حماس تنازع للحفاظ على تأثيرها السياسي مع تراجع قوتها العسكرية

عباس يعيد تشكيل لجنة الانتخابات.. بعد حكومة اللون الواحد.
الاثنين 2024/04/22
لسنا متمسكين بالتمثيل المنفرد لغزة

أثرت الحرب الإسرائيلية المستمرة في قطاع غزة بشكل واضح على الروح المعنوية لقيادة حركة حماس، وإن كانت تحاول الظهور في ثوب المتماسك. ويقول مراقبون إن الضربات التي تلقاها الجناح العسكري للحركة خلال الأشهر الماضية، سيكون من الصعب ترميم أضرارها، ليس فقط عسكريا بل وأيضا سياسيا.

غزة - تستشعر قيادة حركة حماس خطر فقدان تأثيرها في المعادلة الفلسطينية بعد الخسائر الكبيرة التي تكبدها جناحها العسكري كتائب عزالدين القسام، خلال الحرب الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة منذ سبعة أشهر.

  وتحاول حماس تخفيف حجم الأضرار التي تعرضت لها حتى الآن جراء عملية طوفان الأقصى التي أقدمت عليها في السابع من أكتوبر، والتي ستنعكس حتما على حضورها السياسي، وهو ما تحاول التقليل من وطأته عبر التحركات الأخيرة لمكتبها السياسي، وإبداء انفتاح على التوافق مع باقي الطيف الفلسطيني على قاعدة الشراكة في إدارة القطاع.

في المقابل تعمل السلطة الفلسطينية على إعادة ترتيب أوراقها تمهيدا لمرحلة ما بعد الحرب في غزة، لكن بإجراءات شكلية حتى الآن، يرى كثيرون أن الهدف منها إيهام المجتمع الدولي ولاسيما الإدارة الأميركية بأنها ماضية في الإصلاحات.

وتستمد حماس قوتها من سيطرتها الميدانية على غزة، وقد تمكنت بفضل ذلك من أن تحكم قبضتها على مدى سنوات على الجيب الفلسطيني المحاصر، وفرض نفسها رقما صعبا في المعادلة الفلسطينية القائمة، مستغلة في ذلك أيضا ضعف السلطة الفلسطينية.

وتخشى حماس من أن تجهز إسرائيل على ما تبقى من مجموعات لكتائب القسام، في ظل إصرار إسرائيل على المضي قدما في مخطط اجتياح مدينة رفح جنوبي القطاع، الأمر الذي سيعني توجيه ضربات قاصمة للجناح العسكري للحركة الفلسطينية، وهو ما ستكون له تداعيات كبيرة مستقبلا على نفوذ الحركة.

وحذر رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية خلال زيارة إلى تركيا، من اعتزام إسرائيل مهاجمة رفح، وقال “على جميع الدول الأشقاء في مصر وتركيا وقطر وكل الدول الأوروبية وغيرها ذات الصلة المباشرة، التحرك من أجل لجم العدوان الإسرائيلي ومنع الدخول إلى رفح، بل وضرورة الانسحاب الكامل من قطاع غزة وإنهاء العدوان”.

تصريحات هنية تعكس تخوفا على مستقبل الحركة في القطاع، وإمكانية خسارة إنجازات راكمتها منذ العام 2007

وشدد هنية على أن “إدارة غزة يجب أن تتم بإرادة فلسطينية”، لافتا إلى أن “حماس ليست متمسكة بالتمثيل المنفرد، فنحن جزء من الشعب الفلسطيني ويمكن أن نبني حكومة وحدة وطنية وأن نتوافق على إدارة غزة على قاعدة الشراكة”.

وتعكس تصريحات هنية حالة من التخوف على مستقبل الحركة، وإمكانية خسارة إنجازات راكمتها منذ العام 2007 تاريخ سيطرتها على القطاع، بعد صراع مع غريمتها حركة فتح.

ويرى مراقبون أن حماس تحاول تفادي عملية تحييدها عسكريا وأيضا سياسيا وهو ما تصر عليه إسرائيل، التي تعتبر أنه لا مجال للقبول مستقبلا بأي تأثير للحركة داخل القطاع أو في الضفة الغربية.

  وجاءت تصريحات هنية في حوار نشرته وكالة الأناضول التركية الأحد وتحدث خلالها عما ستؤول إليه الأمور بالنسبة لإدارة قطاع غزة عقب انتهاء الحرب الإسرائيلية.

وقال رئيس المكتب السياسي لحماس “هناك خيارات وبدائل تطرح بوجود قوة عربية مثلا، وتسمى بعض الدول”.

وأضاف “نرحب بأي قوة عربية أو إسلامية إذا كانت مهمتها إسناد شعبنا الفلسطيني ومساعدته على التحرر من الاحتلال (إسرائيل)، أما أن تأتي قوة عربية أو دولية لتوفر حماية للاحتلال فهي بالتأكيد مرفوضة”.

