الإمارات تتطلع لجني مكاسب أكبر من تكرير الوقود الثقيل

وسعت الإمارات من طموحاتها التنافسية على تسويق المشتقات النفطية وخاصة زيادة الطاقة الإنتاجية للوقود الثقيل وذلك بالنظر إلى التزاماتها داخل أوبك والمنتجين من خارجها بخفض الإنتاج مع التركيز على شحن المزيد من خام مربان في الأسواق الأسيوية.
أبوظبي- تتطلع الإمارات إلى الاستفادة من الاتفاق الطوعي لخفض إنتاج النفط ضمن تحالف أوبك+ عبر زيادة مستويات إنتاج وشحن المشتقات النفطية وخصوصا الوقود الثقيل المستخدم في تشغيل الآلات الضخمة، بما يحقق لها عوائد أكبر.
وتأتي الخطوة في تناغم مع يقوم به بعض منتجي أوبك مثل الكويت، التي قررت بدورها قبل أقل من أسبوعين زيادة طاقة إنتاج زيت الوقود عالي الكبريت إلى نحو 1.6 مليون برميل يوميا.
ولا يمكن تجاهل حقيقة أن الحرب، التي اندلعت قبل أكثر من عامين بين روسيا وأوكرانيا، زادت من الضغوط على صناعة التكرير العالمية، في وقت كانت قد بدأت فيه التقاط أنفاسها بعد رفع قيود الإغلاق بسبب أزمة كورونا.
وأكد متعاملون ومحللون وبيانات ملاحية الاثنين أن صادرات خام زاكوم العلوي من الإمارات تراجعت بشكل حاد في مارس بعد أن حولت شركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك) المزيد من الإمدادات إلى مصفاة تابعة لها وعززت شحنات خام مربان الأخف.
وأدى تغيير درجات النفط في مصفاة الرويس التابعة لأدنوك إلى تقليص إمدادات الخام متوسط الحمضية في أسواق آسيا.
وقال أدي إمسيروفيتش مدير شركة سوراي كلين أنيرجي لرويترز “لقد استثمروا الكثير من الأموال على مدى ما لا يقل عن ثلاث إلى أربع سنوات في تطوير الرويس لإنتاج خامات أثقل، لذا فمن المنطقي جدا التشغيل بزاكوم العلوي وبيع مربان”.
وأضاف “برميل مقابل برميل، مربان يجلب المزيد من الإيرادات”، في إشارة إلى حصص الإنتاج التي وافقت عليها الإمارات كعضو في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك).
وتتولى شركة أدنوك للتكرير التابعة للشركة الأم بتشغيل رابع أكبر مصفاة في العالم في الرويس بمنطقة الظفرة في أبوظبي، وهي مجهزة بأحدث الآلات والمعدات وتديرها قوة عاملة ذات خبرة عالية من مختلف الجنسيات. ووفق المعطيات الخاصة بالشركة، فهي نزود الأسواق حول العالم سنويا بأكثر من 40 مليون طن من المنتجات المكررة عالية الجودة.
ويعد مربان خاما عالي الجودة وخفيف ومنخفض الكبريت ويقدر إنتاج البلد منه ما بين 1.6 و1.7 مليون برميل يوميا ويجري تصديره من ميناء الفجيرة على خليج عمان.
وتم طرح هذا الخام للتداول في بورصة أبوظبي إنتركونتيننتال، وهي الأولى في العالم لتداول العقود الآجلة لمربان في أواخر مارس 2021.
وتجري أدنوك، التي كان يُنظر إليها منذ وقت طويل كأحد أكثر شركات النفط تحفظا في منطقة الشرق الأوسط، تغييرات في عملياتها التجارية لتحقيق قيمة مضافة أكبر والتكيف مع تغيرات السوق.
ووفقا للمنصة الإلكترونية للشركة الإماراتية، فقد استثمرت أدنوك 3.5 مليار دولار في عام 2018 لتحديث مصفاتها البالغة طاقتها 837 ألف برميل يوميا لمعالجة ما يصل إلى 420 ألف برميل يوميا من الخام الأثقل والأكثر حمضية ومنه خام زاكوم العلوي.
