايو 2023، أسفرت عن أول اتفاق بين طرفي الحرب على الالتزام بحماية المدنيين.
كما تمكن مسار جدة من إعلان أكثر من هدنة، لكن وقعت خلالها خروقات عديدة وتبادل للاتهامات، ما دفع الرياض وواشنطن إلى تعليق المفاوضات في ديسمبر 2023.
وآنذاك فشل الطرفان السودانيان في التوصل إلى تفاهمات لوقف إطلاق النار، وتمسك الجيش بخروج "الدعم السريع" من المؤسسات الحكومية والأعيان المدنية ومنازل المواطنين، وهو ما رفضته الأخيرة.
ومنذ ذلك الوقت، تصاعد القتال وتمدد إلى مناطق إضافية، وشمل ولايات الخرطوم والجزيرة والنيل الأبيض وسنار إلى جانب ولايات دارفور (5 ولايات) وكردفان (3 ولايات).
وتزايدت دعوات أممية ودولية إلى تجنيب السودان كارثة إنسانية قد تدفع الملايين إلى المجاعة والموت؛ جراء نقص الغذاء بسبب القتال الذي امتد إلى 12 ولاية بالبلاد من أصل 18.
وكان مسؤولون كبار بالأمم المتحدة قد حذروا في مجلس الأمن الأسبوع الماضي من أن نحو 800 ألف شخص في الفاشر معرضون "لخطر شديد ومباشر" مع تفاقم أعمال العنف والتهديد "بإطلاق العنان لصراع طائفي دموي في جميع أنحاء دارفور".
والأوضاع الإنسانية بالغة التعقيد في السودان بشكل عام لكنها أشد وطأة في دارفور الإقليم الذي عانى لسنوات من حرب أهلية منذ 2003، حيث نشب نزاع مسلح بين القوات الحكومية وحركات مسلحة متمردة، أودى بحياة حوالي 300 ألف شخص، وشرد نحو 2.5 مليون آخرين، وفق الأمم المتحدة.