الدبيبة يتهم فارضي رسوم على سعر الصرف بالتغطية على الانفاق الموازي

طرابلس – تتجه أزمة ارتفاع الدولار مقابل تراجع سعر الدينار الليبي إلى مزيد من التصعيد في ظل وضع سياسي واقتصادي معقّد، بعد قرار رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح بفرض ضريبة على بيع النقد الأجنبي، في وقت نأى رئيس حكومة طرابلس بنفسه عن تبديد الأموال العامة.
ورفض رئيس حكومة الوحدة الوطنية منتهية الولاية عبدالحميد الدبيبة الانتقادات التي توجه لحكومته بسبب ملف الانفاق والوضع المالي الحالي قائلا "إن وضعنا الاقتصادي جيد جدًا، ولا يحتاج إلى أي إجراءات استثنائية"، متهما من وراء القرار بأن غرضهم "توفير أموال من جيوب المواطنين، لتغطية الإنفاق الموازي".
وقال الدبيبة في كلمة مسجلة بثتها منصة حكومتنا عبر صفحتها على فيسبوك مساء الاثنين ردا على تصريحات محافظ البنك المركزي الصديق الكبير ورئيس البرلمان عقيلة صالح إن احتياطي ليبيا من النقد الأجنبي بلغ 84 مليار دولار وهو ما يكفيها لسنوات، وأكد أن حكومته سددت كامل الدين العام وصفرته بعد أن ناهز 154 مليار دينار كما نجحت في تخفيض التضخم بنسبة 5 في المائة في سنة 2022، و18 بالمائة خلال العام الماضي.
وأوضح أن صافي الأصول الأجنبية ارتفع في عام 2023 إلى 404 مليارات دينار بنسبة 16 بالمئة عن نهاية 2021، لافتاً إلى أنه ولأول مرة منذ 50 سنة الدولة الليبية اقتنت 27 طناً من الذهب في يونيو 2023 ما قيمته 2 مليار دولار.
وقال الدبيبة إن حكومته لم تسجل أي عجز وحققت فائضاً بـ27 مليار دينار، كما أنها وفرت أكثر من 75 مليار دولار وهو يعادل ما وفرتها الحكومات المتعاقبة خلال 6 سنوات.
وذكر أن تلك الأرقام موجودة في تقارير المصرف المركزي والرقابة الإدارية وديوان المحاسبة والتقارير الدولية للمؤسسات المالية الدولية، متسائلاً لماذا يفرضون الضريبة وما الغرض منها؟
وأشار الدبيبة، إلى أن فرض رسم على سعر الصرف يؤدي إلى خفض أموال الليبيين بـ26 بالمئة، لافتاً إلى أن الدين العام الذي يقصده عقيلة صالح هو الإنفاق الموازي الذي تحدث عنه المصرف المركزي، والإنفاق الموازي لا يمكن أن يظهر، لأنه مجهول المصدر بحسب المصرف المركزي.
وتابع الدبيبة هناك "بنوك كاملة يملكها أشخاص هم أنفسهم يحصلون على اعتمادات ويأخذون الدولار. ويزورون في مستندات.. واللي فاتح اعتماد بخمسين مليون لا يدفع قرشا لأن البنك ملكه أو يملك أغلبية الأسهم، هو مالك البنك ويحصل على قروض من البنك".
وفي فبراير الماضي، وجه محافظ مصرف ليبيا المركزي الصديق الكبير خطابا إلى الدبيبة، تساءل فيه عن كيفية زيادة المرتبات والمنح في ظل تراجع حجم الإيرادات المتوقعة للعام 2024 إلى مستوى 115 مليار دينار.
وأوضح الكبير أن "التوسع في الإنفاق قد يُرضي بعض الفئات على المدى القصير ولكنه يتنافى مع مبادئ الاستدامة المالية وضمان حقوق الأجيال المقبلة، وهو ما تتطلبه الإدارة الرشيدة للمال العام".
وقال إن نفقات الدولة منذ العام 2021 حتى نهاية العام 2023 وصلت إلى "قرابة 420 مليار دينار" في ثلاث سنوات، وكان معظم هذا الإنفاق "استهلاكيا مما ولد ضغوطا على سعر صرف الدينار الليبي".
