الأردنيون يهجرون الكماليات في رمضان تضامنا مع غزة وترشيدا للإنفاق

عمان - تجلس آلاء منصور في شرفة منزلها بضاحية الياسمين في العاصمة الأردنية عمان متأملة واجهات الشقق السكنية في حيها التي غابت عنها زينة شهر رمضان هذا العام. وترى آلاء (48 عاما) أن هناك فرقا شاسعا بين رمضان الماضي ورمضان هذا العام، إذ يبدو أن حس التضامن بين الأردنيين وأهل غزة ما زال مستمرا.
وتتساءل “كيف نزين بيوتنا بالأضواء والزينة وأخوة لنا يبادون ويجوعون أمام أعيننا، وبما أننا لا نستطيع عمل شيء فعلى الأقل يجب أن نتضامن معهم”. وتؤكد آلاء، وهي ربة منزل، أنه “بدل شراء الزينة يجب أن نتبرع لمساعدة أهالي غزة الذين هم بأمس الحاجة لأي قرش”.
وتتوقع أنه حتى الإقبال على الطعام والشراب في رمضان لن يكون مماثلا هذا العام، وخاصة مع ارتفاع تكاليف المعيشة من جهة والتضامن مع أهل قطاع غزة من جهة أخرى. وأعلنت وزارة الصحة في غزة مقتل أكثر من 31 ألف فلسطيني وإصابة أكثر من 72 ألفا في الهجوم العسكري الإسرائيلي المستمر على القطاع منذ السابع من أكتوبر.
ويخرج الأردنيون، بشكل شبه يومي في احتجاجات للمطالبة بوقف الحرب على غزة، وإدخال المساعدات. ويقول المصور الفوتوغرافي ساهر قدارة “كنا كعادتنا ننتظر رمضان لنفرح بالعبادة واللمة الأسرية والزينة والسهر، لكن هذا العام اختلف الوضع، فقد فرضت الحرب على غزة والإجرام الذي رافقها وقعها على النفوس والقلوب، وأصبح انتظار رمضان مختلفا بالفعل عن السنوات السابقة”.
وأضاف قدارة (50 عاما) “لم نعد نفكر بزينة رمضان وتعليقها رغم أنها متوفرة من السنة الماضية، فكيف نعلق مظهرا من مظاهر الفرح حتى لو كان متعلقا بشهر وشعيرة دينية وإخوتنا وجيراننا في غزة يبادون وترتكب في حقهم أفظع الجرائم”. ويشير إلى أنه حتى أطفاله بات لديهم هذا القرار بعدم تعليق الزينة وأصبحوا يتناقشون فيه ويقنعون الآخرين بأهميته كنوع من التضامن والإحساس بأطفال غزة وكنوع من توفير نقود الزينة كتضامن أيضا مع الجوع المنتشر في القطاع المنكوب.
وتتراوح أسعار الزينة الرمضانية في السوق الأردنية بين دينار (1.5 دولار) وحتى 20 دينارا، وغالبيتها مستوردة من الصين. من جانبه، يقول قاسم الحموري أستاذ الاقتصاد في جامعة اليرموك إنه مثل أي مناسبة دينية بأي مجتمع يرتفع الطلب على العديد من السلع، وفي كل رمضان يتزايد الإقبال على السلع وخاصة الغذائية منها.
لكن الحموري يتوقع أن يختلف الأمر في رمضان هذا العام لسببين، الأول هو حرب غزة فالمزاج الأردني العام متأثر جدا كأي دولة عربية أو إسلامية، وبالتالي يتوقف الطلب على زينة رمضان وعلى الكثير من الأكل والشرب. ويقول الحموري لرويترز “ما حد له نفس إنه يوكل ويشرب أو يفرح والوضع بغزة كما هو”.
أما السبب الثاني، بحسب الحموري، فهو تراجع القدرة الشرائية للمواطن الأردني، مشيرا إلى أن المواطن الأردني أُنهك على مدى سنوات من النمو المتواضع والدخل المتراجع والضرائب المتزايدة. ويشير إلى احتمال وجود سبب ثالث وهو أن كثيرا من التجار أبقوا على الأسعار مرتفعة، وحجتهم المستمرة هي تبعات الحرب الروسية-الأوكرانية أو تأثر حركة الشحن في البحر الأحمر.
بدوره يقول حاتم الزعبي ممثل قطاع الكهربائيات والإلكترونيات في غرفة تجارة الأردن إن الطلب على زينة رمضان هذا العام ضعيف نتيجة الظروف الاقتصادية والأوضاع التي تتعلق بغزة. وبيّن الزعبي أن “ما يتعرض له الأهل في فلسطين جعل الناس يعيشون حالة التضامن مع الألم الذي يشعر به أهل غزة”.
وأوضح أنه من الملحوظ تغير الأولويات لدى الناس وأن تزيين البيت بزينة رمضان هذه الأيام يعتبر من الكماليات، لافتا إلى أن التزامات العائلات كثرت في ظل أوضاع اقتصادية صعبة. ويرى الزعبي أن المواطن يقسم راتبه على التزاماته “ولا أعتقد أنه يبقى لديه فائض ليشتري أي شيء كمالي” كون متطلبات رمضان كثيرة وبعده العيد وبداية الفصل الثاني للمدارس.