محكمة بحرينية تجدد الجدل حول التجسس على هواتف الأزواج

عاد الجدل حول مسألة السماح للزوجين بالتجسس على هواتف بعضهما البعض بعد قرار محكمة بحرينية السماح به ودفاعها عنه تحت ذريعة اقتضاء الأمر، رغم أنه سبق أن حرمته دار الإفتاء المصرية معتبرة أنه يهز الأسرة وأن التفتيش في الهاتف من قبل الزوجة أو الزوج هو تجسس وحرام شرعا.
المنامة - أرست محكمة بحرينية قانونا جديدا يجيز للزوجين الاطلاع على هاتفي بعضهما، بعد إدانة امرأة بجريمة “الزنا”، مما أثار نقاشا قانونيا واجتماعيا نظرا لأضراره على مؤسسة الزواج. كما أن الكثير من الآراء الشرعية أجمعت على تحريم التجسس على هاتف الأزواج.
وقالت محكمة التمييز البحرينية إن “عشرة الزوج والزوجة.. وما يفرضه عليهما عقد الزواج من تكاليف لصيانة الأسرة وحفظ كيانها وسمعتها، يخول لكل منهما.. عند الاقتضاء في الحياة الزوجية، أن يتقصى ما عساه أن يساوره من ظنون أو شكوك لكي يكون على بينة من عشيره، ليثبت منها ويقرر ما يرتئيه”.
وأكدت المحكمة أنه إذا كانت الزوجة قد حامت حولها عند زوجها شبهات قوية فإنه يكون له أن يستولي ولو خلسة على ما يعتقد قد وجده من رسائل الشبهات سواء في حقيبتها أو هاتفها الموجود في بيته وتحت بصره ثم أن يشهد بها عليها إذا رأى محاكمتها جنائيا لإخلالها بعقد الزواج، وأن المحكمة قدرت من واقع الدعوى توافر الظنون لدى الزوج وفتحه لهاتف الطاعنة والاطلاع على ما بداخله من محادثات فإنه لا تثريب عليه وجاز للمحكمة أن تستند على تلك الدلائل الخاصة بالطاعنة وشريكها المتهم الثاني خاصة وأنها لم تنف صدورها عنها أو تنكرها.
وقالت إن “إساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي فتحت أبواب المشاكل وسهلت ارتكاب الخيانة الزوجية”، مضيفة “القانون الصارم الذي يطبق بشكل صارم، يحد من الجريمة”.
وجاء قرار محكمة التمييز البحرينية الصادر الأسبوع الماضي في حيثيات رفضها لطعن قدمته امرأة على حكم بسجنها سنتين، بعد إدانتها بجريمة “الزنا”.
وكان زوج المرأة المدانة بالحبس قد “اكتشف محادثات في هاتفها تؤكد إقامتها علاقة غير شرعية امتدت 6 سنوات مع شخص حُكم عليه أيضا بالسجن سنتين بعد أن أقر بارتكاب الجريمة”، وفقا لما ذكرت صحيفة “الأيام” المحلية.
محكمة التمييز البحرينية تعتبر أن إساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي فتحت أبواب المشاكل وسهلت ارتكاب الخيانة الزوجية
وبررت محامية المرأة المدانة الطعن المقدم أمام محكمة التمييز بـ”بطلان” الدليل الذي قدمه الزوج، وذلك بسبب اطلاعه على هاتف زوجته دون علمها، وقد يكون قد تلاعب بما قدمه تقنيا، علاوة على أن اعتراف المتهم الثاني في الجريمة لا يصح كون الشريعة الإسلامية اشترطت وجود 4 شهود عيان لإثبات واقعة “الزنا”.
وحسب المادة 316 من قانون العقوبات البحريني، فإنه يعاقب “الزوج الزاني بالحبس مدة لا تزيد عن سنتين”. ولم يشر القانون إلى أي أركان أو شروط محددة لإثبات جريمة الزنا.
وسبق للمحاكم البحرينية الاعتراف بالمراسلات الهاتفية عبر تطبيق واتساب في قضايا الأسرة التي تتعلق بالطلاق والنفقة، لكن مبدأ المحكمة الجديد يثير تساؤلات بشأن تأثير هذا القانون على تماسك الأسرة، ومدى إمكانية تشجيعه للزوجين على التجسس على الطرف الآخر.
وردت المحكمة على ما نص عليه الدستور من أن الشريعة الإسلامية مصدر التشريع وأن الشريعة أوجبت تقديم 4 شهود على جريمة الزنا، حيث قالت المحكمة إنه لا مجال للتحدي بنصوص الشريعة كون أن السلطة التشريعية لم تفرغ مبادئها من الشريعة، وأن الشارع لم يتطلب لإثبات الزنا إقرار المتهمة أو وجود أربعة شهود ولم يقيد القاضي بالحكم على مرتكبها بنصاب معين للشهادة أو بدليل محدد، وهو ما لم يخالفه الحكم المطعون وتقضي معه المحكمة برفض الطعن المقدم.
ويرفض الكثيرون هذا المبدأ القانوني لما له من سلبيات تنعكس على حياة الأسرة، ويقولون إنه عند الزواج يضع كل شخص الثقة في الآخر، ويؤدي التفتيش في هاتف الزوج أو الزوجة إلى خلق نوع من الخوف وعدم المصداقية في كل شيء، حيث كثيرا ما يبدأ الأزواج في اللجوء إلى الكذب واختلاق القصص المزيفة للتخلص من المشاكل، بينما يعتقد آخرون أن هذه طريقة صحيحة للتأكد من أن شركاءهم ملتزمون.
ويعتمد الزواج على الكثير من الجوانب وقبول عيوب بعضهم البعض أيضا، ولكن عندما تنكسر الثقة أو تكون ضعيفة، يمكن أن تؤدي إلى أشياء كثيرة سلبية بين الشركاء، ويقول بوجا ديديا، عالم النفس، إن “العلاقة تنطوي على شخصين، لذا فإن الخطوة الأولى لحل المشاكل هي الثقة لأن فعل عكس ذلك من شأنه أن يؤدي إلى تدهور العلاقة“.
ولا يقتصر هذا الجدل على البحرين وحدها بل يمتد إلى جميع المنطقة، فكثيرا ما أثيرت النقاشات والأسئلة حوله، ليحسمها من الناحية الشرعية الدكتور مجدي عاشور مستشار المفتي المصري وأمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية بأنه لا يجوز شرعا للزوجة التفتيش في هاتف زوجها بأي حال من الأحوال.
وأضاف أن ذلك لا يجوز شرعا لأنه من باب التجسس، فليس من حق الزوجة أن تفتش في هاتف زوجها كما ليس من حق الزوج أن يفتش هاتف زوجته، وذلك لسد الذرائع ولغلق باب الشك في العلاقة الزوجية.
وتابع “لو أن الزوجة تفتش من وراء زوجها أو الزوج يفتش من وراء زوجته فهذا يهز العلاقة، ويؤدي إلى هز أهم عمود قائمة عليه الأسرة الذي هو الثقة”.
مضيفا “هذا الأمر داخل تحت قول الله ‘وَلا تَجَسَّسُوا’، فالتجسس ليس على الأغرباء فقط’. وقال “لو ظهر لك شيء على وجه اليقين ابدأ اتكلم إنما في دائرة الوهم والشك فلا، فالأسر لا تهد بسبب الأوهام والخيالات”، مؤكدا أن التفتيش في الهاتف من قبل الزوجة أو الزوج هو تجسس وحرام شرعا.