إسرائيل تعمل على تقويض مقومات حكم حماس تحضيرا لليوم التالي

غزة - تقول أوساط فلسطينية إن إسرائيل تتعمد تقويض مقومات الحكم لحماس في قطاع غزة، من خلال ضرب العلاقة بين الحركة وبين العائلات والعشائر الفلسطينية، تمهيدا لمرحلة ما بعد الحرب على القطاع.
وتشير الأوساط إلى أن كل أجهزة الحركة، بما في ذلك الجهازين الأمني والإداري، باتت هدفا إسرائيليا، وهو ما يتضح في عملية اغتيال العميد فايق المبحوح، مسؤول التنسيق مع العشائر ووكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) لإدخال وتأمين المساعدات الإنسانية إلى شمال غزة.
وأعلن الجيش الإسرائيلي الاثنين أنه قتل رئيس مديرية العمليات بجهاز الأمن الداخلي في حماس فائق المبحوح داخل مستشفى الشفاء بمدينة غزة، حيث تجري مواجهات مستمرة بين الجيش الإسرائيلي ومقاتلي حماس، وأدت حتى الثلاثاء إلى مقتل أكثر من 50 فلسطينيا، واعتقال قرابة 200 آخرين.
وقال المحلل السياسي إبراهيم المدهون إن “اغتيال إسرائيل لعميد في الشرطة الفلسطينية أمر خطير وليس الحدث الأول، فهو يأتي ضمن سلسلة استهدافات طالت كوادر شرطية وأمنية بمحافظات غزة المختلفة”.
وأشار إلى أن الاغتيال “يدل على أن الاحتلال معني بنشر الفوضى، ويستهدف اللجان الشعبية والشرطة وكل من يعمل على استقرار غزة”. وأوضح أن العشائر الفلسطينية رفضت التعامل مع إسرائيل، وفضلت البقاء مع تنسيقها مع جهاز الشرطة، ولهذا أقدمت إسرائيل على اغتيال المبحوح.
ويعتقد المدهون أن السماح بدخول المساعدات الإنسانية لشمال قطاع غزة خلال اليومين الماضيين، يهدف إلى معرفة آلية عمل الشرطة الفلسطينية مع العشائر، وتوجيه عمليات استهداف واغتيال، مثلما حصل مع المبحوح.
ويرى أن إسرائيل تعمل على ضرب الأجهزة الإدارية في قطاع غزة، والمكونة من الشرطة التي بدورها تحافظ على الاستقرار. وأشار إلى أن المبحوح هو “أحد أركان عمل الشرطة المدنية، ومن الطبيعي أن يدير العمل من أيّ مكان، ولقد لعب دورا إيجابيا خلال اليومين الماضيين أثناء التنسيق مع العشائر في تسليم وتوزيع المساعدات، وهذا ما أزعج إسرائيل ودفعها لاغتياله”.
بدوره، يقول أسامة المغير، الكاتب والمحلل الفلسطيني “في هذه المرحلة الزمنية، تشكل مسألة الإشراف على توزيع المساعدات عنوان الحكم والسيطرة في القطاع، وتريد إسرائيل أن تمنع حماس من هذه الصورة”. ويرى أن “الهدف المركزي لإسرائيل من عملية اغتيال المبحوح هو القضاء على مقوّمات الحكم المدني لحركة حماس في قطاع غزة، وجعلها غير قادرة على السيطرة على الأرض وسكان القطاع”.
ويشير إلى أن إسرائيل تحاول ترجمة ذلك من خلال تصفية عناصر الحركة الناشطين على الأرض، وقطع الصلة بين حماس والفئات الفلسطينية القائمة في القطاع من عشائر وعائلات. ويعتقد المغير أن إسرائيل تسعى من خلال عملية الاغتيال لربط العشائر والعائلات معها سياسيًا وأمنيًا، في إطار نظام الحكم الجديد الذي تسعى لفرضه في اليوم التالي للحرب.
