معرض الكتاب المغاربي بوجدة يناقش قضايا الأدب والهجرة وأفريقيا

وجدة (المغرب) - اختتمت الأحد الحادي والعشرين من أبريل فعاليات الدورة الرابعة للمعرض المغاربي للكتاب "آداب مغاربية" التي تنظمها وكالة تنمية جهة الشرق.
واستمر المعرض منذ السابع عشر من الشهر الجاري تحت شعار "الكتابة والزمن"، وهو يسعى إلى المساهمة في الإشعاع الثقافي لمدينة وجدة، لاسيما وأنه عرف مشاركة كتاب وباحثين وروائيين وفنانين وشعراء من بلدان إفريقية وعربية وأوروبية، إلى جانب حضور 31 دار نشر، حيث عرض الناشرون المغاربة والأجانب إصداراتهم الجديدة.
وتضمن برنامج هذه التظاهرة إقامة فضاءات متعددة لمقاهي أدبية وتنظيم ورشات عمل لفائدة الشباب والأطفال، وأمسيات شعرية، إلى جانب أنشطة ثقافية موازية بمؤسسات جامعية وتربوية وبالمؤسسة السجنية، ضمنها معرض تشكيلي برواق الفنون "مولاي الحسن" بمشاركة فنانين ينتمون لجهة الشرق، وذلك تحت شعار "الكتابة الفنية والزمن".
وقدم المعرض عددا من الندوات النقدية والهامة حول قضايا الأدب والثقافة الراهنة. من بين ندوات المعرض ندوة سلطت الضوء على ظاهرة الهجرة ودور الجاليات في المجتمعات المضيفة. وسعى المشاركون في الندوة إلى تحليل الاختلافات بين رؤية الشمال والجنوب في علاقتهما بالهجرة، مبرزين مساهمتها في إثراء البلدان المضيفة.
وتطرقوا للجوانب التاريخية الرئيسية التي تغذي أطروحات مثل "الاستبدال الكبير"، مبرزين الرؤية المحدودة والخطابات الإعلامية والسياسية السائدة في المجتمعات الغربية اتجاه المهاجرين ولاسيما الأفارقة، والتي تصور الهجرة الأفريقية على أنها مصدر كل المشاكل التي تعاني منها بلدان الاستقبال. وأشاروا في هذا الصدد، بشكل خاص، إلى ثقل التاريخ الاستعماري في تشكيل الخطاب الحالي تجاه المهاجرين.
وأكد أستاذ علم الاجتماع بجامعة "إيكس" بمرسيليا، مصطفى الميري، في تصريح للصحافة، أن موضوع الهجرة مهم بالنسبة إلى المغرب ولإفريقيا برمتها. وأضاف “كلما تطورت البلدان، زاد تعليمها، وتمكن سكانها من الوصول إلى السلع والخدمات، وزادت الحركة”، معتبرا أن استيفاء هذه الشروط يزيد من وصول الشباب إلى فكرة الحرية.
وشدد الميري، على أن “حركة الهجرة في أفريقيا هي حركة تنمية وليست حركة تخلف”. وشكل موضوع “متعة الكتاب الأول”، محور ندوة أخرى في إطار فعاليات الدورة الرابعة للمعرض المغاربي للكتاب، لتسليط الضوء على الأثر الذي يخلفه الإصدار الأول عن الكاتب.
وأبرز هذا اللقاء الأدبي، الذي عرف مشاركة كل من الكتاب الحسن بنمونة، وندى حجاري، وأمينة خربوع، الظروف التي تدفع الكاتب إلى الكتابة وعلاقة الكاتب الأول بإصداره الأول. وأوضح المتدخلون في الندوة أن كل كاتب يكتب لأنه يجد متعته في الكتابة، مشيرين في الوقت ذاته إلى أن الكاتب لا يختار قراءه، بل القارئ هو من يختار الكاتب، من خلال اختياره لنوع الكتاب الذي يجد فيه متعة القراءة.
