قانون الكبتاغون 2 ورقة ضغط أميركية على الأسد

واشنطن- أجاز مجلس الشيوخ الأميركي مشروع قانون مكافحة المخدرات المرتبط بالنظام السوري والذي يعرف بقانون “الكبتاغون- 2”، لتكون الخطوة التالية والأخيرة التوقيع عليه من قبل الرئيس جو بايدن ليصبح نافذا.
وقال “التحالف الأميركي لأجل سوريا” و“المجلس السوري- الأميركي” إن مشروع القانون الجديد حصل على موافقة 79 عضوا في مجلس الشيوخ مقابل رفض 18 فقط. ويرى مراقبون أن إقرار القانون الجديد يشكل ورقة ضغط إضافية للإدارة الأميركية على النظام السوري، لكن من المبكر الحديث عن فاعليتها.
ولطالما وجهت حكومات غربية ومنظمات دولية اتهامات لنظام الرئيس بشار الأسد بتحويل سوريا إلى مركز لتصنيع وتجارة المخدرات، ولاسيما حبوب الكبتاغون، من أجل الحصول على عوائد مالية.
وفرضت الولايات المتحدة خلال السنوات الأخيرة عقوبات على عدد من المسؤولين والمنتمين لعائلة الأسد بتهمة علاقتها بشبكات الاتجار بالمواد المخدرة، على غرار سامر كمال الأسد، ووسيم بديع الأسد، وخالد قدور القريب من قائد الفرقة الرابعة ماهر الأسد.
وجاء التصويت على مشروع القانون الجديد من ضمن حزمة تشريعات عاجلة تضمنت التصويت على مشاريع قوانين تجيز منح حزمة مساعدات عاجلة بقيمة 95 مليار دولار لكل من إسرائيل وأوكرانيا وتايوان وأثنى “التحالف الأميركي لأجل سوريا” في وقت سابق على وضع مشروع قانون “الكبتاغون- 2” ضمن حزمة التشريعات العاجلة تلك، ووصفها بالخطوة “غير المسبوقة”، و”أمر خارق للعُرف التشريعي” في الولايات المتحدة، ذلك أن المشروع تم تمريره لمجلس الشيوخ بعد أسبوع واحد فقط من المصادقة عليه في مجلس النواب.
◄ القانون سيستهدف شخصيات بارزة من عائلة الرئيس بشار الأسد، وأبرزها أخوه ماهر الأسد وقيادات في "الفرقة الرابعة"
وكان مجلس النواب الأميركي صوت الأربعاء الماضي، على مشروع القانون بأغلبية ساحقة هي 410 أصوات، مقابل رفض 13 عضواً فقط.
وقال مسؤول العلاقات الحكومية في التحالف الأميركي لأجل سوريا، محمد علاء غانم إن مشروع القانون يمنح الحكومة الأميركية صلاحيات جديدة وموسّعة لمحاسبة نظام الأسد وجميع الشبكات والأفراد المنخرطين في تجارة المخدرات أو تصنيعها أو تهريبها أو يستفيدون من ريعها، “مهما كانت الجنسية التي يحملونها“.
وأضاف غانم في تصريحات صحفية أن مشروع القانون جرى طرحه في يوليو 2023، على لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب بدعم من تحالف منظمات الجالية السورية، مشيراً إلى أنهُ أجيز حينها من المشرعين بالحزبين الديمقراطي والجمهوري بالإجماع بواقع 44 صوتاً لصالحه.
وأوضح أن مشروع القانون يهدف إلى إتمام الجهود التشريعية لمكافحة تجارة عائلة الأسد بمخدّرات “الكبتاغون”، والتي “تدرّ على النّظام أرباحاً تُقدّر بمليارات الدولارات”، عدا عن استخدامها “ورقة ضغط سياسية على الدول العربية التي يسعى النظام لإغراقها وشعوبها بالمخدّرات“.
وسبق إقرار مشروع القانون الجديد، قانون آخر يعرف بالكبتاغون 1، صدر في ديسمبر 2022 وجاء بمثابة صدّ عن تطبيع العلاقات مع حكومة الأسد وسعى لعزل النظام بهدف ممارسة الضغط عليه للالتزام بالقوانين والأعراف الدولية قبل إعادة الانضمام إلى المجتمع الدولي.