وأردف “هناك بدائل طرحت ولكنها غير عملية ولا يمكن أن تنجح”. وشدد هنية على أن “هذه قضايا (إدارة غزة) وطنية ولن نسمح للاحتلال أو غيره بترتيب الوضع الفلسطيني في غزة أو الضفة أو كليهما”.

ومنذ اندلاع الحرب في قطاع غزة، شكل الحديث عن مستقبل القطاع ما بعد انتهائها أحد المحاور الرئيسية في النقاشات بين القوى المتدخلة في الصراع، وقد طرحت الإدارة الأميركية جملة من السيناريوهات ومنها إعادة تأهيل للسلطة الفلسطينية، لكن حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو رفضت بشدة أن يكون للسلطة أي دور مستقبلي في غزة.

ويرى مراقبون أن موقف نتنياهو حيال السلطة الفلسطينية المنبثقة عن منظمة التحرير لا يعدو كونه محاولة للهروب إلى الأمام، وأن الأخير يناور لكنه سيقبل في النهاية بهذا الطرح، بشرط أن لا يكون لحماس أي دور مستقبلي في إدارة القطاع.

ويشير المراقبون إلى أن الإشكال يكمن في مدى قبول سكان غزة بالسلطة الفلسطينية في ثوبها الراهن، وهو ما تحاول الإدارة الأميركية تداركه عبر الضغط على الرئيس محمود عباس لإجراء إصلاحات.

ويقول المراقبون إن عباس والطبقة المحيطة به، ليسوا متحمسين لأي إصلاحات حقيقية تكون محل قبول الفصائل أو الشارع الفلسطيني، مشيرين إلى أن كل تحركاته والإجراءات المتخذة حتى الآن من تشكيل حكومة تحمل لونا واحدا (فتح)، بالرغم من الحديث عن أنها حكومة تكنوقراط، وصولا إلى إعادة تشكيل لجنة الانتخابات المركزية، كلها محاولات ذر رماد على العيون ولا تلقى قبولا في الداخل الفلسطيني، لأنها وليدة قرارات فردية.

 وذكرت وكالة الأنباء الرسمية الفلسطينية “وفا” السبت أن عباس “أصدر مرسوما رئاسيا بشأن إعادة تشكيل لجنة الانتخابات المركزية، برئاسة رامي وليد كامل حمدالله”.

وبحسب الوكالة، تضم اللجنة في عضويتها كلا من لميس العلمي، مازن سيسالم، خولة الشخشير، شكري النشاشيبي، إسحاق مهنا، ياسر موسى حرب، يوسف عوض الله وأحمد الخالدي.

وتحدث عباس خلال استقباله لكامل حمدالله عن “الدور الهام والمركزي للجنة الانتخابات في تكريس أسس الديمقراطية في الحياة السياسية الفلسطينية”.

منذ اندلاع الحرب في قطاع غزة، شكل الحديث عن مستقبل القطاع ما بعد انتهائها أحد المحاور الرئيسية في النقاشات بين القوى المتدخلة في الصراع

وأشاد أيضا بـ”الجهود التي بذلها حنا ناصر رئيس اللجنة السابق، وحرصه على دور واستقلالية عمل اللجنة وحيادها”.

وقال “نتمنى أن تتوفر الأجواء السياسية المناسبة لإجراء الانتخابات العامة في جميع الأراضي الفلسطينية في قطاع غزة والضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، لتكريس النهج الديمقراطي في النظام السياسي الفلسطيني”.

ويثير قرار عباس بإعادة تشكيل لجنة الانتخابات تساؤلات حول المغزى من الخطوة الآن، وهل أن الوضع الفلسطيني الراهن يسمح بإجراء انتخابات عامة في ظل الحرب في غزة، وهل ستكون هذه اللجنة محل قبول فلسطيني أم ستعزز حالة التشرذم والانقسام، خاصة وأنه لم يجر التوافق مسبقا بشأن تركيبتها.

وترأس حمدالله، الذي يشغل حاليا منصب نائب رئيس مجلس أمناء جامعة النجاح الوطنية، الحكومة الفلسطينية السابعة عشرة (حكومة التوافق الوطني) بين عامي 2014 و2019. وتتولى لجنة الانتخابات المركزية مسؤولية تخطيط وإدارة وتنفيذ كافة العمليات الانتخابية: الرئاسية والتشريعية والمحلية، وتنظيمها والإشراف عليها ومراقبتها واتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لضمان نزاهتها وحريتها، وفق ما هو منصوص عليه في نظامها الأساسي.

وأجريت آخر انتخابات رئاسية عام 2005، كما أجريت ثاني وآخر انتخابات تشريعية عام 2006، فيما أجريت آخر انتخابات محلية عام 2021.

وتنص قوانين الانتخابات الفلسطينية على إجراء الانتخابات المحلية والتشريعية والرئاسية كل أربع سنوات، ولا تجيز انتخاب الرئيس لأكثر من ولايتين متتاليتين من تاريخ انتخابه.

وساهم الانقسام المستمر بين حركتي فتح وحماس منذ عام 2007 في عدم التوافق على إجراء الانتخابات الفلسطينية في مواعيدها.

2