السعودية تستعين بالجمهور في الرقابة على الإعلام الرقمي

حزمة واسعة من المحظورات مع الحرص على نشر خطاب يتماشى مع الانفتاح.
الاثنين 2024/04/15
المواطن العين الثالثة للسلطات

تسعى السلطات المعنية بقطاع الإعلام في السعودية لإشراك رواد مواقع التواصل الاجتماعي في الرقابة على المخالفات الإعلامية، وتتضمن القائمة حزمة واسعة من المحظورات تتعلق بخطاب الكراهية والتعصب الرياضي والمس بالشريعة والإضرار بمصالح المملكة مع الدول.

الرياض - طالبت وزارة الإعلام السعودية رواد مواقع التواصل الاجتماعي، ومتابعي الإعلام بوسائله كافة، الإبلاغ عن أي محتوى إعلامي يمش جملة من المحظورات الدينية والاجتماعية والرياضية والسياسية في نهج يشير إلى رغبة السلطات في إشراك الجمهور في الرقابة على الإعلام.

وتحت عنوان “نتشارك معا مهمة الارتقاء بما يعرض ويشاهد ويتداول”، طالبت الوزارة المواطنين بالإبلاغ عن أي محتوى إعلامي مخالف. وقالت في بيان عبر صفحتها على موقع إكس، إن أي محتوى يمس ثوابت الشريعة الإسلامية، ويثير النعرات والكراهية، ويحرض على العنف ويمس بكرامة الأشخاص، ويشجع أو يؤدي إلى العنف، ويؤجج التعصب الرياضي، ولا يحافظ على حقوق الملكية الفكرية، أو يتضمن معلومات كاذبة، ويخل بالنظام العام والأمن الوطني، يخل بالآداب العامة، ويستخدم لغة مبتذلة، يمكن أن يتم الإبلاغ عنه من خلال رابط.

كما حثت الهيئة العامة لتنظيم الإعلام، على الإبلاغ عن أي محتوى إعلامي يسيء إلى علاقات المملكة بالدول، وفق ما ذكرت قناة الإخبارية.

وتتولى الهيئة “تنظيم المحتوى الإعلامي الذي يُنتج أو يُنشر أو يُعرض أو يُبثّ من خلال وسائل الإعلام ويمكن الوصول إليه من داخل المملكة، وتصنيفه، والمساهمة في رفع جودته بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة وفقاً لما تحدّده اللائحة”، وذلك بحسب المادة 5 من النظام.

الهيئة العامة لتنظيم الإعلام تطالب المتابعين بالإبلاغ عن أي محتوى إعلامي يسيء إلى علاقات المملكة مع بقية الدول

وتحرص السعودية على نشر خطاب منفتح يتماشى مع التطورات التي تشهدها على الصعد الاجتماعية والترفيهية، لكن مازالت العديد من المواضيع تمثل انتهاكات غير مسموح بها وتعتبر جرماً.

ومن المنتظر إقرار مشروع نظام الإعلام السعودي، الذي يهدف إلى “تنظيم قطاع الإعلام وأنشطته المختلفة وتطويرها، وتنظيم وضع العاملين فيها ومن في حكمهم”، إضافة إلى “تنظيم المحتوى الإعلامي كاملاً والمساهمة في رفع جودته”، من بين أهدافٍ أخرى.

لكن منتقدين يرون أن هناك ضبابية في آلية عمل الهيئات الموكلة إليها مهمة “تنظيم المحتوى الإعلامي”، وتؤشّر إلى قيود جديدة سوف تفرض على العمل الإعلامي والصحافيين.

وأعلنت الهيئة العامة لتنظيم الإعلام في السعودية، في نوفمبر الماضي عن طرح مشروع نظام الإعلام للاستفادة من آراء العموم والمهتمين وذلك على منصة “استطلاع” التابعة للمركز الوطني للتنافسية، فيما تضمنت بنوده قائمة من المحظورات التي تشير إلى الرقابة أكثر منها إلى الضبط والتنظيم.

وأوضح الرئيس التنفيذي المكلف للهيئة العامة لتنظيم الإعلام عبداللطيف العبداللطيف أن طرح مشروع النظام للاستطلاع يأتي انطلاقاً من دور الهيئة في تنظيم وتمكين قطاع الإعلام.

وأكد العبداللطيف أن المشروع يعد ضمن حزمة مشاريع تطوير البيئة التنظيمية للقطاع الإعلامي، بما يؤمل أن يعزز تنافسية قطاع الإعلام لصالح جودة المحتوى الإعلامي، ويخلق بيئة داعمة للمواهب وجاذبة للمستثمر، داعيا عموم المهتمين والمتخصصين والشركاء إلى الاطلاع على مشروع النظام.

ويلتزم الخاضعون لأحكام النظام واللائحة بالتقيّد بضوابط المحتوى الإعلامي، وعلى وجه الخصوص عدم التعرض إلى ما من شأنه المساس بثوابت الشريعة الإسلامية، وعدم المساس بالملك أو ولي العهد. كذلك عدم بث أو نشر ما من شأنه الإخلال بالنظام العام أو الآداب العامة، وعدم بث أو نشر ما من شأنه تشجيع الإجرام، أو التحريض على العنف والإرهاب وتهديد السلم المجتمعي والأمن الوطني أو الدولي.

