المجتمع الدولي يتغافل عن أزمة سوريا المستمرة

تحذيرات من تصاعد العنف مجددا في وقت يتركز الاهتمام على أزمات أخرى مثل الهجوم الروسي على أوكرانيا والحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.
الأربعاء 2024/03/20
رسالة إلى العالم: مأساة سوريا المتواصلة

دمشق - تشهد الحرب الأهلية في سوريا جمودا مستمرا منذ سنوات، حيث انقسمت البلاد إلى مناطق تسيطر عليها حكومة الرئيس بشار الأسد، وأخرى موزعة بين جماعات جهادية وقوات كردية. وحذر مراقبون من تصاعد العنف مرة أخرى مع دخول الصراع عامه الرابع عشر يوم الجمعة، لكن جل اهتمام المجتمع الدولي انصب على أزمات أخرى، مثل الهجوم الروسي على أوكرانيا والحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.

وفي قرية النيرب في جيب إدلب الشمالي الغربي الذي تسيطر عليه فصائل جهادية يحاول علي الأحمد الحفاظ على دفء منزله المدمر جزئيا بإشعال أغصان من شجرة الزيتون في موقد. واستُهدف مسكن الأحمد خلال جولة القصف الأخيرة التي شنتها القوات الحكومية. لكنه بدا في حالة أفضل من العديد من المنازل المحيطة به، والتي تحولت إلى أنقاض.

ويضطر الأحمد إلى مغادرة منزله كلما بدأت جولة قصف جديدة، ويحتمي في أحد مخيمات النازحين القريبة حتى يهدأ الوضع ويتمكن من العودة وإصلاح الأضرار. وقال "نعود ليوم أو يومين، ثم يقصفوننا. فنغادر لبضعة أيام، ثم نعود إلى قريتنا لنجد منازلنا مدمرة".

وكشفت لجنة التحقيق المستقلة بشأن سوريا، والتي أُنشئت عبر مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، في وقت سابق أن البلاد شهدت أسوأ موجة عنف منذ عام 2020. واندلعت الحرب السورية في عام 2012 وحصدت أرواح حوالي نصف مليون شخص وشرّدت نصف سكان البلاد الذين كان عددهم 23 مليون نسمة قبل اندلاعها.

ديفيد كاردن: يوجد 4.2 مليون شخص محتاج في شمال غرب سوريا
ديفيد كاردن: يوجد 4.2 مليون شخص محتاج في شمال غرب سوريا

وجاءت الحرب في أعقاب احتجاجات سلمية اندلعت في مارس 2011، وكانت الاحتجاجات جزءا من انتفاضات الربيع العربي الشعبية التي انتشرت في معظم أنحاء الشرق الأوسط في عام 2011. لكن الحكومة السورية قابلتها بحملة قمع وحشية.

وسرعان ما تحولت الاحتجاجات إلى حرب أهلية شاملة. وزاد تدخل القوات الأجنبية من مختلف أطراف الصراع في تعقيدها. كما ساءت الأمور إثر صعود الجماعات المرتبطة بتنظيم القاعدة ثم تنظيم الدولة الإسلامية حتى هزيمته في عام 2019.

وشاركت روسيا وإيران، حليفا الأسد الأكبرين، بشكل مباشر في الحرب. ودعمت تركيا مجموعة من التنظيمات الجهادية. وفي المقابل دعمت الولايات المتحدة القوات الكردية السورية في القتال ضد تنظيم الدولة الإسلامية. كما نفذت إسرائيل غارات جوية استهدفت حزب الله اللبناني والقوات الإيرانية المنتشرة في سوريا.

وبمرور الوقت بلغت ساحات القتال طريقا مسدودا في الدولة التي مزقتها الحرب. وانطلق التصعيد الأخير بغارة شُنّت في أكتوبر الماضي عبر طائرة من دون طيار على حفل تخرج في الكلية الحربية بمدينة حمص التي تسيطر عليها الحكومة. وأسفر الهجوم عن مقتل العشرات.

وقالت لجنة التحقيق المستقلة الدولية إن الحكومة السورية والقوات الروسية المتحالفة معها قصفت الشمال الغربي الذي تسيطر عليه هيئة تحرير الشام وأصابت “مستشفيات ومدارس وأسواقا ومخيمات للنازحين داخليا كانت معروفة وواضحة”. واستهدفت الضربات الإسرائيلية المتكررة بشكل متزايد أهدافا مرتبطة بإيران في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة في سوريا. لكن الهجمات تصيب المدنيين أيضا في بعض الأحيان.

وصعّدت تركيا هي الأخرى هجماتها على القوات الكردية المدعومة من الولايات المتحدة في شمال شرق  البلاد. كما شن مسلحون من خلايا تنظيم الدولة الإسلامية هجمات متفرقة في أجزاء مختلفة من البلاد، استهدفت بالأساس القوات الحكومية السورية.

وشهدت المناطق التي تسيطر عليها هيئة تحرير الشام المرتبطة بتنظيم القاعدة اضطرابات في الأسابيع الأخيرة أيضا، حيث اندلعت احتجاجات في إدلب. ولا يوجد حل في الأفق للأزمة السورية التي تعاني من كل طبقات الصراع المتعددة والمعقدة.

وقال ديفيد كاردن، نائب منسق الأمم المتحدة الإقليمي للشؤون الإنسانية للأزمة السورية، خلال زيارة أداها مؤخرا إلى شمال غرب سوريا، “إن خطة الأمم المتحدة للاستجابة الإنسانية لسنة 2023 لم تتلق سوى 38 في المئة من الخمسة مليارات دولار المطلوبة”.

وأكد كاردن أن هذا كان أدنى مستوى منذ أن أصدرت الأمم المتحدة نداءاتها. وأضاف المسؤول الأممي “يوجد 4.2 مليون شخص محتاج في شمال غرب سوريا. ويمثل الأطفال مليونين منهم، من بينهم مليون شخص لا يذهبون إلى المدرسة. هذا جيل ضائع”.

وضاعف بؤس سوريا الزلزال المدمر الذي شهدته في السادس من  فبراير 2023 وبلغت قوته 7.8 درجة على مقياس ريختر وأودى بحياة أكثر من 59 ألف شخص في تركيا وسوريا. وقتل نحو 6 آلاف منهم في سوريا وحدها، خاصة في الشمال الغربي، حيث يعتمد 4.5 مليون شخص على المساعدات الإنسانية للبقاء على قيد الحياة.

وتكافح وكالات الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية الأخرى لتمويل البرامج التي توفر شريان الحياة في سوريا، وتُرجع  الوكالات التقصير إلى إرهاق المانحين وجائحة كوفيد - 19 والنزاعات في أماكن أخرى التي اندلعت خلال السنوات الأخيرة.

وأعلن برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة في ديسمبر أنه سيوقف برنامجه الرئيسي للمساعدة في سوريا قبل انقضاء السنة الحالية، في وقت يفتقر فيه أكثر من 12 مليون سوري إلى الغذاء بشكل منتظم.

2