وخلال الأيام الماضية حاولت إسرائيل من خلال أطراف ومؤسسات دولية إيجاد بديل عن إدارة حركة حماس لقطاع غزة، عبر هيئات مدنية من العشائر، لكن هذه المحاولات واجهت تحفظات من العائلات الفلسطينية، التي تخشى من أن تجد نفسها في مواجهة مع حماس. ووفق مسؤولين فلسطينيين وحقوقيين ومصادر محلية، فإن أطرافا دولية اجتمعت مؤخرا، بتوجيه إسرائيلي مع عائلات فلسطينية بمدينة غزة، لتولي أدوار في إدارة القطاع. وإضافة إلى محاولة إزاحة حماس عن حكم غزة، تهدف إسرائيل من وراء هذه الخطوة إلى إعادة نفوذ العائلات في القطاع. وقبيل سيطرة حماس على حكم غزة في 2007، كانت بعض العائلات تتمتع بنفوذ كبير، إضافة إلى امتلاكها أسلحة فردية متنوعة، ما تسبب في خلافات وحالة من الفلتان الأمني، وهو ما نجحت الحركة في القضاء عليه.
وحافظت العائلات خلال السنوات الماضية على هذه الحالة وشكل مخاتيرها (أعيانها) لجانا وتجمعات لإنهاء أيّ خلافات أو مشاكل مجتمعية بالتنسيق مع الحكومة. وفي 11 مارس الجاري، قال تجمع القبائل والعشائر والعائلات الفلسطينية بغزة، في بيان، إن القبائل ليست “بديلا عن أيّ نظام سياسي فلسطيني” بل مكون من المكونات الوطنية و”داعم للمقاومة ولحماية الجبهة الداخلية” في مواجهة إسرائيل.
واعتبرت حركة حماس، أن اغتيال إسرائيل فايق المبحوح، منسق إدخال المساعدات الإنسانية إلى شمال غزة، يهدف إلى “نشر الفوضى وضرب السلم المجتمعي في القطاع”. ومؤخرا وصلت دفعتان من المساعدات لأول مرة منذ نحو 4 أشهر إلى مدينة جباليا شمال قطاع غزة، عبر شارع صلاح الدين الذي يربط بين جنوب القطاع وشماله، بتأمين من العشائر والعائلات وجهاز الشرطة في حكومة غزة.
وجراء الحرب وقيود إسرائيلية، بات سكان غزة ولاسيما محافظتي غزة والشمال على شفا مجاعة، في ظل شح شديد في إمدادات الغذاء والماء والدواء والوقود، مع نزوح نحو مليوني فلسطيني من سكان القطاع الذي تحاصره إسرائيل منذ 17 عاما.ولا مؤشر حتى الآن عن إمكانية تحقق هدنة إنسانية، رغم الجهود الدولية للضغط على إسرائيل.
وأعلن متحدث وزارة الخارجية القطرية ماجد الأنصاري، الثلاثاء، استئناف المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل وحركة حماس في الدوحة للتوصل إلى وقف لإطلاق النار وصفقة لتبادل الأسرى، مبينا أن اجتماع الاثنين حمل رد تل أبيب على مقترح حماس.
وفي وقت سابق الثلاثاء، عاد رئيس جهاز الموساد دافيد بارنياع إلى إسرائيل قادما من الدوحة، بعد زيارة استغرقت ساعات عقد خلالها محادثات مع الوسطاء المصريين والقطريين بشأن التوصل إلى صفقة مع حماس، فيما ظل الفريق الفني الإسرائيلي في قطر.
وقال الأنصاري في مؤتمر صحفي أسبوعي، إنه تم استئناف المفاوضات في الدوحة، وإن الاجتماع الذي عقد (الاثنين) حمل الرد الإسرائيلي على مقترح حماس. وأضاف "انتقلنا إلى الاجتماعات التقنية، رئيس الموساد غادر الدوحة، لكن الفريق الفني الإسرائيلي لا يزال مجتمعا".
وحذّر المتحدث القطري من مغبة إقدام إسرائيل على شن هجوم بري على مدينة رفح (جنوب) المكتظة بالنازحين، معتبرا أن “أي هجوم إسرائيلي على رفح سيؤثر سلبا في التوصل إلى اتفاق”.