دعوات دولية لحل سياسي بعيد المنال في سوريا مع دخول الأزمة عامها الرابع عشر

دمشق - يحيي السوريون الذكرى الثالثة عشرة لاندلاع الانتفاضة الشعبية ضد نظام الرئيس بشار الأسد، فيما لا مؤشرات حتى الآن على قرب التوصل إلى تسوية للصراع في ظل تعقيدات داخلية وخارجية تحول دون ذلك.
وتعيد الذكرى تنشيط أذهان المجتمع الدولي بوجود أزمة في سوريا ينبغي الالتفات إليها، حيث توالت البيانات الداعية إلى حل سياسي وفق القرارات الأممية لاسيما القرار 2254، لكن متابعين يرون أن البيانات لا تعدو كونها تسجيل موقف، مع تراجع القضية السورية في سلم أولويات القوى الدولية.
وأعرب المبعوث الأممي إلى سوريا غير بيدرسون، في بيان صدر الجمعة، بمناسبة ذكرى الانتفاضة عن تشاؤمه حيال إمكانية التسوية قائلا إن الحل السياسي للملف السوري “مازال بعيداً”.
وأوضح بيدرسون أن “الصراع يدخل عامه الرابع عشر دون أن يلوح حل في الأفق”، مضيفا “رسالتي واضحة: وهي أن السعي الثابت للتوصل إلى حل سياسي لإنهاء هذا الصراع هو وحده القادر على إعادة الأمل للشعب السوري”.
وقال المبعوث الأممي لقد “عانى السوريون لفترة طويلة من العنف والدمار الذي لا يمكن وصفه، والذي أثر دون تمييز على الصغار والكبار، والرجال والنساء، وجميع شرائح المجتمع”. واعتبر بيدرسون أن معالجة قضية المعتقلين والمختطفين والمفقودين بشكلٍ شامل “ضرورية لإعادة بناء الحياة، ولمّ شمل الأسر التي تفرقت. وأيضاً لضمان مصداقية أي مسار سياسي نحو سلامٍ مستدام”.
وناشد جميع أطراف النزاع إطلاق سراح كافة الأشخاص “المحتجزين بشكل تعسفي فورا ودون قيد أو شرط”. ولفت المبعوث الأممي إلى أن اللاجئين والنازحين مازالوا يفتقرون إلى الظروف اللازمة لعودة آمنة وكريمة وطوعية، ومازالت مخاوفهم الشديدة والمتعلقة بالحماية وسبل العيش، وهما من الأمور الأساسية، دون حل.
ودعا بيدرسون المجتمع الدولي إلى توحيد جهوده والدفع باتجاه العملية السياسية وفقاً لقرار مجلس الأمن 2254، بما في ذلك تدابير بناء الثقة واستئناف عمل اللجنة الدستورية والمعالجة الشاملة لمجموعة كاملة من القضايا التي يجب حلها.
واندلعت الأزمة السورية في مارس من عام 2011، حيث خرج الآلاف من السوريين مطالبين بإسقاط نظام الرئيس بشار الأسد، لكن المظاهرات سرعان ما تحولت إلى صراع مسلح انخرطت فيه قوى إقليمية ودولية.
ورغم أن النظام السوري نجح، بفضل دعم حليفتيه روسيا وإيران، في استعادة أجزاء واسعة من البلاد، فإن جزءا مهما من شرق سوريا وشمال غربها مازال خارجا عن سيطرته، ومازالت المواجهات تجري على أكثر من جبهة.
وعلى مدار السنوات الأخيرة عملت روسيا على المضي قدما في اتجاه عودة العلاقات السورية – العربية، لكن ذلك لم ينعكس بالشكل المأمول على مساعي التوصل إلى حل في البلاد.
وجدد الاتحاد الأوروبي في بيان الخميس دعوته إلى حل سياسي مستدام وشامل لسوريا، ينسجم مع قرار مجلس الأمن الدولي “باعتباره السبيل الوحيد القابل للتطبيق من أجل المضي قدماً”.
وجاء في البيان “يصادف اليوم (الخميس) الذكرى السنوية الثالثة عشرة لبدء الاحتجاجات السلمية في سوريا وقيام النظام بقمعها بوحشية، ما أجّج صراعاً مازال مستمراً إلى يومنا هذا”، مضيفاً “ينبغي ألا ننسى هذا الصراع الذي لم يُحلّ. فهو مازال يشكّل أزمة ذات عواقب وخيمة على الشعب السوري وأثر مزعزع للاستقرار في المنطقة”.
وشدد الاتحاد الأوروبي على ضرورة “ضمان المساءلة عن انتهاكات حقوق الإنسان والانتهاكات الجسيمة للقانون الإنساني الدولي التي ترتكبها جميع الأطراف، خاصة النظام السوري وحلفاءه”.
السوريون يحييون الذكرى الثالثة عشرة لاندلاع الانتفاضة الشعبية ضد نظام الرئيس بشار الأسد، فيما لا مؤشرات حتى الآن على قرب التوصل إلى تسوية للصراع
كما أصدر منسق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في سوريا آدم عبدالمولى، والمنسق الإنساني الإقليمي للأزمة السورية مهند هادي، بيانا مشتركا جاء فيه “لقد خلفت ثلاثة عشر عاماً من الأزمة في سوريا خسائر لا يمكن تصورها على شعب البلاد”.
وأضاف البيان “لا تزال الأزمة تعيث فساداً في سوريا، ما يؤدي إلى تفاقم الوضع الإنساني مع مرور كل عام وتقويض فرص البلاد في التقدم”، لافتا إلى أن التقديرات تشير إلى أن 16.7 مليون شخص في سوريا يحتاجون إلى المساعدة الإنسانية.
ودعا إلى توفير تمويل كاف يمكن التنبؤ به ومتعدد السنوات، بما يتناسب مع حجم الاحتياجات على أرض الواقع.
واعتبر البيان أن المساعدات الإنسانية وحدها ليست الحل، بل “يجب أن يكون هناك حل سياسي هادف ومستدام لضمان قدرة سوريا على إيجاد السلام مرة أخرى، وحتى يتمكن شعبها أخيراً من شق طريق النجاح”.
ووثق المرصد السوري لحقوق الإنسان (بالأسماء) مقتل 507567 شخصا منذ اندلاع الانتفاضة من أصل ما لا يقل عن 617910 أشخاص تأكد المرصد من مقتلهم على مدار 13 عاماً.