البنوك السعودية على مشارف طرح قياسي من السندات للمشاريع الضخمة

11.5 مليار دولار الديون المتوقع أن يجمعها القطاع المصرفي في 2024.
السبت 2024/03/16
المؤكد أن قطار أعمال التشييد لن يتوقف!

رجح محللون أن تجمع البنوك السعودية مبلغا قياسيا من الديون هذا العام بما يسهم في تمويل المشاريع الضخمة في ظل ضغط نقص السيولة على أجندة التحول الاقتصادي التي يتبناها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان والبالغة قيمتها المليارات من الدولارات.

الرياض - تتزايد الدلائل على أن القطاع المصرفي في السعودية سيحتاج إلى إصدار ما لا يقل عن حوالي 11.5 مليار دولار من السندات بالعملات المحلية والأجنبية لجمع الأموال من أجل رؤية 2030.

وسيكون ذلك رقما قياسيا جديدا يتجاوز العشرة مليارات دولار التي تم جمعها في العام 2022، بحسب منصة بلومبرغ أنتليجنس، مما يؤكد تأثير انخفاض عوائد النفط على القطاع المصرفي السعودي بداية من العام 2023.

وتواصل الحكومة، من خلال توظيف كافة أدواتها الممكنة، تحويل السعودية من اقتصاد يعتمد على النفط إلى اقتصاد يدر الدخل من كل شيء بدءا من السياحة والرياضة إلى التكنولوجيا.

ويعني الحجم الهائل للاستثمار المطلوب، إلى جانب تباطؤ نمو الودائع في البنوك المحلية ونقص الاستثمارات الأجنبية، أن البنوك ستعتمد بشدة على الاقتراض لتوفير الأموال للمشاريع الضخمة مثل نيوم ومدينة القدية الترفيهية، بحسب شركة جدوى للاستثمار.

جيمس ريف: الأكثر إثارة للقلق لمشروع رؤية 2030 هو نقص رأس المال
جيمس ريف: الأكثر إثارة للقلق لمشروع رؤية 2030 هو نقص رأس المال

وقال جيمس ريف كبير الاقتصاديين السابق في جدوى لوكالة بلومبرغ إن “القضية الوحيدة التي أعتقد أنها الأكثر إثارة للقلق بالنسبة لمشروع رؤية 2030 بأكمله هي نقص رأس المال”.

وأضاف ريف الذي تم تعيينه منذ ذلك الحين من قبل صندوق الثروة السعودي “النظام المصرفي السعودي مستغل نوعا ما”.

وتواجه البنوك في السعودية صعوبات في السيولة النقدية، حيث تجاوز نمو القروض الودائع لدعم الاقتصاد المحلي الذي انكمش العام الماضي.

وستحتاج البلاد إلى قرابة 640 مليار دولار من الإنفاق على البناء على مدى السنوات الخمس المقبلة بناء على المشاريع الحالية، وفقا للبيانات التي جمعتها شركة التحليل ميد بروجكتس ومقرها دبي.

ويشير ذلك إلى أن البنوك قد تحتاج إلى توفير ما يقرب من 384 مليار دولار خلال تلك الفترة إذا قامت بتمويل 60 في المئة من خط الأنابيب، باستخدام مزيج من المزيد من الودائع والديون.

ولا يزال نمو الودائع السعودية هو المحرك الرئيسي للتمويل، لكن حوالي 15 في المئة من المطلوب قد يحتاج إلى أن يأتي من الديون، وفقا لإدموند كريستو، كبير المحللين الماليين في بلومبرغ أنتليجنس.

وقال إن “من شأن ذلك أن يترجم إلى إصدار جديد بقيمة لا تقل عن 11.5 مليار دولار سنويا”.

إدموند كريستو: البنوك لا تملك السيولة اللازمة لدعم حجم احتياجات التطوير
إدموند كريستو: البنوك لا تملك السيولة اللازمة لدعم حجم احتياجات التطوير

وأضاف كريستو المقيم في دبي أن “البنوك لا تملك السيولة اللازمة لدعم حجم احتياجات البناء لكنها ستجمع المزيد من الودائع وتستفيد من سوق الديون الدولية”.

ويظهر إصدار الديون بالفعل علامات التسارع. وتم بيع حوالي 6.8 مليار دولار هذا العام حتى الآن، وفقا لبيانات بلومبرغ أنتليجنس ويقارن ذلك بمبلغ 5.4 مليار دولار أصدرها المقرضون المحليون طوال العام الماضي.