وأبرزوا الدور المهم للمتلقي بالنسبة للكاتب، في تشجيعه على الاستمرار والإبداع، على الرغم أن المتلقي قد يكون في بعض الأحيان، قاسيا مع الكاتب الأول عبر انتقاد نصه بشكل كبير.
وبخصوص علاقة الكاتب الأول بناشره الأول، أبرز المتدخلون أن نشر الكتاب الأول يكون دائما معقدا وصعبا بالنسبة للكاتب الأول، حيث غالبا ما يجد نفسه مجبرا على نشر الكتاب على نفقته الخاصة، مشيرين إلى أن نشر الكتاب الأول، بالصعوبات والعراقيل التي ترافقها، هي مسألة عادية يتجاوزها الكاتب بشكل تدريجي.
◙ المشاركون سعوا في الندوة إلى تحليل الاختلافات بين رؤية الشمال والجنوب في علاقتهما بالهجرة مبرزين مساهمتها في إثراء البلدان المضيفة.
كما تناولت ندوة علمية بعنوان “الأدب الأفريقي بين التحديات والرهانات” مسألة لغة الكتابة والصعوبات المرتبطة بالترويج ونشر المؤلفات، إذ اعتبر المشاركون فيها أن الأدب الأفريقي يتميز بالتعددية المتفردة، مستفيدا من مجموعة متنوعة من العوامل والجوانب الثقافية والتاريخية والفلسفية.
وأشار المتحدثون في هذه الندوة إلى أنه من المتوقع في الكثير من الأحيان أن يتحدث الكتاب الأفارقة عن مواضيع محددة مثل الهجرة، مع الدعوة إلى إنشاء رابط بين الأدب والفلسفة، وكذلك بين الأدب والسياسة.
وسجلوا أيضا أن أفريقيا هي قارة الحاضر والمستقبل، داعين إلى تعزيز ظهور المؤلفين الأفارقة. أما بالنسبة إلى المشكلة اللغوية، فأبرزوا أنه من الضروري الآن أن تكون هناك “علاقة غير مقيدة” مع اللغات المستخدمة في كل مكان تقريبا في إفريقيا.
وكان زوار المعرض في دورته الجديدة على موعد مع العديد من الموائد المستديرة، باللغات العربية والأمازيغية والفرنسية، تناقش مواضيع تهم، على الخصوص، “الكتابة والزمن”، و”زمن الإسلام” و”الجاليات والهجرة”، و”العالم والرقمنة”، و”نقد المعرفة”، و”الشعر في زمن الأزمات”، و”الآداب الإفريقية”، و”القصة في العالم العربي”، و”الرواية العربية بين اللغة والمجتمع”، و”سفر في الترجمة”.
ويسعى المعرض، الذي تنظمه وكالة تنمية جهة الشرق بشراكة مع وزارة الشباب والثقافة والتواصل – قطاع الثقافة، إلى أن يصير موعدا أساسيا لحوار الثقافات والحضارات، حيث يلتقي الإبداع المغربي مع المشترك الكوني من أجل مستقبل يسوده السلام.
وقد نوه وزير الشباب والثقافة والتواصل المغربي، محمد المهدي بنسعيد بتنظيم هذه التظاهرة الثقافية “المتميزة بمضامينها العميقة والواعدة”، معربا عن شكره للمنظمين على “العناية بالثقافة والفكر وحاملهما الوفي، الكتاب، الذي لا ندخر جهدا في تبويئه ما يستحق من عناية واحتفاء”.
وأوضح الوزير أن شعار الدورة “الكتابة والزمن” يعد شعارا عميقا للاحتفاء بالثقافة، و”يرسم علاقتنا بالزمن وما تسعى لتركه من أثر مكتوب”، مشيدا بمشاركة رواد هذا الملتقى الأدبي الاحتفاء في عاصمة الجهة الشرقية بالكتاب في رهاناته المغاربية.