مجلس الدولة الليبي يعلن رفضه قرار فرض رسوم على بيع العملة الأجنبية

دعوات لصالح والكبير بإلغاء الإجراءات ومعالجة المشكلة بمعايير مهنية.
الأحد 2024/03/24
الأعلى للدولة يعتبر أن الإجراء يغذي الصراع السياسي

أبدى المجلس الأعلى للدولة في ليبيا رفضه الإجراءات التي اتخذها محافظ مصرف ليبيا المركزي بالتنسيق مع رئيس مجلس النواب، والقاضية بفرض 27 في المئة من الرسوم على سعر بيع العملة الأجنبية، مطالبا بضرورة إلغائها.

طرابلس - أعلن المجلس الأعلى للدولة الليبي السبت رفضه إجراءات فرض رسوم على سعر بيع العملة الأجنبية، وطالب رئيس مجلس النواب ومحافظ مصرف ليبيا المركزي بضرورة إلغاء هذه الإجراءات، ومعالجة أساس المشكلة بمعايير مهنية علمية سليمة، وفي إطار القانون وحدود الاختصاص.

وقبل أسبوع، أصدر رئيس مجلس النواب، المستشار عقيلة صالح، قرارا بفرض رسم على سعر الصرف الرسمي للعملات الأجنبية بقيمة 27 في المئة لكل الأغراض حتى نهاية العام الجاري 2024، بينما وجّه مصرف ليبيا المركزي أمرا للمصارف بتنفيذ القرار.

ويشمل قرار خفض العملة الليبية، التي يتوقع أن يصل سعرها أمام الدولار إلى ما بين 5.95 و6.15 دينار انخفاضا من 4.8 دينار، كل أشكال التعامل بأسعار صرف العملات الأجنبية مع إمكانية تخفيض السعر وفق ظروف إيرادات البلاد.

وقال مجلس الدولة، في بيان، إن قرار عقيلة بمنزلة “مخالفة صريحة للتشريعات النافذة” إذ صدر عن “غير مختص”، منتقدا توقيت هذه الخطوة باعتبارها “لم تكن متوازنة بأيّ حال”، فضلا عن أنها “تغذي الصراع السياسي”، وتعد “محاولة لتوظيف خلافات الأطراف السياسية وتأجيجها”.

المجلس الأعلى للدولة رفض تحميل المواطن تبعات العجز الذي وصفه محافظ المصرف المركزي بأنه إنفاق مواز مجهول المصدر

كما اعتبر البيان أن تجاهل مجلس الدولة وتجاوزه في مثل هذه الظروف “أمر لا يمكن القبول به أو السكوت عنه، ومسألة ذات صلة وثيقة بالتفسير الخاطئ لجوهر نصوص الاتفاق السياسي والتأويل القاصر لطبيعة مهمة وحدود أدوار أطراف هذا الاتفاق”.

كما رفض المجلس تحميل المواطن تبعات العجز والخلل الذي وصفه محافظ المصرف المركزي بأنه “إنفاق مواز مجهول المصدر”.

وقال في هذا الشأن إن “المؤشرات تدل على أن هناك خرقا في منظومة حماية العملة الوطنية. وهذا أدّى إلى طباعة كميات كبيرة من العملة المزوّرة أودعت عنوة ببعض المصارف وتحولت إلى السوق لتلتهم كميات من العملة الأجنبية، مما زاد في ارتفاع سعرها، ونقل عبء تحمله إلى المواطن، وقد كان إلزاما على المصرف المركزي أن يتخذ خطوات عملية في نطاق اختصاصه ومسؤوليته ، لمنع هذه الجريمة، وإبلاغ الجهات المختصة عنها حال تفطنه لوقوعها”.

وبيّن المجلس أن معالجة مثل هذه المسائل “ينبغي ألا تتم بإجراءات مستعجلة ودون دراسة من ذوي الاختصاص”، واستنكر إلزام المواطنين بتوقيع تعهدات تقضي بعدم المطالبة باسترداد قيمة الرسوم، معتبرا أن هذا يعد “إكراها غير مشروع ولا مسبوق، ومصادرة لحق التقاضي، ومخالفة صريحة للحقوق الأساسية والحريات الدستورية”.

وطالب المجلس رئيس مجلس النواب ومحافظ المصرف المركزي بضرورة إلغاء ما تم من إجراءات ومعالجة أساس المشكلة بمعايير مهنية علمية سليمة وفي إطار القانون وحدود الاختصاص.

وبحسب القرار، ستضاف نسبة 27 في المئة لسعر صرف الدينار الحالي مقارنة بالعملات الأجنبية، مع إمكانية تخفيض الرسوم حسب ظروف إيرادات الدولة، وشرط توجيه إيراداتها لمشروعات التنمية أو سداد الدين العام.

وجاء قرار فرض الرسوم مع استمرار الانقسام السياسي في البلاد، وأثناء اندلاع خلاف بين المحافظ الصديق الكبير، ورئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة حول سياسة إنفاق الأخير، وعقب شهور من تدهور سعر الدينار الليبي في السوق الموازية للعملات، حيث هبط من 5.20 إلى 7.25 مقابل الدولار الأميركي، فيما يستمر استقرار السعر الرسمي عند 4.85، الأمر الذي دفع المحافظ إلى اقتراح فرض الضريبة، على أن يكون السعر ما بين 5.95 و6.15 دينار للدولار الواحد.

وفي أول رد فعل، طالب 29 عضوا بمجلس النواب صالح بسحب القرار. ودعوا إلى عقد جلسة عاجلة لمناقشة الأمر، مشيرين إلى أنه في حال عدم الاستجابة سيلجؤون إلى القضاء لوقف القرار.

وأعرب الأعضاء في بيان مشترك عن أسفهم من القرار الذي وصفوه بـ”المجحف بحق المواطن البسيط، وأنه غير مدروس”. وأكدوا أن القرار تجاوز صلاحيات رئيس مجلس النواب المخوّلة له بشان اللائحة الداخلية للمجلس، مشددين على أنه لا يمكن فرض ضريبة إلا بقانون.

وأشاروا إلى ما تمثله هذه الخطوة من ضرر على المواطن، دون أن تكون حلا لأيّ مشكلة، بل تشجيعا على المزيد من الصرف خارج القانون وتغطية للنهب الحاصل في مختلف بنود الميزانية.

ورغم الأزمات والفوضى، أنهت ليبيا العام الماضي بمعدل تضخم بلغ 2.4 في المئة، وفق بيانات البنك المركزي، وهو أقل بكثير من المستوى المسجل في باقي الدول العربية بشمال أفريقيا.

ويشكو النظام المالي الليبي من ثغرات كثيرة يتوجب إصلاحها، مردّها تأثيرات الحرب ورفض النافذين أيّ مساع لإعادة بناء قدرات اقتصاد البلد النفطي العضو في أوبك.

ويقول خبراء إنه يحتاج إلى إصلاحات عميقة لتنسجم مع الظروف الراهنة لأن توفير التمويل للشركات والمستثمرين سيحرّك خيوطا كثيرة، منها الاستهلاك وتنمية التجارة وتحصيل عوائد إضافية لخزينة الدولة.

2