انضمام مناوي للقتال مع الجيش السوداني ينذر بحرب أهلية بدارفور

رئيس حركة تحرير السودان يدفع بإقدامه على هذه الخطوة إلى صدامات بين الحركات المسلحة في الإقليم من شأنها أن تعيده إلى مربع الاشتعال.
الاثنين 2024/03/25
مناوي يسقط في فخ الحسابات الخاطئة

الخرطوم - أعلن أركو مني مناوي، مساء الأحد، توجه قوات من حركة تحرير السودان إلى العاصمة الخرطوم للمشاركة مع الجيش في القتال ضد قوات الدعم السريع، ما يشير إلى أن الحرب الدائرة بالبلاد مرشحة لمزيد الاشتعال في ظل فشل الجهود الإقليمية والدولية في إسكات الأسلحة.   

وبث مناوي، رئيس حركة تحرير السودان، حاكم إقليم دارفور (غرب)، عبر صفحته على فيسبوك مقطعا مصورا مسجلا وسط قواته المتحركة، قائلا "في طريقنا نحو العاصمة الخرطوم".

ومنذ منتصف أبريل 2023، يخوض الجيش، بقيادة البرهان، والدعم السريع شبه العسكرية، بقيادة محمد حمدان دقلو " حميدتي" حربا خلّفت حوالي 13 ألفا و900 قتيل ونحو 8.5 ملايين نازح ولاجئ، وفقا للأمم المتحدة.

وعند اندلاع الحرب، اختارت حركة تحرير السودان، الحياد، باعتبارها موقعة على اتفاق السلام لعام 2020، وأن الصراع يخص الجيش والدعم السريع، لكنها أعلنت في نوفمبر الماضي انحيازها إلى الجيش.

وبحسب تقدير الحركة، فإن عدد قواتها يصل إلى 30 ألف مقاتل في ولاية شمال دارفور، ومناطق أخرى بالبلاد.

واستعانة البرهان بحركة تحرير السودان المسلحة في القتال ضد الدعم السريع يشير إلى المصاعب الميدانية التي يعاني منها الجيش السوداني في تحقيق أي مكاسب ميدانية جديدة باستثناء استعادة مقر هيئة الاذاعة والتلفزيون بأم درمان.

كما يشير دخول حركة تحرير السودان في الحرب الدائرة من بوابة الخرطوم وإقليم دارفور الواقع غرب السودان إلى أن مناوي يدفع إلى صدامات بين الحركات المسلحة في الإقليم من شأنها أن تعيده إلى مربع الاشتعال، خصوصا وأن حركته وحركة العدل والمساواة التي يتزعمها وزير المالية جبريل إبراهيم قد شهدت انقسامات في نوفمبر الماضي، حيث أعلنت فصائل من الحركتين انضمامها للقتال إلى جانب قوات الدعم السريع، التي تسيطر على أكثر من 80 بالمئة من مناطق الإقليم.  

وبرر مناوي إقدامه على هذه الخطوة غير محسوبة العواقب قائلا "نحن نعيش في الأزمة التي تكمن في الاعتداء على الدولة وعلى حقوق المواطنين وكرامتهم وسيادة الدولة في مناطق كثيرة جدا بالبلاد".

وتابع "انتظرت حركة تحرير السودان عشرة أشهر منذ بدء الحرب من أجل الوصول إلى حلول، لكن لم يحدث ذلك".

وسعى لتحميل الدعم السريع المسؤولية متجاهلا امتثالها للقرار الأممي لوقف التصعيد في رمضان قائلا "لذلك يجب أن تساهم الحركة في إعادة ممتلكات الناس واستعادة سيادة الدولة من القادمين من ديار مختلفة (الدعم السريع)".

يأتي هذا في ما يرى مراقبون أن الحل العسكري في الفاشر قد يفجر أزمة كبرى تطال شظاياها الجميع بما في ذلك الجيش وقوات الدعم السريع بإشعال فتنة قبلية، وأن الحل في حسم موضوع المدينة بشكل سلمي.

ويقوم تكتيك الجيش السوداني والقيادات الإسلامية النافذة فيه على تهيئة الأجواء لإشعال حرب أهلية في دارفور بعد خسارة معارك عديدة في الإقليم، تصبح فيها بعض الحركات المسلحة رأس حربة لوقف توالي انتصارات قوات الدعم السريع التي فطنت إلى هذا المخطط وتمهلت في القيام بهجوم واسع على مدينة الفاشر حتى الآن.

ويعتقد فلول نظام الرئيس السابق عمر البشير من النافذين داخل قيادة الجيش أن بيئة دارفور ورواسب الحرب السابقة تساعدهم على إشعال حرب جديدة وتفجير بركان قد يقلب حسابات قوى حمّلت الجيش مسؤولية ما حدث من دمار في السودان.

ويعتقد هؤلاء أن معادلة دارفور العسكرية التي يتم الدفع نحوها تخفف انخراط قوات الدعم السريع في معارك الخرطوم ومناطق أخرى، وتفرض عليها التركيز على الفاشر.

وتتمركز في مدينة الفاشر عدة حركات مسلحة وقعت على اتفاقية السلام في جوبا مع الحكومة السودانية في أكتوبر 2020، وتولدت عنها هياكل أمنية هشة تحظى برعاية من الجيش، باعتبارها أداة للدفاع عن المدينة التي تعد آخر حصن له.

وأخفقت جهود وساطة محلية وعربية وأفريقية في إنهاء الحرب الأهلية في السودان.

وفي أكتوبر 2020، وقَّعت حركات مسلحة، بينها حركة تحرير السودان، على اتفاق جوبا للسلام، مما أتاح لها المشاركة في السلطة بالخرطوم، إلى جانب ترتيبات أخرى، كما نشطت في التوسط بين الجيش والدعم السريع في الأيام الأولى لبدء المعارك لوقف التصعيد العسكري، وفي الثامن من مايوالماضي غادر مناوي الخرطوم إلى الفاشر وسحب كل مقاتليه من الخرطوم.

وتبلغ مساحة إقليم دارفور حوالي 500 ألف كيلومتر مربع، ويعيش فيه نحو 6 ملايين نسمة، وله حدود برية مفتوحة مع تشاد وأفريقيا الوسطى وليبيا.