ارتدادات محدودة للهجوم الإيراني على أسواق النفط

تزايد الترجيحات بارتفاع الأسعار لبعض الوقت ما لم يتأثر إنتاج الخام.
الاثنين 2024/04/15
لم يكن ينقصنا سوى هزة أخرى!

يجمع محللو صناعة الطاقة على أن الهجوم الإيراني على إسرائيل قد يهزّ أسواق النفط العالمية، ولكن في المقابل ستكون ارتداداته محدودة ولن تستمر لوقت طويل، لأن أي ارتفاع جامح للأسعار سيكون في علاقة مباشرة مع خفض الإنتاج من الشرق الأوسط.

دبي - أدى الهجوم الإيراني غير المسبوق بالصواريخ والطائرات المسيّرة على إسرائيل ليل السبت/الأحد، إلى إثارة قلق جديد في أسواق النفط المضطربة أصلا بفعل التوترات الإقليمية، لكن المحللين يؤكدون أن الصورة ضبابية حيال ارتفاع وشيك دائم في الأسعار.

وتوقع محللون الأحد أن ترتفع أسعار النفط الاثنين بعد الهجوم، لكن تسجيل المزيد من المكاسب قد يعتمد على كيفية اختيار إسرائيل والغرب للرد.

وقال تاماس فارجا من شركة بي.في.أم للسمسرة في النفط لرويترز “من المنطقي فقط توقع أسعار أقوى عند استئناف التداول لكن ليس هناك أي تأثير على الإنتاج حتى الآن، كما قالت إيران إن الأمر يمكن اعتباره منتهيا”.

وأضاف “مهما كان رد الفعل الأولي للسوق شرسا ومؤلما، إلا أن الارتفاع قد يكون قصير الأجل ما لم تتعطل الإمدادات من المنطقة بشكل ملموس”.

ويمثّل القصف الذي وقع ليلا أول هجوم مباشر لإيران على إسرائيل، قالت طهران إنه جاء ردا على غارة جوية استهدفت في الأول من أبريل الماضي مبنى قنصليتها في العاصمة السورية ونسبتها إلى الدولة العبرية.

تاماس فارجا: مهما كان رد فعل السوق مؤلما يظل قصير الأجل
تاماس فارجا: مهما كان رد فعل السوق مؤلما يظل قصير الأجل

وقال جيوفاني ستونوفو، المحلل لدى بنك يو.بي.أس السويسري، “قد ترتفع أسعار النفط في مستهل التداول لأن هذه هي المرة الأولى التي تضرب فيها إيران إسرائيل من أراضيها”.

وأضاف “مدى استمرار أي قفزة سيعتمد على الرد الإسرائيلي وأيضا الاجتماع الافتراضي لمجموعة السبع (الأحد) يحتاج إلى مراقبة، مع التركيز على ما إذا كانوا يستهدفون صادرات الخام الإيرانية أم لا”.

وحذرت البعثة الإيرانية لدى الأمم المتحدة عبر حسابها الرسمي على منصة إكس من ردّ سيكون “أشد حدّة بكثير” في حال “ارتكب النظام الإسرائيلي خطأ آخر”، ما يُنذر باحتمال تصاعد العنف في الأسابيع المقبلة.

وكانت أسعار النفط قد قفزت بالفعل في الفترة التي سبقت الهجوم الذي شنّته إيران ليل السبت/الأحد، حيث أغلق خام برنت بحر الشمال الجمعة الماضي، عند 90.45 دولارا للبرميل.

ويقول الخبير النفطي الكويتي كامل الحرمي لوكالة فرانس برس إن “مع افتتاح أسواق النفط الاثنين يمكن أن يرتفع سعر البرميل إلى 95 دولارا للبرميل”، رغم أنه من السابق لأوانه التنبؤ بما إذا كانت الأسعار ستظلّ مرتفعة.

ويضيف أن “الصورة غير واضحة بشأن المستقبل ولا نعرف ما إذا كانت إسرائيل سترد، وكيف سترد، وعمّا إذا كانت إيران ستلجأ إلى قطع إمدادات النفط كردّ فعل”.

وكانت إيران سابع أكبر منتج للنفط الخام في العالم في العام 2022، ولديها ثالث أكبر احتياطي نفطي مؤكد بعد فنزويلا والسعودية، وفقا لإدارة معلومات الطاقة الأميركية.

