قطاع الصحة المصري يستقطب استثمارات أجنبية جديدة

مخاوف اجتماعية من خصخصة الخدمات بالمستشفيات الحكومية.
الأربعاء 2024/03/27
طمنينا دكتورة!

تسعى السلطات المصرية إلى جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية إلى القطاع الصحي، والذي شهد في الآونة الأخيرة إقبالا ملحوظا من جانب مستثمرين محليين ودوليين في البلد الذي يزيد عدد سكانه عن 106 ملايين نسمة، وجدوا فيه فرصا مواتية.

القاهرة – تصاعدت المخاوف الاجتماعية من إمكانية خصخصة المستشفيات الحكومية مع توسع السلطات المصرية للاستثمار في القطاع الصحي وزيادة التحديات التي تواجه هذا المجال.

ويقول متابعون إن ذلك يتطلب دورا أعمق لمقدمي الخدمات من القطاع الخاص من أجل تحقيق هدفهم الطموح المتمثل في تغطية الرعاية الصحية الشاملة للمواطنين.

والتقى وزير الصحة خالد عبدالغفار مؤخرا وفدا من الاتحاد المصري لجمعيات المستثمرين لتعزيز التعاون في القطاع الصحي.

وأكد خلال الاجتماع على أهمية الاستثمار في هذا المجال، وأن ثمة حوافز تم التصديق عليها من الحكومة للتوسع في إنشاء وتطوير المستشفيات والوحدات الصحية، لضمان جودة الخدمات المقدمة للمواطنين في جميع المحافظات.

محرم هلال: ثمة اهتمام خليجي وأوروبي بتدشين المشاريع الصحية
محرم هلال: ثمة اهتمام خليجي وأوروبي بتدشين المشاريع الصحية

ويدرس صندوق مصر السيادي تدشين صندوق فرعي للاستثمار في الرعاية الصحية، كواحد من المجالات الواعدة، وفقا لحديث المدير التنفيذي للصندوق أيمن سليمان.

وشهدت السوق المحلية زخما كبيرا في هذا المجال الفترة الماضية بدخول عدد من المستثمرين الأجانب، فضلا عن إقبال بعض مؤسسات التمويل الكبرى على الشراكات مع كيانات محلية، عقب إدراكها أهمية العائد الناجم عن الاستثمار في هذا القطاع.

ومن أبرز الدلائل على ذلك، الشراكة بين مؤسسة التمويل الدولية وشركة المصريين لخدمات الرعاية الصحية لإنشاء مجمع طبي في مدينة بدر، والمعروف باسم مجمع الرعاية الصحية المتكامل كابيتال ميد أو المدينة الطبية.

ومن المقرر أن يضم المجمع الطبي الخاص مستشفى عاما و19 مركزا متخصصا، ويهدف إلى تقديم خدمة لنحو 20 مليون شخص، وتقترب تكلفته من 400 مليون دولار.

ويعد هذا المشروع الأكبر على الإطلاق في مجال الرعاية الصحية في مصر، وتتراوح مدة تنفيذه بين 10 و12 عاما، على أربع مراحل متتالية.

وأشار رئيس الاتحاد المصري لجمعيات المستثمرين محرم هلال إلى وجود مستثمرين يقومون بدراسة الأمر حاليا، ويصل عددهم إلى نحو خمسة من كبار المستثمرين في الخليج وأوروبا.

وقال لـ”العرب” إنهم “يعملون على قياس حجم فرص الاستثمار في قطاع الرعاية الصحية، ويتطلعون إلى معرفة الحوافز التي توفرها السلطات المحلية لاقتحام هذا القطاع”.

وأدرجت الحكومة قطاع الرعاية الصحية ليكون من المجالات التي يُسمح لها بالحصول على الرخصة الذهبية للمستثمرين بعد الاتفاق بين الهيئة العامة للاستثمار ووزارة الصحة، وكانت المسألة قاصرة على المشاريع الصناعية فقط.

وتعني الرخصة الذهبية الموافقة الواحدة على إقامة المشروع وتشغيله وإدارته بما في ذلك تراخيص البناء والأرض اللازمة لإقامته، وتُمنح الرخصة من خلال مجلس الوزراء والهيئة العامة للاستثمار.

وأوضح هلال أن تعزيز الاستثمار في هذا القطاع من الخطوات المهمة التي ينبغي التركيز عليها من أجل تلبية الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين، وتوفيرها لهم في أي وقت.

