قطر تناور منتقديها فقط ولن تتخلى عن دور الوساطة بين إسرائيل وحماس

قطر ترتبط بعلاقات وثيقة مع حماس ودورها يبدو أكثر تأثيرا من دور مصر وإذا انسحبت من المحادثات، فستخضع لمزيد من الضغوط لطرد قادة حماس من أراضيها.
الجمعة 2024/04/19
تصريحات رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري ليست سوى تعبير عن استياء بلاده من الانتقادات في واشنطن وإسرائيل

الدوحة - لوحت قطر ضمنا باحتمال تخليها عن دور الوسيط في مفاوضات الهدنة في غزة وأزمة الرهائن الإسرائيليين في ما يبدو ردا على ما تواجهه من اتهامات وضغوط أميركية وإسرائيلية.

وتذهب أغلب التحليلات إلى أن الأمر لا يتعدى مجرد المناورة السياسية وهجوما عكسيا على منتقديها في واشنطن وإسرائيل وأنه من غير الوارد أن تتخلى الإمارة الخليجية الصغيرة عن أحد أسس دبلوماسيتها الناعمة التي أبرزتها كلاعب إقليمي ودولي قادر على حل الأزمات في منافسة لأدوار قوى إقليمية أخرى، فيما اعتبر خبراء أن موقف الدوحة هو احتجاج أكثر مما هو تهديد فعلي.

ومع إعلان قطر عزمها على إعادة تقييم دور الوساطة الذي تقوم به بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية بعد أكثر من ستة أشهر على اندلاع الحرب بينهما، ازدادت المخاوف بعد أشهر من المفاوضات غير المثمرة من أجل إحلال هدنة وإطلاق سراح الرهائن المحتجزين في قطاع غزة.

ومنذ اندلاع الحرب في قطاع غزة في 7 أكتوبر مع شن حماس هجوما غير مسبوق على إسرائيل التي ردت بحملة قصف مدمرة وعمليات برية واسعة النطاق، أدت الدوحة التي تستضيف رئيس المكتب السياسي للحركة إسماعيل هنية، دورا محوريا في المفاوضات إلى جانب الولايات المتحدة ومصر.

ونجحت الإمارة الخليجية التي تؤوي أكبر قاعدة عسكرية أميركية في المنطقة، في انتزاع هدنة لأسبوع في أواخر نوفمبر، أتاحت إطلاق سراح حوالي مئة رهينة من أصل 250 شخصا خطفوا من جنوب إسرائيل خلال هجوم حماس، مقابل إطلاق سراح معتقلين فلسطينيين في السجون الإسرائيلية.

غير أن كل المساعي لإحلال هدنة ثانية فشلت منذ ذلك الحين. وإزاء الانتقادات الصادرة بصورة خاصة عن إسرائيل، أعلن رئيس الوزراء القطري وزير الخارجية محمد بن عبدالرحمن آل ثاني الأربعاء أن الدوحة "تقوم بعملية تقييم شامل لدور" الوساطة الذي تقوم به، ما يثير أسئلة حول الأسباب التي تقف وراء الاستياء القطري.

ورفضت قطر مرارا انتقادات إسرائيلية لا سيما من رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو. كما حملت السفارة القطرية في واشنطن الثلاثاء على تصريحات للنائب الديمقراطي الأميركي ستيني هوير دعا فيها الولايات المتحدة إلى مراجعة علاقاتها مع قطر، متهما الإمارة بعدم ممارسة ضغوط كافية على حماس للتوصل إلى إطلاق سراح الرهائن.

وندد الشيخ محمد بـ"استغلال وإساءة مرفوضة" وبـ"مزايدات سياسية من بعض السياسيين من أجل حملاتهم الانتخابية من خلال الإساءة لدور قطر"، مؤكدا أن بلاده "ستأخذ القرار المناسب في الوقت المناسب" بشأن مواصلة جهود الوساطة أو وقفها.

ورأى جيمس دورسي الباحث في معهد الشرق الأوسط في جامعة سنغافورة الوطنية أن قطر تسعى من موقفها "للردّ" على الانتقادات ولا "تنوي جديا التخلي عن دورها كوسيط"، وهو دور يعتبر "من الركائز الأساسية لسياسة القوة الناعمة التي يعتمدها البلد".

وقال إن قطر أرادت أن تستهدف بصورة رئيسية "إسرائيل وبنيامين نتنياهو وأنصاره في الكونغرس الأميركي" لكنها أرادت أيضا "الضغط على إدارة (الرئيس الأميركي جو) بايدن لحضها على الدفاع عن الدوحة".

ولفت أندرياس كريغ خبير شؤون الشرق الأوسط في كلية كينغز كولدج في لندن إلى أن الدوحة لعبت "دورا حاسما" لانتزاع الهدنة في نوفمبر، وهي "مستاءة لعدم اعتراف الجميع وخصوصا إسرائيل بذلك"، غير أنه من المستبعد برأيه أن "تنسحب من جهود الوساطة" بعدما "استأثرت بالعلاقة" مع حماس.

وقتل 1170 شخصا غالبيتهم مدنيون في هجوم حماس على إسرائيل. ومن أصل المخطوفين الـ250، ما زال 129 رهينة محتجزين في غزة، قضى 34 منهم وفقاً لمسؤولين إسرائيليين.

وفي المقابل، أدى القصف الإسرائيلي والهجمات البرية في قطاع غزة إلى سقوط 33970 قتيلا غالبيتهم من النساء والأطفال، وفق وزارة الصحة في حكومة حماس.

وباتت قطر قناة التواصل الرئيسية مع حماس التي تقيم مكتبها السياسي في الدوحة منذ 2012.

وقال أندرياس كريغ إن الدوحة  "لا غنى عنها" في جهود الوساطة لأن المصريين لا يملكون "إمكان التواصل" ذاته مع حماس، فيما أكد دورسي أنه "إن انسحبت قطر من المحادثات، فستخضع لمزيد من الضغوط لطرد حماس من أراضيها".

وفي حال خرجت حماس من قطر، تبدو الجزائر ولبنان وإيران مقرا محتملا لقيادتها السياسية. وتساءل الخبير في حال انتقال المكتب السياسي إلى إيران، "إلى من سيتوجه الأميركيون والإسرائيليون للوصول إلى حماس؟". ورأى أن تركيا التي يزورها هنية في نهاية الأسبوع قد تؤدي أيضا دور وساطة.

وتتبادل إسرائيل وحماس الاتهامات بإحباط اقتراح طرحه الوسطاء ينص على هدنة من ستة أسابيع وعلى إطلاق سراح 42 رهينة إسرائيلية في مقابل إطلاق سراح 800 إلى 900 فلسطيني في السجون الإسرائيلية.

وتطالب حماس بوقف نهائي لإطلاق النار وسحب إسرائيل قواتها من كل أنحاء قطاع غزة والسماح بعودة النازحين وزيادة تدفق المساعدات.

واتهم جهاز الاستخبارات الخارجية الإسرائيلي (الموساد) حماس بأنها "لا تريد اتفاقا إنسانيا ولا عودة الرهائن".