الطلب على النفط يختبر حسابات العودة إلى الذروة

وكالة الطاقة الدولية تتوقع أن يرتفع الطلب على النفط بمقدار 1.3 مليون برميل يوميا في عام 2024.
السبت 2024/03/23
الطلب يتجاوز كل التوقعات

لندن - يستخدم العالم المزيد من النفط أكثر من أيّ وقت مضى، ويتجاوز الطلب التوقعات مرة أخرى هذا العام، مما يثير سجالات بين أوساط القطاع والمحللين حول موعد وصول الاستهلاك العالمي إلى ذروته.

وساهم التعطش المستمر للنفط الخام في زيادة لهجة الثقة من جانب المسؤولين التنفيذيين في أسبوع “سيرا” هذا العام من خلال مؤتمر ستاندرد آند بورز العالمي، وهو الاجتماع السنوي للصناعة في هيوستن، عاصمة الطاقة الأميركية.

ورغم صعود السيارات الكهربائية والطاقة المتجددة، أكد المشاركون في المؤتمر هذا الأسبوع أنهم يتوقعون ارتفاع الاستهلاك لسنوات عديدة قادمة، مما يوجه ضربة لتحقيق أهداف إزالة الكربون من الاقتصاد العالمي.

وقال أمين الناصر الرئيس التنفيذي لشركة أرامكو السعودية، أكبر منتج في العالم، “علينا أن نتخلى عن خيال التخلص التدريجي من النفط والغاز”.

1.3

مليون برميل مقدار ارتفاع الطلب اليومي في 2024 وفق وكالة الطاقة الدولية

وأضاف في خطاب صفق له الحاضرون بحماس “علينا بدلا من ذلك أن نستثمر فيها بشكل مناسب، بما يعكس افتراضات الطلب الواقعية، طالما كانت ضرورية”.

وقال راسل هاردي، الرئيس التنفيذي لفيتول أس.أي، أكبر شركة عالمية لتجارة النفط، أمام المؤتمر إن “شركته تؤجل الذروة المقدرة لاستهلاك النفط إلى أوائل ثلاثينات القرن الحالي بسبب التوقعات المنخفضة بشأن اعتماد السيارات الكهربائية”.

وتتوقع وكالة الطاقة الدولية، حارس أمن الطاقة في العالم الصناعي، أن يرتفع الطلب على النفط بمقدار 1.3 مليون برميل يوميا في عام 2024.

وفي حين أن هذا أقل من قفزة العام الماضي البالغة 2.2 مليون برميل، عندما أدى خروج الصين من قيود كوفيد إلى زيادة الاستهلاك، إلا أنه لا يزال صحيا بالمعايير التاريخية.

وتتوقع الوكالة، التي اضطرت إلى رفع توقعاتها عدة مرات، أن يبلغ متوسط الطلب اليومي مستوى قياسيا عند 103.2 مليون برميل هذا العام. ويشير ذلك إلى قوة الاقتصاد الأميركي والمسافة الإضافية التي تقطعها السفن متجنبة قناة السويس كمحركين للطلب.

لكن الكثيرين في الصناعة يعتقدون أن الوكالة، التي تتوقع أن يصل الطلب العالمي إلى ذروته قبل نهاية العقد الحالي، متحفظة للغاية على المديين القصير والمتوسط.

وتتوقع شركة تجارة النفط كونفور غروب زيادة قدرها 1.4 مليون برميل يوميًا هذا العام. وتقول شركة ترافيغورا، وهي تاجر عالمي آخر، إن التوقعات المتفق عليها تبلغ حوالي 1.5 مليون برميل، لكنها تقول إن هناك مخاطر صعودية كبيرة لهذه التوقعات.

وقال سعد رحيم كبير الاقتصاديين في ترافيغورا في مقابلة مع وكالة بلومبرغ على هامش المؤتمر إن “الاقتصاد الأميركي، على وجه الخصوص، فاجأ بالاتجاه الصعودي”. وأضاف “أداء الطلب على النفط أفضل من التوقعات”.

وساعدت قوة الاستهلاك في دفع أسعار النفط إلى الارتفاع، حيث ارتفعت العقود الآجلة لخام برنت القياسي بنسبة 11 في المئة هذا العام، حيث تم تداولها عند نقطة واحدة بأكثر من 87 دولارا للبرميل.

وهناك مناطق يكون فيها الطلب قويا بشكل خاص، حيث أدى تغيير مسار السفن بعيدًا عن البحر الأحمر وحده إلى إضافة 100 ألف برميل يوميًا إلى الطلب العالمي، وفقا لشركة فيتول. ويعتبر وقود الطائرات والمواد البلاستيكية من المحركات القوية أيضًا.

ومن المقرر أيضا أن تكون الهند مساهما رئيسيا في الاستخدام الإضافي. وتتوقع حكومتها أن ينمو الاقتصاد بنسبة 7 في المئة خلال السنة المالية التي تبدأ في أبريل المقبل، مما يجعلها واحدة من أسرع الاقتصادات الكبرى نمواً.

التعطش المستمر للنفط الخام ساهم في زيادة لهجة الثقة من جانب المسؤولين التنفيذيين في أسبوع “سيرا” هذا العام من خلال مؤتمر ستاندرد آند بورز العالمي

ومن المتوقع أن تصبح الهند، ثالث أكبر مستورد للنفط في العالم بعد الصين والولايات المتحدة، أكبر مصدر منفرد لنمو الطلب العالمي من الآن وحتى عام 2030، وفقا لوكالة الطاقة الدولية.

وقالت هيلين كوري، كبيرة الاقتصاديين في شركة كونوكو فيليبس الأميركية لإنتاج النفط “ظل الطلب على النفط قويا للغاية، سواء في الولايات المتحدة أو في بلدان أخرى، سواء في البلدان المتقدمة أو الأسواق الناشئة”.

وأضافت “نحن نتطلع إلى ارتفاع قياسي آخر في الطلب العالمي هذا العام في جميع المجالات”.

وإلى أن يتم كسر العلاقة بين النمو الاقتصادي وارتفاع الطلب على البنزين والديزل والمنتجات النفطية الأخرى، فمن المرجح أن تظل ذروة استهلاك النفط الخام بعيدة المنال.

وسيكون صعود المركبات الكهربائية على حساب محركات الاحتراق الداخلي أكبر عائق أمام الطلب على النفط في السنوات المقبلة، خاصة في الصين.

لكن البحث الذي أجرته بلومبرغ أن.إي.أف يتوقع أن يتباطأ نمو مبيعات السيارات الكهربائية في السنوات المقبلة، في حين يستمر إجمالي مخزون المركبات التي تعمل بالبنزين والديزل في الارتفاع.

وقال الشيخ نواف الصباح الرئيس التنفيذي لمؤسسة البترول الكويتية، هذا الأسبوع، موضحا سبب خطط بلده لتوسيع طاقتها الإنتاجية “إننا نرى الطلب يتزايد خلال هذا التحول في مجال الطاقة”.

11