وزادت إيران بشكل كبير صادراتها النفطية، وهو مصدر إيراداتها الرئيسي، خلال ولاية الرئيس الأميركي جو بايدن. وانخفضت الصادرات بشدة في عهد سلفه دونالد ترامب الذي سيواجهه في الانتخابات الرئاسية في نوفمبر المقبل.

ومن شأن انخفاض الصادرات الإيرانية أن يؤدي إلى المزيد من الارتفاع في أسعار النفط وتكلفة البنزين في الولايات المتحدة، وهو ما ينطوي على أهمية سياسية قبل الانتخابات.

95

دولارا السعر المتوقع للبرميل مع بدء تداولات يوم الاثنين ارتفاعا من نحو 90.45 دولار

ويلفت الحرمي إلى أن لدى إيران سبلا عديدة لإحداث فوضى في الأسواق، بما في ذلك تعطيل حركة المرور البحرية عبر مضيق هرمز والضغط على دول مثل العراق لخفض الإمدادات.

ويتابع “هناك سيناريوهات عدة.. الخوف هو أن توقف إيران تصدير النفط أو تضرب منشآت نفطية”.

وأدت تداعيات الحرب المستمرة منذ ستة أشهر بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) في قطاع غزة، إلى جانب صراعات جيوسياسية أخرى قائمة على غرار الحرب في أوكرانيا، إلى ارتفاع أسعار النفط في الأشهر الأخيرة.

ومنذ نوفمبر الماضي، ينفّذ الحوثيون في اليمن هجمات على سفن في البحر الأحمر يقولون إنها مرتبطة بإسرائيل، ويعلنون أنها في إطار التضامن مع الفلسطينيين في غزة.

وفي يناير الماضي، بدأت الولايات المتحدة وبريطانيا شنّ ضربات ضد الحوثيين، ما أدى إلى تصاعد المخاوف حيال تدفقات النفط من المنتجين الخليجيين.

وكانت التوقعات واسعة النطاق أن إيران ستستهدف إسرائيل ردا على الهجوم الذي استهدف قنصليتها، سببا لبعض الارتفاع في أسعار النفط خلال الأسابيع الأخيرة.

وهذا يعني أن أي تأثير آخر سيكون “محدودا وقصير الأجل”، وفق ما قاله الخبير النفطي المقيم في تكساس أنس الحجي لفرانس برس.

من جهته، يلفت أولي هانسن، رئيس إستراتيجية السلع في ساكسو بنك، إلى أن أسعار النفط الخام “كانت تتضمن بالفعل علاوة مخاطر” قبل أن تطلق إيران صواريخها وطائراتها المسيّرة.

كامل الحرمي: لدى إيران سبل عديدة لإحداث فوضى في الأسواق
كامل الحرمي: لدى إيران سبل عديدة لإحداث فوضى في الأسواق

ويضيف هانسن أن ازديادا مطردا في الأسعار سيعتمد بشكل شبه حصري “على التطورات القريبة من إيران حول مضيق هرمز” الذي يربط الخليج بالمحيط الهندي ويمرّ عبره خمس استهلاك النفط العالمي سنويا وفق إدارة معلومات الطاقة الأميركية.

واحتجزت القوة البحرية للحرس الثوري الإيراني السبت سفينة حاويات تحمل اسم أم.سي.أس أريز مرتبطة بإسرائيل قرب مضيق هرمز في الخليج، وفق ما أعلنت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية (إرنا).

ورغم تلك التوترات، لم يحدث حتى الآن أي انقطاع كبير في حركة وإمدادات النفط، وهو واقع أشار إليه محللون في تفسير اعتقادهم أنه حتى لو ارتفعت الأسعار الاثنين فمن غير المرجح أن تظل مرتفعة لفترة طويلة.

وتقول إيلين والد الخبيرة في مجال الطاقة ومؤلفة كتاب عن تاريخ شركة أرامكو عملاق النفط السعودي، إن “المخاوف من تصاعد التوترات في الشرق الأوسط يمكن أن تؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط على المدى القصير”.

ولكنها أشارت إلى أنه “ما لم يحدث شيء يوقف تدفق النفط من الخليج لفترة زمنية طويلة، وهو أمر مستبعد للغاية، فلن يكون الأمر مدمرا اقتصاديا”.

وتضيف والد أن السيناريوهات التي يمكن أن تؤدي إلى ارتفاع الأسعار على المدى الطويل، مثل هجوم إسرائيلي على بنية تحتية لإنتاج النفط أو تصديره في إيران ما يؤدي إلى انقطاعات كبيرة، لا تزال “أمرا غير مرجح إلى حد بعيد”.

10