ومن ذلك عدم بث أو نشر ما من شأنه استحسان المخدرات والمؤثرات العقلية ومنتجاتها، والإضرار بالاقتصاد الوطني أو العملة الوطنية.

كما يلتزم الخاضعون لأحكام النظام واللائحة بعدم بث أو نشر ما من شأنه الإساءة إلى علاقات المملكة بالدول الإسلامية أو العربية أو الصديقة، وعدم التعدي على حرمة الحياة الخاصة للأفراد، والمساس بالسمعة والكرامة والتجريح والإساءة الشخصية لأي شخص من ذوي الصفة الطبيعية أو الاعتبارية. إضافة إلى عدم بث أو نشر ما من شأنه إثارة النعرات والفرقة والكراهية بين المواطنين أو المقيمين، ووقائع التحقيقات أو المحاكمات دون الحصول على إذن من الجهة المخولة نظاما، وعدم التعدي على حقوق الملكية الفكرية، وعدم نشر أو بث ما يتضمن معلومات كاذبة.

ولم يُفسّر النظام دلالات الإجراءات التي يحقّ للهيئة اتخاذها وفقاً للمادة 5، فكلمة “تنظيم” تتراوح بين تعديل وقت بثّ المادة الإعلامية أو منع عرضها في الأساس، كما أنّ الأمر نفسه ينطبق على مصطلح “تصنيفه”، وكيف يمكن أن تساهم الهيئة في ”رفع جودة” محتوى إعلامي محدّد وما هي صلاحياته وحدود تدخّله في المادّة.

واعتبر متابعون أن الضوابط لا تختلف كثيرا في الدول العربية، لكن التحدي يكمن في تطبيقها، إذ أنها تعتبر مظلة واسعة يمكن أن تشمل أي محتوى لا يتناسب مع الخطاب الرسمي.

في المقابل تقول السلطات أن الهيئة العامة لتنظيم الإعلام تضطلع بصياغة إطار يضمن منهجية واضحة لجميع أصحاب المصلحة من مستفيدين ومنشآت وعاملين في المجال، وفقاً للسياسة الإعلامية للسعودية، فيما تشمل مهامها الأفلام والألعاب الإلكترونية، والأجهزة الإعلامية، وإنتاج المحتوى الإعلامي المرئي والمسموع وإتاحة تراخيص مكاتب التسويق وترخيص موثوق، بجانب تقديم الفسح الخاص بـتصنيف الأفلام والملصقات السينمائية والمقاطع التشويقية.

السعودية تحرص على نشر خطاب منفتح يتماشى مع التطورات التي تشهدها على الصعد الاجتماعية والترفيهية، لكن مازالت العديد من المواضيع تمثل انتهاكات غير مسموح بها

وفي سبتمبر الماضي وافق مجلس الوزراء على التنظيم الجديد لـ”الهيئة العامة لتنظيم الإعلام”، أصبحت الهيئة الجهة المنوط بها تطوير وتنظيم والإشراف على القطاع الإعلامي كاملاً بما فيه من دعم لبنيته التحتية والارتقاء به وبالمحتوى الإعلامي، وتنمية مساهمة اقتصاد الإعلام في الناتج المحلي، بما يسهم في الارتقاء بقطاع الإعلام ليكون رياديّاً ومسؤولاً في تقديم محتوى قيم يمتاز بالشفافية والموثوقية.

ويبدو الاهتمام متزايدا في المملكة بالتركيز على القوة الناعمة من خلال الإعلام، وبحسب ما أكد وزير الإعلام السعودي سلمان الدوسري، مؤخرا فإن الإعلام السعودي ينتظره مستقبل حافل بالمنجزات والتحوّلات المنشودة في مختلف قطاعاته، مبيّناً أبرز الملامح الإستراتيجية لمنظومة الإعلام للعام الحالي، التي ستُحقَّق بعدد من المبادرات والمشروعات والبرامج والأعمال، معلناً أن عام 2024 هو عام التحوّل الإعلامي في السعودية.

وجاء ذلك، في كلمة ألقاها خلال الجلسة الافتتاحية لفعاليات المنتدى السعودي للإعلام في دورته الثالثة في فبراير الماضي التي أعلن فيها إستراتيجيات عام التحوّل الإعلامي في السعودية، التي تقوم على ركائز أربع هي: الأرقام، والمؤشرات، والشغف، والعمل.

وأوضح الدوسري أن قطاع الإعلام في السعودية أسهم عام 2023 بما يعادل 14.5 مليار ريال (3.8 مليار دولار) على مستوى الناتج المحلي، كما يستهدف الوصول إلى نحو 16 مليار ريال (4.2 مليار دولار) خلال العام الحالي، مبيّناً أن استثمار قطاع الإعلام في رأس المال البشري أسهم في توفير فرص وظيفية بلغت حتى العام الماضي 56 ألف وظيفة، ويستهدف العام الحالي نحو 67 ألف وظيفة.

كما أعلن عن ثلاث إستراتيجيات تسير عليها منظومة الإعلام وتمثل خريطة طريق نحو “إعلام المستقبل”، وتسهم في تعزيز القطاع الإعلامي، ورفع الجاذبية الاستثمارية، وتعزيز كفاءة الكوادر الوطنية، التي تتمثّل في تحديد التوجه الاستراتيجي الشامل لمنظومة الإعلام في السعودية، وتحسين حوكمة وكفاءة قطاع الإعلام، بالشراكة مع أكثر من 30 جهة حكومية.

5