الصراع على مسارات نقل المساعدات يعقّد جهود الإغاثة في السودان

الخرطوم - تحولت مسارات نقل المساعدات الإنسانية في السودان إلى نقطة صراع جديدة بين الجيش وقوات الدعم السريع، الأمر الذي يشكل تعقيدا إضافيا لجهود إغاثة المتضررين من الحرب لاسيما في إقليم دارفور غرب البلاد.
وأعلنت قوات الدعم السريع عن رفضها القاطع لمسار مرور المساعدات إلى إقليم دارفور عبر الولاية الشمالية، محذرة من مخطط يجري تنفيذه لنقل إمدادات عسكرية لولاية شمال دارفور.
وتسيطر قوات الدعم السريع على معظم أنحاء دارفور في المقابل يفرض الجيش محاصرة لصيقة على مسالك مرور المساعدات للمدنيين، الأمر الذي بات يهدد الإقليم بمجاعة.
ويقول مراقبون إن الجيش يريد فرض مرور المساعدات عبر المناطق الخاضعة لسيطرته أو الحركات المسلحة الموالية له، وهذا الأمر يشكل مصدر قلق كبير بالنسبة إلى قوات الدعم السريع التي تخشى من استغلال الأمر كغطاء لتمرير إمدادات عسكرية للطرف المقابل.
وتطرح الدعم السريع خيار إيصال المساعدات الإنسانية لدارفور عن طريق معبر الجنينة بولاية غرب دارفور الخاضعة كليا لسيطرة قواتها ضمن ثلاث ولايات أخرى وهي جنوب وشرق ووسط دارفور، وهو ما يرفضه الجيش بشدة.
وأعلن حاكم إقليم دارفور، رئيس حركة تحرير السودان مني أركو مناوي، الأربعاء، عن اتفاقه مع وكالات الأمم المتحدة ومنظمات دولية تنشط في العمل الإنساني على اعتماد مسارات جديدة لإيصال المساعدات الإنسانية لسكان إقليم دارفور تبدأ من مدينة بورتسودان مرورا بمنطقة “الدبة” بالولاية الشمالية حتى ولاية شمال دارفور.
مخاوف الدعم السريع لها ما يبررها، والحل يكمن في الضغط من أجل وقف الحرب، والدفع باتجاه التسوية السياسية
ويخضع المعبر لسيطرة الجيش، والحركات المسلحة الحليفة وهي تحرير السودان بقيادة مني أركو مناوي والعدل والمساواة التي يقودها جبريل إبراهيم.
وقالت قوات الدعم السريع في بيان نشرته على منصة إكس إنها ترفض ما أسماه مناوي بـ”اتفاق على إيصال المساعدات الإنسانية من بورتسودان عبر طريق الدبة إلى دارفور”، وأكدت أن الاتفاق لا يعنيها في شيء ولن تعترف به، وأوضحت أن مناوي لا يملك الحق في إبرام أي اتفاق، أو استلام الإغاثة نيابة عن أهل دارفور دون تفويض.
وأوضحت أنه “في حال كان مناوي يستند إلى اتفاقية جوبا لسلام السودان، فإن الاتفاقية قد مزّقها البرهان إرباً إرباً، وإذا كان يستند إلى شرعية سلطة بورتسودان، فقد حرّرت قواتنا الباسلة كل دارفور من سيطرة الفلول وزبانيتهم الذين دمروها تدميراً”، حسب مفردات البيان. وأضاف بيان الدعم السريع “بناءً على ذلك وتمسكاً بحقنا المشروع في اتخاذ جميع الاحتياطات اللازمة والضرورية للدفاع عن النفس، فإننا لن نسمح بأن يتم اتخاذ المساعدات الإنسانية لإمداد كتائب النظام السابق بالسلاح والذخائر خدمةً لأجندتها الحربية أو مخططاتها العسكرية”.
وقالت الدعم السريع إن معلومات وأدلة دامغة توفرت لها، عن محاولات تجري لإدخال الأسلحة والذخائر إلى مناطق في دارفور ومدينة الفاشر في شمالي دارفور على وجه التحديد، لخلق فتن قبلية تعيد دارفور إلى مربع الصراع الإثني المدمر، وذلك ضمن تحالف بعض فصائل حركات دارفور مع “جلاديهم السابقين في المؤتمر الوطني وكتائبه الإرهابية التي تقصف يومياً بالبراميل المتفجرة أهلنا المغلوبين على أمرهم في دارفور”.
وتصاعدت في الأيام الأخيرة حدة المواجهات بين الجيش والحركات الموالية له وبين قوات الدعم السريع في دارفور لاسيما في الفاشر، حيث يحاول الجيش جاهدا استعادة بعض التوازن العسكري الذي فقده في الإقليم.
ويقول متابعون إن مخاوف الدعم السريع لها ما يبررها، مشيرين إلى أن الحل يكمن في الضغط من أجل وقف الحرب، والدفع باتجاه التسوية السياسية.
وحذرت منظمات أممية هذا الأسبوع من أن السودان مهدد بأسوأ أزمة إنسانية في التاريخ الحديث، وأنه قد يجد نفسه في مواجهة مجاعة في الصيف المقبل، إذا لم يكن هناك تحرك دولي فاعل.
وقالت قوات الدعم السريع في بيانها إنها ملتزمة بتعهداتها السابقة بتسهيل وصول المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين في مناطق سيطرتها، لكنها تتمسّك بالعرف المتبع في الحرب، وهو أن يتم نقل وتوصيل المساعدات الإنسانية بالاتفاق بين أطراف الحرب، أو الاتفاق بين المنظمات والأطراف الراغبة في تقديم الإغاثة والطرف المسيطر على المناطق التي تنوي المنظمات والأطراف إيصال الإغاثة إليها.
واتهمت مناوي بتحويل الإغاثات والمساعدات المخصصة لأهل دارفور، إلى مصلحته وتخزينها من أجل ابتزاز المواطنين، وحمّلته المسؤولية الكاملة أمام أهل دارفور الذين قالت إنهم يعانون المجاعة وانعدام الغذاء.
وقالت إن قائد الجيش عبدالفتاح البرهان و”كتائبه المتطرفة” يقومون ببيع مواد الإغاثة في الأسواق، داعية الفاعلين في الحقل الإنساني إلى توصيل المساعدات الإنسانية مباشرة إلى مستحقيها، وشددت “من جانبنا سنتعاون في تأمين وحماية المساعدات داخل مناطق سيطرة قواتنا”.