قطر تحس بورطة الرهان على حماس

الدوحة تسعى لإظهار أنها تُحسب على معسكر السلام ما يثير غضب الإسرائيليين عليها.
الخميس 2024/04/18
مصير حماس يلقي بثقله على قطر وتركيا

الدوحة / واشنطن – تحث قطر الخطى لاحتواء وضع دبلوماسي حرج تواجهه في علاقتها مع الولايات المتحدة وإسرائيل. وعقد رئيس الوزراء ووزير الخارجية الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني مؤتمرين صحفيين لتبرير مواقف بلاده بعد يوم من نشر السفارة القطرية في واشنطن رسالة دافعت فيها عن علاقتها بحماس.

وسعى الشيخ محمد بن عبدالرحمن لإظهار أن بلاده تُحسب على المعسكر الذي يدعو إلى السلام وأنها تُستهدف الآن ليس لأنها مولت حماس، سواء بترتيب مع الأميركيين أو مع الإسرائيليين، فحسب بل لأن الإسرائيليين يرون فيها طرفا منحازا في المفاوضات.

وقال رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري في مؤتمر صحفي مع وزير الخارجية التركي هاكان فيدان “نقيم حاليا دور الوساطة في ملف غزة ونرفض الاستغلال السياسي له وسنعلن قرارنا في الوقت المناسب”، مضيفا “ملتزمون بدورنا البنّاء والإيجابي بمفاوضات الوساطة لوقف الحرب في غزة، لكن الخلافات كانت واسعة”.

ويهدف تركيز القطريين على المفاوضات إلى الإيحاء بأن بلادهم ابنة ستة أشهر من المفاوضات مع الفلسطينيين وليس سنوات طويلة من دعم حماس واستقبال قيادييها وإفساح المجال أمامهم للتحرك إعلاميّا وسياسيّا.

قطر تريد الإيحاء بأنها ابنة أشهر من المفاوضات مع الفلسطينيين وليس سنوات طويلة من دعم حماس

ويشعر القطريون بأنهم باتوا في وضع صعب في ظل اتهامهم برعاية حركة حماس ودعمها وعدم الضغط عليها، وهو ما يجعلهم في مرمى العقوبات الأميركية، وقد يدفع إلى إعادة فتح ملف علاقات الدوحة مع الحركات الإسلامية المصنفة أميركيا كجماعات إرهابية مثل حماس.

ولاقت الانتقادات التي وجهها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى قطر بعدم الضغط على حماس لتسهيل إطلاق سراح المحتجزين صدى في دوائر صنع القرار بالولايات المتحدة، وظهرت أصوات تطالب الدوحة بقطع التمويل عن حماس وطرد قادتها خارج قطر، محذرة من أن الأميركيين سيعيدون تقييم علاقتهم معها، ما قد ينتهي إلى مراجعة تصنيف قطر كدولة صديقة.

وهدد عضو الكونغرس ستيني هوير الاثنين بإعادة تقييم العلاقات الأميركية مع قطر إذا لم تضغط الدوحة على حماس لإطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين. وذكر النائب الديمقراطي أن قطر يجب أن تخبر حماس بأن هناك “تداعيات” إذا “واصلت الحركة عرقلة التقدم صوب الإفراج عن الرهائن والتوصل إلى وقف مؤقت لإطلاق النار”.

وفي رد سريع على هذه التهديدات، التي تعكس مزاجا عاما لدى السياسيين الأميركيين، بمن في ذلك من هم من حزب الرئيس جو بايدن، قالت السفارة القطرية في واشنطن إن تعليقات هوير “غير بنّاءة”، وإن “قطر وسيط فقط، لا نتحكم في إسرائيل أو حماس. وهما المسؤولتان الوحيدتان عن التوصل إلى اتفاق”.

ولم تلجأ الدوحة إلى الدفاع عن موقف حماس، وهو الموقف الذي تروج له في وسائل إعلامها لكسب تعاطف أنصار حماس والإخوان، ولكن سعت للنأي بنفسها عن الحركة وأفعالها والقول إنها مجرد وسيط يقوم بدوره بطلب من الولايات المتحدة في 2012.

