جرعة دعم أوروبية لقطاع المياه المنهك في الأردن

عمان - يعاني الأردن من أزمة مياه حادة أثّرت سلبا على نموه الاقتصادي، فيما يحتاج إلى إستراتيجيات شاملة في مواجهة الإجهاد المائي الناتج أساسا عن التغييرات المناخية لكن العلاقات السياسية مع إسرائيل تلعب دورا مهما في ذلك.
ومنذ سنوات فشل الأردن في مساعيه لمكافحة الفقر المائي وذلك، وفق مراقبين، بسبب اعتماده على إستراتيجيات ظرفية وغير مستدامة، في وقت يحتاج فيه حل المعضلة إلى تمويلات كبيرة غير متوفرة واستقرار سياسي لاسيما مع إسرائيل المزود الأكبر لعمّان بالمياه.
ويرى مراقبون أن المساعدات المالية الأوروبية والغربية لدعم الأردن في قطاع المياه تمثل جرعة دعم لكنها تظل غير كافية.
ووقعت وزارة التخطيط والتعاون الدولي الأردنية الاثنين اتفاقيتي تعاون بقيمة 60 مليون يورو لدعم قطاع المياه والصرف الصحي، مقدمة من الحكومة الألمانية والاتحاد الأوروبي.
60
مليون يورو لدعم قطاع المياه والصرف الصحي، مقدمة من الحكومة الألمانية والاتحاد الأوروبي
وتضمنت الاتفاقيتان منحة مقدمة من الاتحاد الأوروبي بمبلغ 10 ملايين يورو للمساهمة في مشروع تحسين كفاءة الطاقة من خلال توليد الكهرباء من الغاز الحيوي في محطات معالجة مياه الصرف الصحي لدعم احتياجات قطاع المياه من خلال بنك الإعمار الألماني، وقرضا ميسرا بقيمة 50 مليون يورو قدمتها الحكومة الألمانية من خلال بنك التعمير الألماني، لتمويل مشروع معالجة حمأة مياه الصرف الصحي ومعالجة صديقة للبيئة والمناخ.
وفشل الأردن طوال عقود مضت في إيجاد حلول طويلة الأمد لأزمة شح المياه في مختلف المحافظات، في وقت تصنف المملكة وفق المؤشر العالمي للمياه على أنها ثاني أفقر دولة بالمياه في العالم.
وخلال العامين الماضيين شهد الأردن جفافا للسدود في محافظات الجنوب، طال سدود الوالة والموجب والتنور وشعيب وغيرها، ومع قدوم الصيف ارتفع الطلب على المياه، ووصل إلى معدل 3 ملايين متر مكعب يوميا، في حين لا تتجاوز الكميات الموجودة بالسدود حاليا الـ75 مليون متر مكعب من أصل 285 مليون متر مكعب (قدرتها التخزينية).
ووقّع الأردن مؤخرا مذكرة تفاهم لتبادل الطاقة مقابل المياه مع إسرائيل ( لم ترق بعد إلى اتفاقية في ظل تشويش سياسي عليها في الأردن)، حيث تتمثل الفكرة التي تم الإعلان عنها في أن يقدم الأردن 600 ميغاواط من الطاقة الشمسية ليتم تصديرها إلى إسرائيل. وفي المقابل، ستزود إسرائيل الأردن، الذي يعاني من ندرة المياه، بمئتي مليون متر مكعب من المياه المحلاة.
نصيب الفرد من استهلاك المياه في الأردن يبلغ أقل من 100 متر مكعب سنويا، وهو أقل من المعدل العالمي لفقر المياه
وتقول الحكومة الأردنية إنها ستمضي قدما في توقيع اتفاقية مع إسرائيل بعد صدور نتائج دراسة الجدوى، لكن الحرب في غزة قد تعطل توقيعها.
والأردن من أكثر الدول التي تعاني نقصا في المياه، إذ يواجه موجات جفاف شديدة. وبدأ تعاونه مع إسرائيل في هذا المجال قبل معاهدة السلام الموقّعة في 1994. وكذلك تعاني إسرائيل من الجفاف، إلا أنها تملك تكنولوجيا متقدمة في مجال تحلية مياه البحر.
ويبلغ نصيب الفرد من استهلاك المياه في الأردن الذي يعاني من ندرة المياه أقل من 100 متر مكعب سنويا، وهو أقل من المعدل العالمي لفقر المياه.
وأدى انخفاض مستويات المياه الجوفية وتغير المناخ وزيادة عدد السكان إلى زيادة الضغط على الموارد المائية المحدودة للأردن.
ويرى خبراء أن التعاون بين إسرائيل والأردن في مجال الموارد المائية ينتعش تحت ضغط التغير المناخي الذي يتسبب في موجات جفاف تزداد حدة، ما قد يلعب دورا أيضا في تحسين العلاقات بين البلدين على أصعدة أخرى.
وبموجب اتفاقية السلام، تزوّد إسرائيل الأردن بما يصل إلى 55 مليون متر مكعب سنويا من مياه بحيرة طبريا، يتمّ نقلها عبر قناة الملك عبدالله إلى عمّان، مقابل سنت واحد (الدولار = 100 سنت) لكل متر مكعب. ويحتاج الأردن سنويا إلى قرابة 1.3 مليار متر مكعب من المياه للاستخدامات المختلفة. وبسبب حرب غزة، تدرس إسرائيل عدم تمديد اتفاقية المياه مع الأردن، ما يزيد، حسب مراقبين، الضغوط على عمان التي تعاني من إجهاد مائي كبير يؤثر سلبا على اقتصادها المترنح.