وبحسب تقرير بحثي لمركز “العدالة والمساءلة” في واشنطن، فإن القانون الأول استهدف إضعاف الشبكات التي تدعم البنية التحتية لشبكات المخدرات المرتبطة بالنظام السوري، لاسيما من خلال بناء قدرات الدول الشريكة. ونص ذلك القانون على تقييم إمكانيات استخدام السلطات المختلفة التي أنشأتها التشريعات الأميركية الحالية، ومنها قانون قيصر والتشريعات الأميركية الأخرى لمكافحة المخدرات.
وأجاز قانون الكبتاغون 1 الاستفادة من الدبلوماسية الأميركية والمؤسسات متعددة الأطراف لممارسة ضغط اقتصادي على الحكومة السورية، وتعطيل البنية التحتية لشبكات المخدرات المرتبطة بالأسد. في المقابل فإن قانون الكبتاغون 2 يركز على فرض عقوبات على كل من له علاقة بشبكات المخدرات، ويقول متابعون إن القانون الجديد سيستهدف شخصيات بارزة من عائلة الرئيس بشار الأسد، وأبرزها أخوه ماهر الأسد وقيادات في “الفرقة الرابعة” التي يقودها.
ونصّ مشروع قانون الكبتاغون 2 على أن الكونغرس اكتشف بأن التصنيع الضخم للكبتاغون وإنتاج مواده الأولية في مناطق سيطرة النظام، تطور إلى درجة “تهدد الأمنيْن الإقليمي والدولي”، وأن أطرافاً حكومية هم مهندسون رئيسون في هذه التجارة، وأن هناك مسؤولين رفيعي المستوى يصنعونه ويهربونه بالاستعانة بدعم فني ولوجستي من جماعات مسلحة مثل حزب الله اللبناني.
واعتبر عضو اللجنة الدستورية، محمد علي الصايغ، أن القانون الجديد ورقة للضغط مثلها مثل العديد من الأوراق التي أصدرتها الإدارة الأميركية بقرارات من الكونغرس، لافتا إلى أن هذه الأوراق بإمكانها أن تضغط نسبياً، وبالامكان تفعيلها أو غض الطرف عن تطبيقها وتنفيذها، وهي عصا فوق رؤوس الحكومات للضغط حسب المصلحة الأميركية في كل مرحلة من المراحل.
وأفاد بأنه إضافة إلى أن موضوع المخدرات ومنها الكبتاغون لا يرتبط بهذا النظام أو ذاك فقط، ومن يدير عملياته هي مافيات دولية تؤثر على السياسات، والإدارة الأميركية ليست بعيدة عن تأثيراتها.. وبالتالي فتلك المافيات تتحرك أيضا وفقا لأطماعها، وتعرقل أي قرار سياسي لا يخدم مصالحها.
ولفت الصايغ في تصريحات للمرصد السوري لحقوق الإنسان إلى أنه بكل الأحوال قد يشكل ورقة ضغط لكنه ولكنه لا يغير من المسار السياسي للدول، خاصة إذا كانت الأزمة مثل الأزمة السورية قد تم تدويلها ”وهي بحاجة لتوافق دولي لحلها”.
وتابع، ”معظم القرارات التي صدرت من الإدارة الأميركية ومجالسها بخصوص سوريا كقانون قيصر، والعقوبات على الأشخاص والمسؤولين والشركات، وحظر الكيماوي والكبتاغون، أغلبها تصيب الشعب السوري وتزيد معاناته، ولا تتأثر تلك الشخصيات أو القيادات كثيراً، وقد تم الالتفاف على الكثير منها”.
واعتبر أن محاصرة مسألة المخدرات (الكبتاغون) بحاجة لقرار دولي في مجلس الأمن، وإصدار ٱليات دولية لتنفيذه، وما دامت هناك دول مستفيدة من صناعة المخدرات ماليا وسياسيا، وترويجها للشعوب الأخرى من أجل الإمساك برقابها وتدجينها وإبقائها تحت رحمتها، فلا يمكن إنهاء مشكلة المخدرات. ورأى بأن القانون الجديد سيكون ذا مفعول محدود يرتبط بالسياسات الأميركية المعقدة والمتداخلة على أكثر من صعيد.