جدل حول إيقاف إعلامي تونسي بسبب "الإساءة" إلى موظفة

صاحبة الشكوى تتهم الصحافي محمد بوغلاب بالإساءة إليها والمس من سمعتها من الناحية الأخلاقية.
الاثنين 2024/03/25
إساءة أم حرية تعبير

تونس - أوقفت الشرطة التونسية الجمعة الصحافي محمد بوغلاب، المعروف بانتقاده سياسات الرئيس قيس سعيد، بتهمة “الإساءة إلى الغير” عبر شبكات التواصل الاجتماعي، على خلفية شكوى قدمت ضده من قبل موظفة في وزارة الشؤون الدينية بحسب ما أكد محاميه.

واستدعت فرقة أمنية متخصصة في الجرائم التكنولوجية في العاصمة تونس الإعلامي بوغلاب الجمعة، إثر شكوى تقدمت بها الموظفة من أجل تعليقاته الإذاعية والتلفزية حول الزيارات بالخارج وسياسات وزارة الشؤون الدينية.

وأوردت وسائل إعلام محلية أن صاحبة الشكوى تتهمه بـ”الإساءة إليها والمس من سمعتها من الناحية الأخلاقية”، وذلك في منشورات على صفحته على فيسبوك، وكذلك في مداخلاته الإعلامية. وقال المحامي حمادي الزعفراني “بعد ساعات من الاستماع، تقرر توقيفه لمدة48  ساعة".

وأثار إيقاف الإعلامي جدلا واسعا في تونس، فرغم وجود الكثير من الأصوات المتضامنة معه دفاعا عن حرية الصحافة والتعبير، إلا أن هناك آخرين رفضوا الإساءة والتشهير بحق موظفة عمومية، معتبرين أن الانتقاد تحكمه أصول الصحافة، وجاء في تعليق:

 

وتابعت:

 

لكن العديد من الصحافيين والإعلاميين أكدوا دعمهم المطلق لبوغلاب، وكتب الإعلامي إلياس الغربي:

وعلق الإعلامي حمزة البلومي:

من جهته، اعتبر رئيس النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين زياد دبار، إن “هذه القضية ما هي إلا محاولة جديدة لترهيب الصحافيين وإسكاتهم من خلال استغلال أجهزة الدولة”. ويعرف بوغلاب بانتقاداته للطبقة السياسية والرئيس سعيد. وبحسب نقابة الصحافيين، تتم حاليا محاكمة حوالي عشرين صحافيا على خلفية عملهم.

واعتبرت الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، مساء الجمعة، أنّ الاحتفاظ بمحمد بوغلاب وتتبّعه خارج النصوص القانونية المنظمة للصحافة والإعلام يعدّ “تعسّفًا واضحًا يرمي إلى النيل منه على خلفيّة عمله الإعلامي وممارسة حريته في التعبير”، حسب تقديرها. وعبرت الرابطة، في بيان لها عن تضامنها مع الصحفي محمد بوغلاب، مطالبة بإطلاق سراحه. كما عبّرت عن تضامنها مع الصحفي أمين الضبايبي، مطالبة بإيقاف التتبّعات ضدّ كليهما.

وأكد الصحافي أمين الضبايبي تلقيه استدعاء للحضور الجمعة 22 مارس 2024 لدى الفرقة المركزية الخامسة للحرس الوطني بالعوينة باعتباره ذا شبهة. ووجه الضبايبي إلى الرئيس قيس سعيد رسالة، نشرها على صفحته بموقع فيسبوك، دعا فيها ضمنيا إلى التدخل لمنع محاصرة الرأي وحرية التعبير.

◙ بوغلاب يعرف بانتقاداته للطبقة السياسية والرئيس سعيد، وبحسب نقابة الصحافيين تتم حاليا محاكمة حوالي عشرين صحافيا على خلفية عملهم

وقال الصحافي في رسالته ”إلى الرئيس قيس سعيد وأنت الضامن للحقوق والحريات”. وتابع ”حيث بلغني استدعاء للحضور لدى الفرقة المركزية الخامسة للحرس الوطني بالعوينة، ذا شبهة متهما بالتفكير والإفراط في النقد.. قد بدى لي أن النيابة العمومية التي أهملت تتبع لصوص المال العام وتجار المخدرات وكبار المهربين والقتلة وانشغلت بمتابعة الحوارات الصحفية في برنامج كابوتشينو على كاب أف أم حتى تمنعنا من نقد سياسات كبار المسؤولين في الدولة من وزراء وولاة قدس الله سرهم”.

وختم الضبايبي رسالته قائلا ”في كل الأحوال لم أكن يوما لا لصا ولا مجرما ولا مستوليا على المال العام ولا مِمّن يبثون الإشاعات والأكاذيب لن يتقدم بلد يطارد فيه وكيل جمهورية أصحاب الرأي والفكر والإعلام”. وسبق أن صرح الرئيس التونسي قيس سعيد، أنه لا خوف على حرية التعبير أو التنظيم في بلاده وأن ما اتخذه من إجراءات كان وفق الدستور وليس خارجه.

وذكر سعيّد خلال استقباله صحافيين من صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية “أردت أن أتقابل معكم لدحض كل الشائعات التي تروج لها بعض وسائل الإعلام، ليس للقيام بحوار، ولكنها رسالة لكل التونسيين والعالم أجمع بأن تونس بالرغم من الأزمة التي تعيشها فإنها تعمل في إطار ضمان الحقوق والحريات وما تم اللجوء إليه هو بناء على الدستور وليس خارجه”. وأضاف “أعلم جيدا النصوص الدستورية وأحترمها ودرّستها، وليس بعد هذه المدة كلها سأتحول إلى ديكتاتور كما قال البعض”.

ويأتي استدعاء الضبايبي بعد يوم من استدعاء الصحفي محمد بوغلاب الذي يشارك بصفة دورية في برنامج كابوتشينو على إذاعة كاب أف أم. وجدّدت رابطة الدفاع عن حقوق الإنسان استنكارها لتصاعد الملاحقات القضائية والإيقافات في حق الصحفيين على خلفية القيام بعملهم وتعبيرهم عن آرائهم، وخاصة عبر تفعيل المرسوم 54 وتجاهل القوانين المنظمة للعمل الصحفي والإعلامي وبالأساس المرسومين 115 و116. كما عبرت جمعية تقاطع من أجل الحقوق والحريات في بيان عن مساندتها التامة واللامشروطة للصحفي محمد بوغلاب، مطالبة بإطلاق سراحه فورًا ودون شروط.

5