تأجيل المرافعات في قضية اغتيال السياسي التونسي شكري بلعيد

تونس - قررت الدائرة الجنائية المختصة في قضايا الإرهاب بالمحكمة الابتدائية بتونس، خلال جلسة المحاكمة في قضية اغتيال الشهيد شكري بلعيد، المنعقدة، مساء الجمعة، تخصيص جلسة يوم الثلاثاء القادم (19 مارس الجاري)، لاستكمال الترافع من قبل محامي المتهمين في القضية.
وخصصت جلسة المحاكمة الجمعة، لمرافعات هيئة الدفاع عن الشهيد بلعيد، لتحيل رئيسة الدائرة الكلمة إثر ذلك إلى محامي المتهمين في القضية، حيث طالب أنور أولاد علي محامي المتهمين، بتأخير الجلسة للاطلاع على تقرير الطلبات المدنية للقائمين بالحق الشخصي (حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد والاتحاد العام التونسي للشغل والمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات)، الذي قدمته هيئة الدفاع عن الشهيد إلى هيئة المحكمة.
وشدد أعضاء هيئة الدفاع عن الشهيد شكري بلعيد خلال مرافعاتهم، على ضرورة كشف الحقيقة في كل أبعادها، والإجابة خاصة على الأسئلة التي بقيت إلى اليوم دون إجابة، على غرار من خطط لعملية الاغتيال ومن أعطى الأوامر بقتل بلعيد.
وأكدوا على أن هذه الجريمة هي “جريمة سياسية بامتياز”، يقف وراءها تنظيم ديني وسياسي متطرف، واستهدفت محاميا وشخصية سياسية عرفت بدفاعها المستميت عن الحريات العامة والفردية وعن كل القضايا العادلة، وهو ما يستدعي في تقديرهم، قراءة تشريعية وقانونية مختلفة، ضمانا لعدم تكرار حدوث مثل هذه الجرائم مستقبلا وتفاديا لتبعاتها على البلاد.
ودعا أعضاء هيئة الدفاع، إلى ضرورة محاكمة الفكر المتطرف، وكل من يعادي البلاد باستهداف هويتها ومكتسباتها وتهديد مستقبل الأجيال القادمة، والوصول إلى الإقرار بعدم السماح مطلقا بقتل شخص أمام منزله، كما حدث مع الشهيد بلعيد، أو أمام ابنته كما وقع في حادثة اغتيال الشهيد محمد البراهمي.
وبيّنوا أن السبب الرئيسي وراء قرار اغتيال كل من الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي، هو أنهما يشتركان في وقوفهما بكل وضوح ضد مشروع التمكين الإخواني، ودفاعهما عن وحدة الدولة ومدنيتها.
وذكرت عضو هيئة الدفاع إيمان قزارة، في مرافعتها، أن “المتهمين في هذه القضية وعددهم 23، جميعهم منضوون تحت تنظيم داعش، ومنهم من أدى البيعة، ومنهم من تدرّب على حمل السلاح، ويأتمرون بأوامر قيادات التنظيم، وهم منقسمون إلى خمس مجموعات (الكرم وحي الخضراء ورواد والمنيهلة وسيدي حسين)، وعلى اتصال بالقائمين على الجوامع، فضلا عن حجز أسلحة لدى أعضاء هذه المجموعات.
وأفاد المحامي غسان الغريبي، بأن الاستنطاقات أثبتت ترصد الشهيد بلعيد وتعقبه بهدف اغتياله، بعد تهديده في أكثر من مناسبة وتكفيره، مضيفا أن الأمر وصل بوزير الداخلية علي العريض آنذاك، إلى حد تحميل بلعيد مسؤولية “الفوضى والاحتجاجات الاجتماعية جراء خطابه التحريضي”.
واستعرض كثير بوعلاق، عضو هيئة الدفاع عن الشهيد بلعيد، ما أسماه بـ”ضروب التنكيل التي تعرضت لها هيئة الدفاع، والخروقات والتجاوزات التي شابت الملف، والمحاولات المحمومة لدفن هذا الملف وطمس معالم جريمة الاغتيال في حق الشهيد شكري بلعيد”.
وتجدر الإشارة إلى أن الدائرة الجنائية المختصة في قضايا الإرهاب بالمحكمة الابتدائية بتونس، كانت أنهت يوم الجمعة الماضي استنطاق المتهم محمد أمين القاسمي، الذي تولى نقل كمال القضقاضي على متن دراجة نارية إثر تنفيذ عملية اغتيال الشهيد شكري بلعيد.
ويواجه الأشخاص المذكورون تهما تتعلق بـ”القتل العمد، والتحريض على ارتكاب جرائم إرهابية، والانضمام إلى مجموعات لها علاقة بتنظيم إرهابي، وجمع تبرعات لتمويل أشخاص لهم علاقة بأنشطة إرهابية، وتوفير أسلحة ومتفجرات لصالح تنظيم له علاقة بجرائم إرهابية”.
وسبق أن طالبت هيئة الدفاع، بأن تكون جلسات الاستنطاق في إطار علني باعتبار أنها قضية تهم الرأي العام، مشددة على ضرورة أن تجري المحاكمة في كنف الشفافية للاطلاع على مجريات مثل هذه المحاكمات الكبرى المتعلقة بالاغتيالات السياسية.
وساهمت جريمة اغتيال شكري بلعيد ومحمد البراهمي في سقوط حكم الترويكا (بين 2011 و2014)، وكادت تتسبب بحرب أهلية في تونس، لولا تدخل المجتمع المدني وإطلاق حوار وطني شامل بين القوى السياسية ساهم في رعايته كل من الاتحاد العام التونسي للشغل ومنظمة الأعراف وهيئة المحامين ورابطة الدفاع عن حقوق الإنسان.