تم الاتفاق بين وزارة الصحة والهيئة العامة للاستثمار على إدراج القطاع ضمن المجالات التي تتيح الرخص الذهبية للمستثمرين

وأكد أن وضوح المحفزات وسهولتها يعززان الترويج للقطاع في الفترة المقبلة من قبل الاتحاد، وتزداد أهمية هذا الاتجاه إذا تم تحديد خارطة بالمستشفيات التي تتطلبها السوق المحلية، أو تلك التي ينبغي تطويرها في الفترة القادمة.

ويقول خبراء إن منح الرخص الذهبية للمستثمرين يجب أن يكون حسب أولوية البلاد للخدمات الصحية، مع الحرص على توفير الخدمات في المستشفيات الحكومية بشكل مناسب للطبقات الفقيرة وبشكل أفضل مما يتم تقديمه حاليا بالنظر إلى العجز في التخصصات المطلوبة.

وقامت الحكومة بزيادة مخصصات قطاع الصحة بنحو 290 مليون دولار بموازنة العام المالي الجاري لتصل إلى 2.5 مليار دولار بمعدل نمو 14 في المئة.

وبيّنت مصادر مصرية أن الفترة الحالية تشهد تنسيقا حكوميا بين وزارة الصحة والهيئة العامة للاستثمار لإعداد خارطة استثمارية تضم المناطق الجغرافية المؤهلة لتدشين مشاريع مختلفة بقطاعات الرعاية الصحية.

وأوضحت لـ”العرب” أن تلك الخارطة على غرار الخارطة الاستثمارية بمجالات الصناعة المختلفة، في إطار وثيقة سياسة ملكية الدولة الهادفة إلى رفع يد الدولة عن قطاعات عديدة وإفساح المجال بشكل أكبر أمام القطاع الخاص.

خالد الشافعي: على السلطات مراعاة حقوق الطبقة الفقيرة في العلاج
خالد الشافعي: على السلطات مراعاة حقوق الطبقة الفقيرة في العلاج

وقال مدير مركز العاصمة للدراسات الاقتصادية خالد الشافعي إن “مصر تسعى بشتى الطرق لتعزيز الاستثمارات الأجنبية، لكن القطاع الصحي له حساسية خاصة، نظرا لارتفاع معدل الفقر في البلاد، ولذلك ثمة مخاوف من عدم القدرة على تلقي هذه الخدمة بصورة مناسبة”.

وذكر لـ”العرب” أن الخطوة ربما تؤثر على أسعار الخدمات خلال الفترة المقبلة، ولذلك يجب أن تراعي السلطات هذه الخطوة، خاصة أنها تطبق برنامج الإصلاح الذي يُلزمها بمنح القطاع الخاص فرصة أكبر للانطلاق.

وطالب الشافعي بضرورة أن تكون الاستثمارات الخاصة في الصحة، بفرع الدواء الذي تشهد البلاد أزمة كبرى فيه من حيث الأسعار ونقص الكثير من الأصناف التي تتعلق الآمال بحلها قريبا بعد تحرير سعر الصرف ووفرة الدولار في البنوك للشركات في الوقت الحالي.

وتشهد الفترة الراهنة مساعي حثيثة من قبل بعض شركات الأدوية لتغيير أسعار الأدوية، وتعد هذه الشركات مقترحا ترمي إلى تقديمه إلى هيئة الدواء المصرية لتحريك أسعار الأدوية هبوطا، بعد تحرير سعر الصرف.

وحسب تصريحات متكررة لرؤساء عدد من شركات الأدوية، فإن تكلفة إنتاج الأدوية ارتفعت بشكل ملحوظ بعد الزيادة الكبيرة في سعر الدولار، علما أن الدواء سلعة مسعرة جبريا، ويعتمد نحو 90 في المئة منها على مدخلات إنتاج مستوردة.

وعقدت هيئة الدواء عدة اجتماعات مؤخرا لبحث تأثير قرار تحرير سعر الصرف على صناعة الأدوية، ومن المقرر أن يتم اتخاذ قرار بشأن الأسعار الفترة المقبلة.

ولفت خبراء إلى أن أزمة توفير العملات الأجنبية وانتشار السوق الموازية قبل قرار البنك المركزي بترك تحديد سعر الصرف وفقا لآليات العرض والطلب، أديا إلى ظهور نقص في الأدوية بشكل كبير بسبب عدم توافر السيولة المطلوبة لاستيراد المواد الخام اللازمة للإنتاج.

ووفقا لبيانات صادرة عن هيئة الدواء المصرية، بلغ عدد المصانع المرخصة 191 خلال العام الماضي بنحو 799 خط إنتاج، مقارنة بنحو 130 مصنعا بإجمالي 500 خط إنتاج عام 2014 بمعدل نمو 37 و60 في المئة على التوالي.

10