الجيش الإسرائيلي يعترف بخطأ جسيم بعد ضربة أودت بعمال إغاثة

القدس – في الوقت الذي تتعرض فيه إسرائيل لضغوط دولية متزايدة للتخفيف من حدة الجوع الشديد في قطاع غزة الذي دمرته شهور من الحرب، اعترف الجيش الإسرائيلي فجر اليوم الأربعاء بأنه اقترف "خطأ جسيماً" بتنفيذه غارة جوية في قطاع غزة ليل الإثنين أدت لمقتل سبعة عمال إغاثة من منظمة المطبخ المركزي العالمي "وورلد سنترال كيتشن" غير الحكومية ومقرها الولايات المتحدة.
وقال رئيس الأركان الإسرائيلي الجنرال هرتسي هاليفي في رسالة عبر الفيديو إن "هذا الحادث كان خطأً جسيماً"، موضحاً أن ما جرى "كان خطأً أعقب عملية تحديد (هوية هدف) خاطئة حصلت ليلاً، أثناء حرب، في ظروف معقدة للغاية. ما كان ينبغي (لهذا الخطأ) أن يحدث".
وقدم الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتسوغ مساء الثلاثاء "اعتذاره" بعد مقتل عمال الإغاثة في ضربة إسرائيلية في قطاع غزة.
وأورد بيان للرئاسة أن "الرئيس هرتسوغ يعرب عن حزنه الكبير واعتذاره الصادق إثر الوفاة المأسوية لفريق (وورلد سنترال كيتشن) الليلة الفائتة في قطاع غزة، وقدم تعازيه إلى عائلاتهم وأقربائهم"، موضحاً أنه أجرى اتصالاً بمؤسس المنظمة الطاهي الإسباني الأميركي خوسيه أندريس.
وأضاف البيان أن هرتسوغ "كرر التزام إسرائيل إجراء تحقيق كامل في شأن المأساة التي وقعت في سياق حرب ضد منظمة (حماس) الإرهابية".
وكذلك، "أكد التزام إسرائيل تقديم وتحسين المساعدة الإنسانية لسكان غزة"، موجهاً الشكر إلى خوسيه أندريس ومنظمته "لالتزامهما من أجل رفاه الإسرائيليين والفلسطينيين".
وفي وقت سابق الثلاثاء، أقر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بضربة "غير مقصودة" للجيش الإسرائيلي على سيارات طواقم المنظمة الأميركية، متحدثاً عن "حادث مأسوي"، ولكن من دون أن يقدم أي اعتذار.
وقالت الولايات المتحدة، الحليف الوثيق لإسرائيل، إنه لا توجد أدلة على تعمد إسرائيل استهداف موظفي الإغاثة، لكن واشنطن "غاضبة" بسبب مقتلهم، وإن إسرائيل ملزمة بضمان عدم تضرر موظفي الإغاثة في غزة.
وانتقد الرئيس الأميركي جو بايدن إسرائيل بشدة على الغارة الجوية التي أسفرت عن مقتل عمال الإغاثة، مؤكداً أن الدولة العبرية "لم تفعل ما يكفي" لحماية المتطوعين الذين يمدون يد العون للفلسطينيين الذين "يتضورون جوعاً".
وقال بايدن في بيان شديد اللهجة إنه يشعر "بالغضب والحزن" لمقتل سبعة عمال إغاثة من منظمة "وورلد سنترال كيتشن". وأضاف أن توزيع المساعدات في القطاع صعب "لأن إسرائيل لم تفعل ما يكفي لحماية عمال الإغاثة الذين يحاولون تقديم المساعدة لمدنيين هم بأمس الحاجة إليها".
وشدد الرئيس الأميركي على أن "حوادث مثل ذلك الذي وقع لا ينبغي أن تقع. إسرائيل أيضاً لم تفعل ما يكفي لحماية المدنيين". كما أكد أن التحقيق الذي وعدت إسرائيل بإجرائه لجلاء ملابسات الغارة "يجب أن يكون سريعاً، ويجب أن يؤدي إلى المساءلة، ويجب أن تُنشر نتائجه على الملأ".
ولفت الرئيس الأميركي إلى أن مقتل عمال الإغاثة السبعة لم يكن "حادثة معزولة"، علما بأن الأمم المتحدة تقول إن الحرب الدائرة بين إسرائيل و"حماس" أسفرت عن مقتل حوالي 200 متطوع إنساني.
وقال بايدن في بيانه إن "هذا الصراع هو من بين أسوأ الصراعات في الذاكرة الحديثة من حيث عدد القتلى في صفوف عمال الإغاثة". وأضاف أن الولايات المتحدة ستواصل الضغط على إسرائيل للسماح بدخول مزيد من المساعدات إلى غزة والتوصل إلى "وقف فوري لإطلاق النار في إطار صفقة رهائن".
