أطفال الجائحة يظهرون تغيرات بيولوجية هامة

أطفال كوفيد يمتلكون ميكروبيوم أمعاء متغيرا يدمر البكتيريا الضارة ويساعد على التحكم في جهاز المناعة.
الأربعاء 2024/03/06
أطفال كوفيد يحتاجون إلى عدد أقل من المضادات الحيوية

على عكس ما كان متوقعا، أثر الإغلاق خلال جائحة كورونا إيجابا على صحة الأطفال المولودين في تلك الفترة، مما جعلهم يظهرون تغيرات بيولوجية مذهلة تمثلت في امتلاكهم لمعدلات أقل من المتوقع من حالات الحساسية مثل الحساسية الغذائية، مقارنة بأطفال ما قبل الوباء، وكذلك احتياجهم لعدد أقل من المضادات الحيوية. ويعود السبب في ذلك لامتلاكهم ميكروبيوم أمعاء متغير يدمر البكتيريا الضارة.

أيرلندا (المملكة المتحدة)ـ وجدت دراسة حديثة نشرت في مجلة “ألرجي” أن عمليات الإغلاق خلال جائحة كوفيد-19 أدت إلى تغييرين مدهشين في أجسام الأطفال ربما يحميانهم من الأمراض والحساسية.

وتوصل الباحثون من جامعة كوليدج كورك في أيرلندا أن الأطفال الذين ولدوا أثناء فترة الإغلاق العالمي خلال ذروة جائحة كوفيد-19 لديهم ميكروبيوم أمعاء متغير (النظام البيئي للبكتيريا “الجيدة” و”السيئة” في الأمعاء التي تساعد على الهضم)، يدمر البكتيريا الضارة ويساعد على التحكم في جهاز المناعة.

وكشف الباحثون أن هذا أدى إلى أن يكون لدى أطفال كوفيد، معدلات أقل من المتوقع من حالات الحساسية، مثل الحساسية الغذائية، مقارنة بأطفال ما قبل الوباء. كما أنهم يحتاجون إلى عدد أقل من المضادات الحيوية لعلاج الأمراض.

وقام الباحثون بتحليل عينات براز من 351 طفلا أيرلنديا ولدوا في الأشهر الثلاثة الأولى من الوباء، بين مارس ومايو 2020، وقارنوها بعينات من الأطفال الذين ولدوا قبل الوباء.

واستخدمت الاستبيانات عبر الإنترنت لجمع معلومات عن النظام الغذائي والبيئة المنزلية والصحة لمراعاة المتغيرات. وتم جمع عينات البراز في عمر ستة و12 و24 شهرا، وأجري اختبار الحساسية في عمر 12 و24 شهرا.

خخ

وتبين أن أطفال كوفيد حديثي الولادة لديهم المزيد من البكتيريا الجيدة المكتسبة من أمهاتهم بعد الولادة، والتي يمكن أن تكون بمثابة دفاع ضد أمراض الحساسية. وإذا كان لدى الأفراد ميكروبيوم معوي معطل، فقد يؤدي ذلك إلى تطور الحساسية الغذائية.

وكان لدى الأطفال الذين ولدوا في ظل الوباء معدلات حساسية أقل، حيث أصيب نحو 5 في المئة من أطفال كوفيد بحساسية غذائية في عمر عام واحد، مقارنة بـ 22.8 في المئة في أطفال ما قبل كوفيد-19.

وقال الباحثون إن الأمهات نقلن الميكروبات المفيدة إلى أطفالهن أثناء الحمل، واكتسب أولئك الأطفال ميكروبات إضافية من البيئة بعد الولادة. ووجدت الدراسة أيضا أن الأطفال الذين ولدوا أثناء عمليات الإغلاق لديهم عدد أقل من العدوى لأنهم لم يتعرضوا للجراثيم والبكتيريا.

لدى أطفال كوفيد معدلات أقل من المتوقع من حالات الحساسية مثل الحساسية الغذائية، مقارنة بأطفال ما قبل الوباء

وهذا يعني أنهم بحاجة إلى عدد أقل من المضادات الحيوية التي تقتل البكتيريا الجيدة، ما يؤدي إلى تحسين الميكروبيوم. كما تم إرضاع الأطفال الذين خضعوا للحجر الصحي لفترة أطول، ما وفر لهم فوائد إضافية.

