أكبر معرض تجاري في الصين يجسد معركة الغرب مع السلع الرخيصة

قوانغتشو (الصين) - يحتشد المشترون الأجانب في القاعات الواسعة لأكبر معرض تجاري في الصين اعتبارا من الاثنين، بحثا عن صفقات للسلع الصينية التي تشكو الحكومات الأميركية والأوروبية من أنها تغمر الأسواق العالمية.
ويأتي معرض كانتون بنسخته الـ135 في الوقت الذي تقوم فيه الصين بإجراء تحول إستراتيجي في السياسة، وتسريع توزيع الموارد نحو مجمعها الصناعي وبعيدا عن قطاع العقارات الذي تضرر من الأزمة، على أمل أن تتمكن من الارتقاء في نطاق القيمة.
ويثير هذا قلقا في كل من واشنطن وبروكسل، خاصة بشأن ما تسميه بكين الصناعات “الثلاث الجديدة”، وهي السيارات الكهربائية والبطاريات والطاقة الشمسية، حيث أصبح ثاني أكبر اقتصاد في العالم قوة تصدير مهيمنة.
ويشعر المسؤولون الأميركيون والأوروبيون بالقلق من أن صناعاتهم لن تكون قادرة على التنافس مع القدرة الصناعية الهائلة للصين ما يؤدي إلى انخفاض الأسعار.
والانتقاد الأساسي القادم في المقام الأول من الغرب هو أن الدعم الذي تقوده الدولة للمصنعين، إلى جانب انخفاض الطلب المحلي، يدفع العرض الصيني المفرط إلى الأسواق العالمية.
وهذا يؤدي إلى انخفاض الأسعار، وبالتالي يهدد شركات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي التي تعيش على الأرباح بدلا مما يقول المسؤولون الغربيون إنه تغذية بالتنقيط لموارد الدولة في الصين. ويمكن أن يؤدي ذلك إلى تعقيد قرارات الاستثمار طويلة الأجل.
وبينما تنفي الصين الإعانات وتشير إلى برامج منافسيها لدعم صناعاتهم، فإن منتقديها يتخذون وجهة نظر أوسع للدعم الذي يتضمن القروض الرخيصة والاستثمار الضخم في البنية التحتية وغير ذلك من الفوائد التي تمتد عبر سلسلة توريد متكاملة تماما.
وسلط المسؤولون التجاريون الغربيون مرارا الضوء على الموارد الضخمة التي أعاد النظام المالي الذي تهيمن عليه الدولة في الصين توجيهها من قطاع العقارات المتعثر إلى صناعتها مترامية الأطراف، بينما تبحث بكين عن محركات أخرى للنمو الاقتصادي.
ولكن الانكماش العميق والمطول عند بوابة المصنع أصبح مصدرا للقلق على المستوى المحلي أيضا؛ فقد انخرطت الكثير من الشركات المصنعة، وخاصة في الطرف التكنولوجي الأدنى، في حرب أسعار، وتتنافس على الطلب العالمي الجامد والفاتر.
وقال تشيوو تشن، أستاذ العلوم المالية في كلية الأعمال بجامعة هونغ كونغ، لرويترز إنه “بالنسبة إلى معرض هذا العام ستكون الكلمة الرئيسية هي ‘السعر المنخفض’، سواء تعلق الأمر بمنتجات ذات تكنولوجيا منخفضة أو بمنتجات عالية التقنية خارج الصين”.
وأضاف “بما أن الطلب المحلي على السلع داخل الصين أقل بكثير من المعتاد والقدرة الفائضة مرتفعة في معظم الصناعات، يتعين على الشركات المصنعة خفض أسعارها لتحقيق المزيد من الصادرات”.
ومن المتوقع أن يحضر المعرض الذي يستمر لمدة ثلاثة أسابيع 93 ألف مشتر أجنبي، حيث يطلعون على بضائع 28.6 ألف عارض يبيعون كل شيء بدءا من كراسي التدليك والمقالي إلى زخارف الحدائق في أكشاك تغطي مساحة 1.5 مليون متر مربع.
ويقول المنظمون إن المعرض الذي تحتضنه مدينة قوانغتشو الجنوبية سيظهر جهود الصين للارتقاء بسلسلة القيمة بما يتماشى مع دفع الرئيس شي جينبينغ من أجل “قوى إنتاجية جديدة” في الاقتصاد.
ورغم كل الضجيج الذي أحاط بصعود الصين في قطاع الطاقة الخضراء، فإن صادرات “الثلاثة الجدد” شكلت 4.5 في المئة فقط من إجمالي الشحنات في العام الماضي.
وأغلبية المصانع في الصين أقل تطورا، كما أن الطلب المحلي المنخفض يتركها تحت نزوة المشترين الأجانب.
وأنفق كريس لين العارض المنتظم في معرض كانتون، والذي يمتلك مصنعا لمنتجات الإضاءة في مقاطعة تشجيانغ الشرقية، عشرات الآلاف من اليوانات لاستئجار كشك هذا العام، لكنه لا يسافر بتوقعات كبيرة.
وقال لين لرويترز “لقد انخفض عدد المشترين من أوروبا والولايات المتحدة للتحقق من منتجاتنا في السنوات الأخيرة”.
28.6
ألف شركة تشارك في النسخة 135 من معرض كانتون الذي تحتضنه مدينة قوانغتشو الجنوبية
وأضاف “اعتاد أحد كبار مشتري السوبر ماركت الغربيين على إرسال ما بين خمسة إلى ثمانية أشخاص يرتدون بدلات جميلة. لم أر سوى واحد أو اثنين منهم في السنوات الأخيرة وكانوا ينظرون حولهم فقط”.
وتم توقيع صفقات بقيمة 22.3 مليار دولار في معرض كانتون الأخير في أكتوبر الماضي، بزيادة قدرها 2.8 في المئة عن معرض أبريل 2023 والذي كان الأول بعد ثلاث سنوات من الاضطرابات الوبائية.
ولا يزال هذا أقل بكثير من عائدات ما قبل الأزمة الصحية البالغة حوالي 30 مليار دولار. ونظرا لانكماش أسعار المنتجين في الصين، فإن الأرقام المنخفضة قد تعكس انخفاضا في القيمة أكثر من الحجم.
وفي يوم الجمعة الماضي تم تسليط الضوء على المزيد من الأدلة على مشاكل المصدرين المحليين من خلال الصادرات والواردات الصينية الكئيبة في شهر مارس، والتي تقلصت.
ومع ذلك أظهرت بيانات رسمية صدرت عن الهيئة العامة للجمارك الصينية استمرار نمو التجارة الخارجية للصين بوتيرة ثابتة خلال الربع الأول من 2024.
وسجلت قيمة إجمالي واردات وصادرات الصين من السلع ارتفاعا بنسبة 5 في المئة على أساس سنوي، لتصل إلى 10.17 تريليون يوان (1.4 تريليون دولار).
وقال الخبير تشن “سيجد مديرو المشتريات الأجانب الذين يأتون إلى المعرض أن الكثير من الأسعار منخفضة للغاية بحيث لا يمكنهم مقاومتها، وسيوقعون العديد من الصفقات الرخيصة”.
وأضاف “سيعرض المعرض هذا العام التناقض بين التفضيلات الحكومية في الدول المتقدمة وأولويات الأعمال على المستوى الجزئي”.