وبدوره، عبر رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيزي لنتنياهو اليوم الأربعاء عن "غضبه" لمقتل سبعة عاملي إغاثة، بينهم مواطنة أسترالية، في ضربة جوية إسرائيلية في قطاع غزة.
وقال ألبانيزي "لقد أبلغت بوضوح شديد رئيس الوزراء نتنياهو أن الأستراليين غاضبون إزاء هذه المأساة". وأضاف أن نتنياهو أقر، نيابة عن الجيش الإسرائيلي، بالمسؤولية الكاملة عما جرى وتعهد جلاء كل الملابسات بشفافية تامة.
وشدد رئيس الوزراء الأسترالي على أن "هناك حاجة لإجراء تحقيق شامل في ما حدث هنا، ورئيس الوزراء نتنياهو ملتزم بذلك". وأضاف "لقد أوضحت مرة أخرى أن وجهة نظر أستراليا هي أن المساعدات الإنسانية يجب أن تصل إلى الناس في غزة من دون عوائق وبكميات كبيرة".
وكرر ألبانيزي موقف أستراليا القائل إن حل الدولتين هو الأمثل لتسوية النزاع بين إسرائيل والفلسطينيين.
واعتبر متحدّث باسم الأمم المتّحدة الثلاثاء أنّ مقتل سبعة من عمال الإغاثة يظهر "تجاهل القانون الإنساني" وسلامة الطواقم الإنسانية في الحرب بين اسرائيل وحماس.
وصرح ستيفان دوجاريك أن "الحصول المتكرر لهذه الاحداث هو نتيجة لا مفر منها لكيفية خوض هذه الحرب راهنا"، في "تجاهل للقانون الإنساني الدولي وتجاهل لحماية العمال الإنسانيين"، منددا بمقتل "جميع العمال الإنسانيين".
وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في كلمته خلال اجتماع غير رسمي للجمعية العامة للأمم المتحدة عقد الثلاثاء لمناقشة تقريره حول الأمن البشري إنّ "مقتل عمال إغاثة لدى المطبخ المركزي العالمي رفع عدد عمال الإغاثة الذين قتلوا في الصراع في غزة إلى 196 بمن فيهم أكثر من 175 من موظفي الأمم المتحدة".
وإذ كرّر دعوته لوقف فوري لإطلاق النار والإفراج عن الرهائن وإدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة، شدّد غوتيريش على أنّ "الغارات الجوية الإسرائيلية المدمّرة التي قتلت موظفين في منظمة المطبخ المركزي العالمي أمر غير معقول".
ومنذ السابع من أكتوبر قتلت الغارات الإسرائيلية 173 عاملا ضمن طواقم الأمم المتحدة، كما استهدفت 161 مرفقاً أممياً.
إلى ذلك، أدى القصف الإسرائيلي إلى مقتل نحو 409 مدنيين كانوا يحتمون في مواقع تابعة للأمم المتحدة، بحسب ما نشر تشارلز ليستر، مدير قسم مكافحة الإرهاب بمعهد الشرق الأوسط.
كذلك طالت الغارات الإسرائيلية مرات عدة قوافل مساعدات وشاحنات تابعة للأونروا، بحسب بيانات رسمية صادرة عنها.
واستدعت وزارة الخارجية البريطانية سفيرة إسرائيل في لندن تسيبي هوتوفلي إثر مقتل ثلاثة متطوعين بريطانيين في غارة إسرائيلية على قطاع غزة، وفق ما أفاد به وزير شؤون التنمية وأفريقيا أندرو ميتشل، في بيان، الثلاثاء.
وشدد ميتشل أن "الحكومة البريطانية أدانت علناً جرائم القتل المروعة التي تعرض لها سبعة من عمال الإغاثة في منظمة المطبخ المركزي العالمي، من بينهم ثلاثة مواطنين بريطانيين".
وبيّن ميتشل أن بريطانيا طلبت من هوتوفلي إجراء تحقيق "شفاف وسريع" وعرض النتائج على المجتمع الدولي والقيام بمساءلة كاملة.
وأكد ضرورة إنشاء إسرائيل "آلية فعالة لوقف الصراع بشكل عاجل لزيادة إيصال المساعدات الإنسانية".
وقال "يجب رؤية هدنة إنسانية عاجلة للصراع من أجل السماح بدخول المساعدات إلى غزة وخروج الأسرى، ومن ثم التحرك نحو وقف مستدام لإطلاق النار".
وأودى الهجوم على قافلة منظمة المطبخ المركزي العالمي "ورلد سنترال كيتشن" بحياة مواطنين من أستراليا وبريطانيا وبولندا بالإضافة إلى فلسطينيين ومواطن يحمل جنسيتي الولايات المتحدة وكندا. وأثارت هذه المأساة تنديداً دولياً.
وإثر الغارة أعلنت "وورلد سنترال كيتشن" وقف عملياتها في غزة.
وبشدّة غير مسبوقة دانت دول ومنظمات عدّة، بينها الأمم المتّحدة، "تجاهل القانون الدولي الإنساني".