ومن بين أطفال كوفيد، احتاج 17 في المئة فقط منهم إلى مضاد حيوي عند عمر عام واحد. وفي مجموعة ما قبل الوباء، كان 80 في المئة من الأطفال قد تناولوا المضادات الحيوية بحلول عمر 12 شهرا.

وقال ليام أوماهوني، أستاذ علم المناعة في جامعة كوليدج كورك، إن هذه كانت “نتيجة مذهلة، وترتبط بمستويات أعلى من البكتيريا المفيدة مثل “بيفيدو بكتيريا”.

وقال البروفيسور جوناثان هوريهان، استشاري طب الأطفال في مستشفى صحة الأطفال بأيرلندا “تمبل ستريت” والمؤلف الرئيسي المشارك للدراسة: “تقدم هذه الدراسة منظورا جديدا حول تأثير العزلة الاجتماعية في الحياة المبكرة على ميكروبيوم الأمعاء. ومن الجدير بالذكر أن انخفاض معدلات الحساسية بين الأطفال حديثي الولادة أثناء الإغلاق يمكن أن يسلط الضوء على تأثير نمط الحياة والعوامل البيئية، مثل الاستخدام المتكرر للمضادات الحيوية، على ظهور أمراض الحساسية”.

ويأمل الباحثون في إعادة فحص الأطفال عندما يبلغون الخامسة من العمر لمعرفة ما إذا كانت هناك أي آثار طويلة المدى للتغيرات المبكرة في ميكروبيوم الأمعاء.

ويحتوي الجهاز الهضمي للإنسان على مجتمعات متنوعة من الكائنات الحية الدقيقة، التي تعرف بـ”ميكروبيوم الأمعاء. وكشفت دراسة حديثة نشرت في دورية “نيتشر كوميونيكيشنز” أن ميكروبيوم الأمعاء كان مختلفا لدى الأطفال الرضع الذين يبْدون مظاهر خوف قوية، عنه في الأطفال الذين يظهِرون ردود فعل معتدلة.

ومن ثم فإن دراسة ميكروبيوم الأمعاء من شأنها أن تمنح الباحثين والأطباء أداة جديدة لمراقبة الحالة الصحية العصبية. وعن الأهمية التي يؤديها ميكروبيوم الأمعاء، تقول ريبيكا نيكماير، قائدة الدراسة من جامعة ولاية ميشيغان، إن “الميكروبيوم قد يكون هدفا واعدا يُمكِن أن يُعزز من النمو الصحي للدماغ أثناء فترات النمو المبكرة”.

خخ

ويعتقد الكثيرون أن ميكروبيوم الأمعاء موجود في المعدة، لكنه موجود في الأمعاء الغليظة والدقيقة وهو يحتوي على جميع الميكروبات الموجودة داخل الأمعاء وتتألف تلك الميكروبات من البكتيريا والفطريات والخميرة والفايروسات.

وتعد القناة المعوية أكبر عضو في الجهاز المناعي، حيث تعيش هناك حوالي 80 في المئة من الخلايا المنتجة للمناعة ويلعب ميكروبيوم الأمعاء دورًا في الهضم والتمثيل الغذائي والالتهابات لدى الرضع، كما يساعد على تطوير جهاز المناعة في الأمعاء، وبعد ذلك عندما يصبح الشخصً بالغًا، فإنه يساعد في الحفاظ عليه.

وهناك بعض الميكروبات المعوية التي يمكن أن تنتج جزيئات صغيرة والتي يمكن أن تساعد أيضًا في تصنيع فيتامينات وأنزيمات وهرمونات معينة يحتاجها الجسم. يُعرف اختلال توازن الميكروبات الصحية وغير الصحية ووظيفتها باسم دسباقتريوز الأمعاء.

فالأشخاص الذين يعانون من مشكلات نفسية مختلفة أو اضطرابات مزاجية يعانون من خلل التنسج المعوي، مما يعني أن هناك تغييرات في تكوين ميكروبيوم الأمعاء ووظائفه وليست كل أعراض ميكروبيوم الأمعاء غير الصحي هي نفسها لدى الجميع، وقد تشمل بعض الأعراض الشائعة الإمساك والإسهال، والانتفاخ، والتعب، والارتجاع الحمضي أو الحموضة المعوية.

16