وعلى الرغم من متطلبات التمويل الطموحة، لا تزال الميزانيات العمومية للبنوك السعودية تعتبر صحية.

وتصنف وكالة ستاندرد آند بورز للتصنيفات الائتمانية معظم المقرضين الرئيسيين عند الدرجة الاستثمارية مع نظرة مستقبلية مستقرة، وقالت إنهم لن يكونوا قادرين على تحمل عبء الإنفاق الكامل لرؤية 2030.

ويتم تمويل المشاريع أيضا بشكل كبير من قبل الحكومة المركزية والكيانات ذات الصلة. وقال صندوق الاستثمارات العامة، الذي يتمتع بأموال كبيرة، إنه يهدف إلى نشر رأسمال بقيمة 70 مليار دولار سنويا بعد عام 2025، ويدرس خطط جمع الأموال الخاصة به.

وهناك أيضا علامات على أن الموعد النهائي لعام 2030 قد ينزلق. وقال وزير المالية محمد الجدعان في ديسمبر الماضي، إن “بعض المشاريع غير المحددة قد تتأجل بسبب الحاجة إلى المزيد من الوقت لبناء قدرة المصانع والقوى العاملة.

640

مليار دولار الإنفاق على البناء خلال السنوات الخمس المقبلة وفق شركة ميد بروجكتس

وتتوقع شركة أموال كابيتال بارتنرز أن تقوم الحكومة، إلى جانب الشركات الحكومية والكيانات الأخرى، بإصدار سنداتها الخاصة.

وقالت زينة رزق، الشريكة والرئيسة المشاركة لقسم الدخل الثابت في الشركة التي مقرها دبي، إن “ذلك يشمل ثلاثة مليارات دولار أخرى من صندوق الاستثمارات العامة”.

وقد تساعد العروض الناجحة التي تقدمها البنوك والحكومة في تعويض أسعار النفط الباهتة، التي تخلق فجوة في المالية العامة للدولة.

وانخفضت إيرادات تصدير النفط السعودية بنحو 80 مليار دولار إلى حوالي 248 مليار دولار العام الماضي، وهو التراجع الذي أعاد الميزانية إلى العجز، وذكّر باعتماد البلاد على أسعار الطاقة المرتفعة.

وأكدت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني الشهر الماضي أن السعودية تحتاج إلى تداول الخام فوق 90 دولارا للبرميل هذا العام لتحقيق التوازن في ميزانيتها، وهو أعلى من المستوى الحالي لخام برنت البالغ حوالي 85 دولارا.

واستنادا على ذلك المؤشر قال خبراء بلومبرغ إيكونوميكس “إذا حسبنا الإنفاق المحلي من قبل صندوق الثروة في المملكة، فإن المملكة تحتاج إلى النفط بسعر 108 دولارات”.

سامر جميعان: الشيء الصحيح الذي يجب فعله هو استغلال أسواق رأس المال
سامر جميعان: الشيء الصحيح الذي يجب فعله هو استغلال أسواق رأس المال

وهناك دلائل على تحسن السيولة منذ بداية العام، مما يشير إلى أن البنوك المحلية قد تكون لديها مساحة كبيرة للمناورة قبل أن تحتاج إلى الاستفادة من أسواق الدخل الثابت.

وتراجع المقياس الرئيسي لتكاليف الاقتراض في السعودية، المعروف باسم “سايبور”، منذ ارتفاعه إلى ما يقرب من 6.4 في المئة خلال يناير الماضي، على الرغم من أنه لا يزال أعلى بكثير من 6 في المئة وسط ارتفاع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة.

وارتفعت ودائع البنك المركزي لدى البنوك السعودية في يناير الماضي، وانخفضت نسبة صافي القروض إلى الودائع، وهو مقياس يراقبه صناع القرار النقدي عن كثب، إلى 80.1 في المئة بعد أن بلغ متوسطه أكثر من 80.5 في المئة خلال 2023، مما يشير إلى المزيد من تغطية الائتمان المستحق.

وقال سامر جميعان، الشريك ورئيس البنية التحتية في شركة كي.بي.أم.جي في السعودية، إن “من المهم أن نتذكر أن حجم التمويل المطلوب كبير”. وأضاف “السيولة لن تنضب، لكن الشيء الصحيح الذي يجب فعله هو البدء في استغلال أسواق رأس المال”.

11