أردوغان يرطب أجواء زيارته للعراق بحديث فضفاض عن حلحلة قضية المياه

حكومة أردوغان تسعى لأن تجعل من حربها ضدّ حزب العمال الكردستاني عاملا لصيقا بالتعاون الاقتصادي مع الجانب العراقي.
الخميس 2024/04/18
أردوغان سيرد الزيارة لكنه لن يحمل هدايا

بغداد- وضع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان حلّ الخلافات بين بلاده والعراق حول مشكلة المياه عنوانا بارزا لأهداف زيارته الوشيكة إلى بغداد، بينما رأت مصادر سياسية أنّ ذلك لا يعدو كونه مجرّد كلام سياسي فضفاض و”رسالة مجاملة” للمسؤولين العراقيين من قبل زعيم حزب العدالة والتنمية الذي تسعى حكومته من وراء تنمية العلاقات مع الجانب العراقي إلى تحصيل أكبر قدر ممكن من المكاسب الاقتصادية والأمنية، بينما لا تمثّل قضية المياه شيئا على جدول اهتماماتها، ولا ترى لها حلاّ خارج عملية المقايضة التي تسعى لفرضها على السلطات العراقية منذ سنوات.

ولم تفض مساع بذلها المسؤولون العراقيون لدى أنقرة على مدى سنوات لإقناع الحكومة التركية بتمكين العراق من حصته كاملة من مياه نهري دجلة والفرات، إلى نتيجة تذكر، بينما واصلت تركيا حجز المزيد من مياه النهرين في سدودها الضخمة لتلبية النهم المتزايد لمشاريعها التنموية الكبيرة ولتلبية طلب سكانها على المياه في ظل تناقص كمياتها جرّاء التغيرات المناخية التي بدأت بإحداث آثار كارثية على البيئة والزراعة ومختلف مظاهر الحياة في العراق.

◄ لا حل للخلافات بشأن مشكلة المياه خارج عملية المقايضة التي تسعى تركيا لفرضها على العراق منذ سنوات

وبدأ الملف خلال الفترة الأخيرة يتحوّل إلى مدار حراك نشط وتواصل كثيف بين الجانبين العراقي والتركي، لكن على مستوى التداول السياسي والحوار المنفصل عن أي إجراءات عملية، وذلك في إطار أشمل يتجاوز الملف بحدّ ذاته إلى وجود مخطط تركي للدخول بقوة إلى الساحة العراقية وتوسيع النفوذ داخلها والاستفادة منها اقتصاديا وأمنيا إلى أقصى قدر ممكن.

وتسعى تركيا تحديدا لأن تكون الطرف الأقوى في إنجاز واستثمار مشروع طريق التنمية الذي يتضمن مد طريق سيارة من عدة مسارات وخطا حديديا، ويربط الخليج العربي على مستوى جنوب العراق بالبحر المتوسّط عند الساحل التركي مرورا بالأراضي العراقية.

كما تسعى حكومة أردوغان لأن تجعل من حربها ضدّ حزب العمال الكردستاني الذي يتمركز مقاتلوه على أجزاء من شمال العراق، عاملا لصيقا بالتعاون الاقتصادي مع الجانب العراقي المدعو من قبلها إلى المشاركة بشكل فاعل في تلك الحرب التي تصنّفها كحرب ضد الإرهاب.

وسبق لأردوغان نفسه أن ربط بين الملفين بقوله إنّ طريق التنمية مهم لدول المنطقة وخاصة العراق وتركيا، مشدّدا على “أهمية العمل وفق مفهوم الكفاح المشترك ضد تنظيمات حزب العمال الكردستاني وحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي ووحدات حماية الشعب الكردي بالنسبة إلى السلام والاستقرار”.

وكعامل ثانوي ملحق بالملفين الاقتصادي والأمني، يمكن قطع خطوات محسوبة بدقة من قبل الجانب التركي في اتجاه تمكين العراق من جزء يسير من مطالبه في مجال المياه، علما أنّ تركيا تصف مشاريعها على نهري دجلة والفرات بالإستراتيجية وتعدّها جزءا لا يتجزّأ من خطتها التنموية الكبرى في مجال الصناعة والزراعة، ما يجعل تراجعها عن عملية الحجز المكثّف لمياه النهرين أمرا صعبا.

علي رضا غوناي: الجفاف ليس مشكلة العراق فقط إنما مشكلة تركيا والمنطقة بأكملها
علي رضا غوناي: الجفاف ليس مشكلة العراق فقط إنما مشكلة تركيا والمنطقة بأكملها

وتلخّص تعليقات سابقة للسفير التركي لدى العراق علي رضا غوناي مدى تشدّد موقف بلاده بشأن موضوع المياه، حيث حمّل السفير العراقيين مسؤولية المشكلة المائية التي يواجهونها قائلا إنّها ناتجة عن الهدر وسوء إدارة الموارد.

وقال غوناي في تعليقاته عبر منصة إكس إنّ “الجفاف ليس مشكلة العراق فقط إنما مشكلة تركيا والمنطقة بأكملها”. وأضاف أنّ “الطريقة الأكثر فاعلية لمكافحة هذه المشكلة ليست طلب المزيد من المياه من تركيا، بل استخدام المياه المتاحة بأكثر الطرق كفاءة، وترشيد استهلاك المياه بتحديث أنظمة الري والتخلي عن الري البدائي والقيام باستثمارات في البنية التحتية”، عارضا خدمات الشركات التركية لمساعدة العراق في ذلك.

ويظهر هذا المنظور أن كلام الرئيس التركي قبيل زيارته للعراق كلام سياسي بروتوكولي إلى أبعد حد، هدفه ترطيب أجواء الزيارة.

وقال أردوغان إنّ قضية المياه ستكون واحدة من أهم بنود جدول أعماله خلال زيارته للعراق. وأشار في تصريحات للصحافيين إلى أن المسؤولين في بلاده يدرسون طلبات تقدم بها الجانب العراقي بخصوص المياه، وسيسعون لحل هذه المشكلة.

وأضاف قوله “هم يريدون منا حل المشكلة وستكون خطواتنا بهذا الاتجاه. وهناك أيضا قضايا تتعلق بتدفق الغاز الطبيعي والنفط إلى تركيا، وسنسعى إلى معالجتها أيضا”.

كما ألمح الرئيس التركي إلى إمكانية زيارة أربيل مركز إقليم كردستان العراق عقب انتهاء مباحثاته في العاصمة بغداد.

وتتخذ تركيا موقفا شديد المعارضة لحصول أكراد المنطقة على أي كيان سياسي خاص بهم، لكنّها تجد نفسها مضطرة إلى التعامل مع سلطات إقليم كردستان العراق كأمر واقع، وقد اتّجهت مؤخّرا إلى محاولة توظيف قدراتهم الأمنية والعسكرية في حربها ضد حزب العمال الكردستاني خصوصا أنّ أجزاء من الإقليم تمثّل مواقع تمركز رئيسية لمقاتلي الحزب.

3