ورغم رفض الدبيبة تهم الفساد الموجهة إليه إلا أن الانتقادات الموجهة لسياسات حكومته بشأن الانفاق تصاعدت، حيث قال المرشح الرئاسي سليمان البيوضي في تدوينه له عبر صفحته الرسمية على فيسبوك "أن ليبيا تعيش أسوأ كارثة اقتصادية عرفتها في تاريخها والسبب هو النهب الممنهج والفساد الذي لم يسبق له مثيل".
وأوضح أن "الكتلة النقدية السنة الماضية تضخمت لنسبة تتجاوز 12 في المائة وهو ما يؤثر سلبا على كل مناح الحياة" مشددا على "انه إذا انهارت أسعار النفط فلن تكون ليبيا قادرة على سداد المرتبات وسيصل سعر الصرف لأرقام مرعبة".
كما شدد على أن "الانقسام الحكومي يسبب مزيدا من الضغط على ميزان المدفوعات فحجم الإنفاق غير المدروس دمر الاقتصاد الوطني وكل يوم يستمرون فيه بذات الممارسات يزيد من حجم الكارثة مشددا على "أن نظام المقايضة ايضا يزيد من الاعباء ومن قذفوا ببن قداره في المؤسسة هم الشركاء في هذا النظام المالي الذي يزيد من حجم الكارثة".
ومع تواصل الجدل الحاد بين القوى الليبية المتصارعة، حول قرار فرض رسوم على سعر الصرف، طعن المحامي وائل بن إسماعيل الاثنين في قرار عقيلة صالح.
وقدم المحامي بن إسماعيل الطعن إلى محكمة استئناف طرابلس بتاريخ 18 مارس 2024 بصفته وكيل عدد من المحامين والمواطنين، بهدف إلغاء أو تعديل هذا القرار الضريبي.
ويعد الطعن القانوني وسيلة للتعبير عن اعتراض المحامي على صحة القرار وقانونيته.
ومن المنتظر أن تنظر المحكمة في الطعن الإداري وتدرس الحجج والأدلة المفترض تقديمها من الطرفين.
والخميس الماضي، أصدر رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، قراراً بفرض رسم على سعر الصرف الرسمي للعملات الأجنبية بقيمة 27 في المئة لكل الأغراض، حتى نهاية العام الجاري 2024، وذلك باقتراح من محافظ المصرف المركزي الصديق الكبير.
ونصت المادة الأولى من القرار رقم 15 لسنة 2024، على أن يكون سعر الصرف مضافا إليه نسبة 27 في المئة مع إمكانية تخفيضه حسب ظروف الإيرادات للدولة الليبية، وذلك خلال مدة سريان القرار.
ونصت المادة الثانية من القرار على أن يكلف محافظ مصرف ليبيا المركزي بتنفيذ القرار، وذلك بتعديل سعر بيع العملات الأجنبية بما يتوافق مع هذه الضريبة المفروضة، وتحديد القيمة المضافة على بيع تلك العملات مقابل العملة الليبية، على أن تتوفر العملة الأجنبية بكل المصارف العاملة بليبيا.
ولقي قرار عقيلة صالح معارضة واسعة داخل الأوساط السياسية الليبية، منها ما صدر عن أعضاء في مجلس النواب وبعض الجهات ذات العلاقة، على خلفية تأثيراته السلبية المحتملة على الأفراد والجهات المشاركة في عمليات بيع النقد الأجنبي.
ويأتي هذا الخلاف والانقسام في ليبيا في وقت يشهد فيه الاقتصاد الليبي تدهورا توازيا مع انخفاض سعر صرف الدينار الليبي أمام العملات الأجنبية وارتفاع الأسعار في الأسواق وشح في السيولة النقدية.
وشهدت الشهور الأخيرة تدهورا ملحوظا في سعر صرف الدينار بالسوق الموازية، حيث هبط السعر من 5.20 إلى نحو 7.25 مقابل الدولار الامريكي، فيما يستمر استقرار السعر الرسمي عند 4.85، الأمر الذي دفع المحافظ إلى اقتراح فرض الضريبة، على أن يكون السعر ما بين 5.95 و6.15 دينار للدولار الواحد.
وطالب محافظ المصرف المركوي الصديق الكبير في خطابه الذي وجهه لعقيلة صالح نهاية فبراير الماضي بتطبيق الضريبة على كل القطاعات باستثناء السيادية والخدمية الممولة من الخزانة العامة.