فرنسا قلقة على نفوذها في السنغال بعد فوز شعبوي بالرئاسة

باريس تأمل في الحفاظ على علاقات وطيدة مع هذا البلد بعد الانتكاسات العديدة التي منيت بها في المنطقة، ولاسيّما في مالي وبوركينا فاسو والنيجر.
الأربعاء 2024/03/27
من السجن إلى سدة الرئاسة

دكار – طمأن الفائز بالانتخابات الرئاسية في السنغال باسيرو ديوماي فاي الاثنين شركاء بلاده “المحترمين” بأنّها ستظلّ “الحليف الآمن والموثوق به”، وذلك في أول خطاب يلقيه منذ الزلزال السياسي الذي أحدثه فوزه التاريخي من الدورة الأولى.

لكن الرئيس، الذي يوصف بالشعبوي بسبب مواقفه الحادة تجاه الخارج والفساد في الداخل، ربط طمأنة الشركاء بشرط أن يكون التعاون “شريفا ومحترما ومثمرا للطرفين”، وهي صيغة ملتبسة قد لا تستبعد أن يقوم الرئيس الجديد بإعادة النظر في علاقات بلاده الخارجية، وخاصة مع فرنسا التي تعيش على وقع القلق من خسارة حليف إستراتيجي جديد في غرب أفريقيا.

وفرنسا، المستعمر السابق للسنغال وشريكه السياسي والاقتصادي الأول، تأمل في الحفاظ على علاقات وطيدة مع هذا البلد بعد الانتكاسات العديدة التي منيت بها في المنطقة، ولاسيّما في مالي وبوركينا فاسو والنيجر حيث اضطرت إلى قطع كل أشكال التعاون العسكري مع هذه الدول الثلاث.

فاي سبق أن لوح بتنويع الشراكات الأمنية ومراجعة اتفاقيات المناجم والتعدين، في التفاف على نفوذ فرنسا

ومرد القلق الفرنسي تصريحات أدلى بها فاي سابقا ولوح فيها بتنويع الشراكات العسكرية والأمنية لبلاده، إن اقتضت المصلحة ذلك، وهو ما يحتمل الانفتاح على روسيا التي نجحت في سحب البساط من تحت أقدام فرنسا في أكثر من بلد أفريقي، وآخر هذه البلدان أفريقيا الوسطى، حيث تبحث موسكو مع الدولة الأفريقية إنشاء قاعدة عسكرية روسية هناك.

وأعلن فاي أنه “مرشح تغيير النظام” و”الوحدة الأفريقية اليسارية”، ويركز برنامجه على استعادة “السيادة” الوطنية معتبرا أنها باتت مرتهنة بالخارج. ووعد بمكافحة الفساد وتوزيع الثروات بصورة أفضل.

وفي حملته الانتخابية قال فاي إنه ينوي إعادة النظر في العقود التي أبرمتها السنغال مع دول أخرى في مجال المناجم والتعدين والمحروقات إضافة إلى اتفاقيات الدفاع، في إشارة واضحة إلى فرنسا.

وأضاف فاي آنذاك أنه سيعمل على إنهاء التعامل بعملة الفرنك الأفريقي الموروثة من الاستعمار وإصدار عملة وطنية جديدة. كما يسعى أيضا في مجال التربية إلى تعميم تدريس اللغة الإنجليزية في بلد مازالت اللغة الفرنسية فيه لغة رسمية، وهو ما يعني الالتفاف على مصالح فرنسا ونفوذها اقتصاديّا وثقافيّا.

وهنّأ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون فاي على فوزه، مؤكّدا أنّه يتطلّع إلى “العمل معه”.

وفي رسالة نشرها على حسابه في منصة إكس قال ماكرون “تهانينا لباسيرو ديوماي فاي على انتخابه رئيسا لجمهورية السنغال. أتمنّى له كل التوفيق وأتطلّع إلى العمل معه”.

حح

وفي خطاب الفوز بالانتخابات قال الرئيس السنغالي المنتخب إنّه يعتزم العمل على إحداث تغييرات داخل المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس).

والسنغال التي تتمتّع بالاستقرار، على العكس من جاراتها، تُعتبر إحدى ركائز هذه المنظمة الإقليمية التي هزّتها منذ 2020 انقلابات عسكرية في العديد من دولها الأعضاء.

وأضاف فاي في خطابه “أطلق نداء لإخواننا وأخواتنا الأفارقة للعمل معًا من أجل تعزيز المكاسب التي تمّ تحقيقها في عمليات تحقيق التكامل في المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا مع تصحيح نقاط الضعف وتغيير بعض الأساليب والإستراتيجيات والأولويات السياسية”.

وعلى الصعيد الداخلي أشار إلى أنّ “المشاريع ذات الأولوية” في عهده ستكون “المصالحة الوطنية وإعادة بناء المؤسسات”، بالإضافة إلى “تخفيض كبير في تكاليف المعيشة”.

وأضاف “أنا ملتزم بالحكم بتواضع وشفافية وبمحاربة الفساد على كافة المستويات”.

وفاي الذي بلغ لتوّه سنّ الرابعة والأربعين ولم يسبق له أن تولّى أيّ منصب وطني سيصبح خامس رئيس للسنغال وأصغر الرؤساء سنّا في البلد الواقع في غرب أفريقيا ويبلغ عدد سكّانه 18 مليون نسمة.

حح

1