وأضاف هوير في بيان “ينبغي للتبعات أن تشمل قطع التمويل المقدم إلى حماس أو رفض منح قادة حماس حق اللجوء في الدوحة. إذا فشلت قطر في ممارسة هذا الضغط، فإن الولايات المتحدة لا بد أن تعيد تقييم علاقتها مع قطر”.

ومن الواضح أن الدوحة تتبرأ من أي علاقة لها بحماس، ويمكن أن تنقلب عليها تحت الضغوط الأميركية والإسرائيلية وتمنع قادة الحركة من الظهور الإعلامي وتمهّد لإخراجهم من البلاد، ربما باتجاه لبنان تحت حماية حزب الله، وهو ما يتيح لإسرائيل مطاردتهم واستهدافهم كما فعلت مع صالح العاروري، أو باتجاه تركيا التي من المزمع أن يزورها إسماعيل هنية في الأيام القادمة، وقد تكون مغادرة الدوحة أحد مواضيع الزيارة.

ويعرف القطريون أن اللوبيات المناوئة لهم قوية، وسبق أن ظهر تأثيرها خاصة في فترة الرئيس السابق دونالد ترامب، وأن عودتها إلى الواجهة ستكون أمرا سهلا خاصة إذا ارتبط الأمر بمعاداة إسرائيل وتمويل حماس المصنفة في الولايات المتحدة حركة إرهابية، وأن اعتماد إدارة الرئيس بايدن على الدوحة في ملف أفغانستان لن يشفع لها أمام اللوبي الداعم لإسرائيل، وهو الأكثر نفوذا وتأثيرا.

لكن تحميل حماس مسؤولية التعطيل لن يحول دون التعامل مع قطر كداعم لها ومطالبتها بطرد قادة الحركة، وهو ما جاء على لسان هوير وكذلك على لسان رئيس لجنة الرقابة في مجلس النواب جيمس كومر، الذي قال إن الدوحة تدفع لحركة حماس 30 مليون دولار شهريا منذ عام 2018.

وفي مسعى لتبرئة الذات قالت السفارة في منشور على منصة إكس، ردا على كومر، إن “قطر لا تدفع لحماس”، وإن “نتنياهو شجع لسنوات الدعم المالي القطري للقطاع”، لافتة إلى أنه “بالتنسيق الكامل مع حكومة إسرائيل، ساهمت قطر بالمساعدات الإنسانية في غزة منذ عام 2018”.

وأشارت إلى شراء الوقود من إسرائيل بهدف تزويد محطة كهرباء غزة لتوليد الكهرباء في القطاع، تحت إشراف مكتب الأمم المتحدة لخدمات المشاريع، إذ أن الحكومة الإسرائيلية توافق على جميع عمليات نقل الوقود على حدود غزة.

وتريد الدوحة من وراء الزج بنتنياهو في مسألة تسهيل التمويلات لغزة، وبشكل غير مباشر لحماس، وربط إيوائها لقادة حماس بطلب واشنطن، أن تتجنب التصعيد ضدها من أنصار إسرائيل. ويتخوف القطريون من أن تطلق عليهم إسرائيل، التي لديها تأثير كبير في الداخل الأميركي، اللوبيات المؤيدة لها في واشنطن، ما يهدد مصالحهم الاقتصادية والمالية.

وكان منتدى الشرق الأوسط الذي يُحسب على اللوبي اليهودي الأميركي قد وجه رسائل إلى 12 شركة وصندوق تحوط، يحثها فيها على قطع علاقاتها الاستثمارية مع جهاز قطر للاستثمار.

وأطلق المنتدى حملة رقمية على موقعه الإلكتروني يحث من خلالها “شركات الاستثمار الأميركية والشركات الخاصة على قطع علاقاتها الاستثمارية مع قطر ردا على دعمها مذبحةَ حماس في إسرائيل”.

وتروج قطر لفكرة أنها هي نفسها محبطة مما يجري من تعطيلات لمسار الهدنة الذي يفترض أن يفضي إلى إطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين، وأن التقدم في المباحثات “بطيء، والنائب هوير ليس وحده من يشعر بالإحباط. لكن اللوم والتهديد ليسا بنّاءين”.

وقال رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري إن “المفاوضات تمر بمرحلة حساسة وتشهد بعض التعثرات”، وإن بلاده “تحاول التغلب على تلك التعثرات لوضع حد لمعاناة الفلسطينيين في قطاع غزة”.

1