وتقوم أدنوك بالبناء على نقاط القوة والمزايا التنافسية لمجمع الرويس الصناعي وتطويره وتوسعته ليصبح أكبر مجمع متكامل ومتطور للتكرير والبتروكيماويات في موقع واحد في العالم.
وتمتلك الشركة محفظة ضخمة في التكرير والبتروكيماويات تضم 8 شركات بطاقة تكرير تبلغ 922 ألف برميل يوميا من المكثفات والنفط الخام، إضافة إلى معالجة 10.5 مليار قدم مكعب من الغاز يوميا.
ويؤكد محللون أن مجمع الرويس للمشتقات البتروكيماوية ومجمع الرويس للصناعات التحويلية سيصبحان مركزا محوريا في صناعة البتروكيماويات العالمية ولاعبا رئيسيا في سلسلة التوريد العالمية لمنتجات التكرير والبتروكيماويات.
وأكد متعاملون أن أدنوك بدأت في شحن خام زاكوم العلوي إلى مصفاتها منذ سبتمبر الماضي، بكميات تراوحت بين 200 ألف و300 ألف برميل يوميا في فبراير ومارس الماضيين.
420
ألف برميل يوميا طاقة التكرير التي تسعى إليها أدنوك من الخامات الأثقل والأكثر حمضية
وأظهرت بيانات شركة كبلر لتحليل الإحصائيات أن حصة خام زاكوم العلوي إلى الرويس بلغت 366 ألف برميل يوميا في مارس، أو 40 في المئة من إجمالي الشحنات، ارتفاعا من 152 ألف برميل يوميا في فبراير.
وتتوقع شركة ريستاد أنيرجي أن تبلغ صادرات زاكوم العلوي نحو 650 ألف برميل يوميا في مارس الماضي، انخفاضا من متوسط شهري قدره 940 ألف برميل يوميا في 2023.
وأظهرت بيانات كبلر أن صادرات زاكوم العلوي إلى الصين والهند وكوريا الجنوبية وتايلاند وسنغافورة انخفضت بنحو 50 في المئة أو أكثر في مارس عنها قبل عام، بينما تراجعت الإمدادات إلى اليابان 13 في المئة.
وأخطرت أدنوك زبائنها في أواخر العام الماضي بتخفيض إمداداتهم من زاكوم العلوي لعام 2024 وعرضت استبدالها بمربان، وهو الخام الرئيسي لها. وقال متعاملون إن “مصافي التكرير الآسيوية لجأت إلى نفط بنفس الجودة من قطر والسعودية ليحل محل زاكوم العلوي لأن مربان له جودة أخف”.
ورفعت أدنوك الأسبوع الماضي توقعاتها لصادرات مربان من يونيو إلى أكتوبر المقبلين إلى ما بين 1.63 مليون برميل يوميا و1.65 مليون برميل يوميا. وأظهرت بيانات كبلر أن الصادرات بلغت متوسط 1.1 مليون برميل يوميا في 2023.
وقال أحد المتعاملين في سنغافورة إن “القفزة في إمدادات مربان أثرت على الأسعار، ما أدى إلى تضييق الفجوة مع زاكوم العلوي إلى نحو 10 سنتات للبرميل، مقابل فجوة معتادة تبلغ 80 سنتا”.
وأعلنت الإمارات الشهر الماضي عن تمديد خفض إنتاجها الطوعي الإضافي من النفط البالغ 163 ألف برميل يوميا حتى نهاية الربع الثاني من العام الحالي وذلك بالتنسيق مع بعض الدول المشاركة في اتفاق أوبك+.
وحسب بيانات وزارة الطاقة، ينتج البلد الخليجي نحو 2.91 مليون برميل يوميا، ليأتي بعد كل من السعودية والعراق أكبر منتجين في منظمة أوبك.
وتلقت أدنوك اهتماما كبيرا من عدد من شركات الطاقة العالمية للاستثمار في الفرص المتاحة وهي تتفاوض باستمرار مع الشركات من ذوي الخبرة التشغيلية والقوة المالية والرؤية طويلة الأمد لتنفيذ هذه الخطط الاستثمارية.