الجزائر ترافع لمراجعة آليات التمثيل والانتخاب لتولي المسؤوليات الأفريقية

دعوة لإرساء التداول بين الأقاليم الأفريقية على منصبي رئيس المفوضية ونائبه.
الثلاثاء 2024/03/19
قلق جزائري من آليات عمل الهيئة الأفريقية

الجزائر - دعا وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، إلى ضرورة مراجعة آليات التمثيل والانتخاب والتوزيع المتعلقة بمناصب المسؤولية داخل الاتحاد الأفريقي، من أجل إرساء قواعد التداول والتمثيل بين الأقاليم الأفريقية وضمان تلاقح الأفكار السياسية بين كل الجهات، بدل حصرها في جهة معينة، وهو طرح يترجم قلق الجزائر من آليات عمل الهيئة الأفريقية ورغبتها الجامحة في إصلاح الوضع.

وأبرز أحمد عطاف، في أديس أبابا، التي تحتضن أشغال الدورة الاستثنائية للمجلس التنفيذي للاتحاد الأفريقي، موقف بلاده بشأن الانتخابات الخاصة بكبار مسؤولي مفوضية الاتحاد الأفريقي، والمبني حسب مداخلته على ثلاث قناعات أساسية، تسمح باعتماد مسار انتقائي واسع النطاق بين الأقاليم الخمسة، وأن الجزائر ستثمن الإجماع الذي سيتولد عن المداولات من أجل تطوير أداء قيادة الاتحاد.

أحمد عطاف أكد أن مخاوف الآلية الانتخابية القائمة تنطوي على اعتماد صيغة مشددة لتفعيل مبدأ التناوب الإقليمي

ويبدو أن الجزائر بصدد الدفع نحو مراجعة آليات الترشح والتمثيل داخل هيئات الاتحاد الأفريقي، بشكل يكفل المزيد من التمثيلية والتوازن بين جميع الأقاليم، بحسب التلميحات التي وردت في مداخلة وزير الخارجية، الذي شدد في أكثر من مرة على ضرورة إجراء إصلاحات جذرية داخل الهيئة وإضفاء المزيد من الثقل والمصداقية كونها المؤسسة الأولى في القارة.

وأوضح الوزير الجزائري، في الدورة الاستثنائية للمجلس التنفيذي للاتحاد الأفريقي، أن “موقف الجزائر من الملف قيد الدراسة بشأن الانتخابات الخاصة بكبار مسؤولي مفوضية الاتحاد الأفريقي، مبني على ثلاث قناعات أساسية، تمت على أساسها الدعوة إلى اعتماد مسار انتقائي واسع النطاق بين الأقاليم الخمسة”.

وأضاف “القناعة الأولى تتمثل في كون عملية انتقاء وانتخاب كبار المسؤولين في منظمتنا القارية لم يسبق وأن واجهت إشكالا حادا، أملت حدته ضرورة معالجته على النحو المطروح أمامنا، أما القناعة الثانية فهي أن عملية الانتقاء والانتخاب هذه طالما احتكمت إلى مبدأ حرية الاختيار وتعددية الترشحات والتنافس الشريف بين مختلف أبناء وبنات قارتنا دون أدنى تفريق أو تمييز أو تفضيل بينهم، بالنظر لبلدانهم أو أقاليم انتمائهم، بينما تتمحور القناعة الثالثة على أن عملية الانتقاء والانتخاب هذه طالما كرست التوجه الاندماجي لمنظمتنا القارية، وهو التوجه الذي أملى على الآباء المؤسسين وضع ثقتهم بطريقة عفوية وبصفة متعاقبة في شخصيات رغم انتمائها إلى نفس المنطقة، وفي بعض الحالات إلى نفس البلد”.

ولفت المتحدث إلى أن “رؤية الجزائر في هذا الشأن، تستهدف اعتماد مسار انتقائي واسع النطاق بين الأقاليم الخمسة، يقوم أولا وأخيرا على معيار الكفاءة والأهلية لقيادة الجهاز التنفيذي للهيئة القارية، ويتيح حقا فرصة الاختيار بين رؤى ومشاريع وبرامج تتجسد في تعدد وتنوع الترشحات للأخذ بزمام أمور الاتحاد، ويشجع التنافس للحصول على الأفضل، ويكون فيه وصول كبار المسؤولين على رأس مفوضية منظمتنا نتاج القبول الأوسع من قبل بلداننا، وليس نتاج إملاء منطقة بعينها”.

وذكر أن من هذا المنظور، نأخذ علما بالتوجه نحو تفعيل مبدأ التناوب الإقليمي بالنسبة لمنصبي رئيس المفوضية ونائبه، فإن ترددنا في دعم هذا التوجه دعما كاملا ومطلقا يستند إلى ثلاثة مخاوف أو انشغالات رئيسية، تتمثل في أن حصر قرار وحق الترشح في منطقة بعينها قد يتحول إلى إملاء من قبل ذات المنطقة على منظمتنا برمتها، وقد يتحول في أحيان أخرى إلى مصدر للتجاذبات والتوترات داخل الإقليم المعني بتقديم الترشحات والترشحات المضادة.

الجزائر بصدد الدفع نحو مراجعة آليات الترشح والتمثيل داخل هيئات الاتحاد الأفريقي، بشكل يكفل المزيد من التمثيلية والتوازن بين جميع الأقاليم

وشدد على أن مخاوف الآلية الانتخابية القائمة تنطوي على اعتماد صيغة مشددة لتفعيل مبدأ التناوب الإقليمي، الذي سيؤدي بنا إلى حجب ونفي مبدأ آخر لا يقل أهمية عنه، ألا وهو مبدأ تعدد الخيارات وفتح مجال التنافس بين مختلف الرؤى والمشاريع والبرامج الطموحة والطامحة لخدمة منظمتنا القارية دون تطويقها أو حصرها في النطاق الضيق لمنطقة من مناطق قارتنا.

وتمتد حسب أحمد عطاف، إلى أن “الحرص على إعطاء الأولوية لمبدأ التناوب الإقليمي، قد يفضي إلى الانتقاص من صلاحيات مؤتمر رؤساء الدول والحكومات في انتقاء وانتخاب أفضل المرشحين لقيادة منظمتنا، وهذا ما قد ينتج عنه قيادة لمنظومتنا ناقصة الشرعية من حيث ظهورها كخيار لمنطقة، وليس لقارتنا بأكملها”.

وخلص الوزير الجزائري إلى أنه “لقد ارتأينا إبداء هذه المخاوف والتعبير عن هذه الترددات من باب الصدق والصراحة والمصارحة، لكننا مع الإجماع الذي سيتولد عن مداولاتنا، وسنعمل جاهدين، صادقين، ومخلصين، مع سائر أشقائنا على تثمين هذا الإجماع والبناء عليه من أجل تطوير أداء قيادة اتحادنا والارتقاء بها إلى مستويات أعلى من النجاعة والفعالية والفاعلية خدمة لمشروعنا التاريخي الوحدوي المشترك”.

4