"تحت ظل الشيماني" توثيق تاريخي - اجتماعي لحياة قرية عمانية

طلال المعمري
مسقط- تتحدث الأكاديمية سالمة بنت نصيب الفارسية في كتابها “تحت ظل الشيماني” عن حياة القرية ومفرداتها في “طيوي” في عقدي الثمانينات والتسعينات من القرن العشرين، و”الشيماني” جبل تقع أسفله قرى مركز نيابة طيوي (الساحل، والشاب، والرفعة).
وتصف المؤلفة خلال اثني عشر فصلا، المفردات القديمة في قريتها التي نشأت فيها، وتعرّج على بعض العادات والحرف والمشاهدات التي اندثرت أو كادت. ومن أبرز فصول الكتاب: “حكايات أمي”، “قلوب واسعة”، “عروسنا سيري.. العرس التقليدي”، “نساء في الذاكرة”، “صخب الطفولة”، “فنون تقام للحياة” و”حرف كان يا ما كان”.
تقول المؤلفة في مقدمة الكتاب “ما زالت الذاكرة تحتفظ بألوان الدروب، وطلاء الأبواب، وحجارة الجدران، وأين ينقطع الدرب ويتحوّل إلى مفترقات، وإلى أيّ المسالك يفضي كل منها، وأيّ العقد تتخلّلها. وكذلك، ثمة أصوات الراحلين وألوان ثيابهم، رائحة الطبخ في كل بيت وقت الضحى وهي تشي بما سيتناولونه اليوم للغداء، الدخان المتصاعد من الحطب المشتعل، أجراس الدواب العابرة، صياح الديك المستمر على سطح زريبة الماشية، خوار بقرة الجيران في الضحى، عودة الرعاة مساء بهمهماتهم وثغاء أغنامهم ومأمأة خرافهم، تداخل الأصوات، الحركة الدؤوبة في طرق القرية قبيل الغروب”.
وبحسب الفارسية، رغم صعوبة العيش في قرية بسيطة، فإنه لا يمكن مفارقة فكرة أن “الوطن” هو مهد ذكريات الطفولة ومراتع الصبا، وهو المهرب الأخير من العالم الصاخب إلى عالم الذكريات الهادئ.
وتتحدث المؤلفة في الخاتمة عن علاقة الإنسان بالمكان “تعبر الأجيال وتبقى الأرض شاهدة على من مرّوا من هنا، وتبقى آثارهم لتقول “هنا كان آباؤكم، وهذا ما صنعوه. تبقى الأرض شاهدة على أن أولئك الآباء تركوا خلفهم جيلا قادرا على اقتفاء آثارهم لو وقف دقيقة مع نفسه، وعاد إلى تلك الآثار، وتيقن أن من استطاع أن يبدع في ضنك الحياة فمن المؤكد أن فرصته للإبداع أعظم في ظل رغد الحياة ورخائها”.
نقرأ على الغلاف الأخير “في هذه القرية، وفي نهاية العقد السابع وبداية العقد الثامن من القرن الماضي، تتشكل شخصية كاتبة هذه الذكريات. قرية تتضخم تفاصيلها محتلة ذكريات طفلة رشفت من حياة أطفال القرية حتى الثمالة. فجلّ من يتذكرها منهم، يتذكر طفلة طبعتها طبيعة المكان بتفاصيلها: فالشمس أحرقت شعرها، وأهدت عينيها بريقا من توهجها، والبحر ألبسها من تقلب أمواجه وعطاء أعماقه، وقمم ‘الشيماني’ وهبتها علوّ الطموح وثبات حب المكان والوفاء لأهل القرية ‘طيوي’، القرية التي مرّت عبرها العديد من الحضارات، حالها كحال أغلب مدن الساحل الشرقي لعمان، فلذا توشح سكانها ألوانا ومزاجات من أعراق شتى، وتشرّب أبناؤها ثقافات مختلفة”.
يذكر أن الكتاب صدر مؤخرا عن الجمعية العمانية للكتاب والأدباء بالتعاون مع “الآن ناشرون وموزعون”، في 272 صفحة من القطع المتوسط، وزُيّن غلافه بلوحة للفنان سعيد بن علي العلوي.
أما سالمة الفارسية فهي حاصلة على شهادة الدكتوراه في إدارة الموارد البشرية من جامعة العلوم الإسلامية الماليزية، ولها العديد من المشاركات والأوراق النقدية والدراسات.