نداءات لإعادة صياغة "قانون الإعلام الجديد" في عمان ليواكب المرحلة

تعالت الأصوات المنتقدة لمشروع قانون الإعلام الجديد في سلطنة عمان، والذي يعتبرونه لا يتناسب مع طبيعة المرحلة ويتضمن قيودا تزيد من ضعف الإعلام الذي يواجه انتقادات خصوصا في بعض القضايا التي تشغل الرأي العام، حيث ينتظرون الإجابة عن استفساراتهم أو إثارتها أمام المسؤولين فيما يتجاهلها الإعلام ويصمت عنها.
مسقط - طالب محمد العريمي رئيس جمعية الصحافيين العمانية، بضرورة إعادة صياغة “قانون الإعلام الجديد” ليواكب المرحلة المتجددة التي تعيشها سلطنة عمان في عهدها الحالي، في ظل مطالبات عدة بتعديل قانون المطبوعات والنشر المعمول به في السلطنة والذي يعود إلى عام 1984، ولم تجرِ عليه إلا تعديلات طفيفة منذ ذلك الحين.
وقال العريمي في مقابلة مع إذاعة “الوصال” العمانية إن قانون الإعلام الجديد المنتظر بمواده الـ61 “لا يتواكب مع المرحلة ولا يتواكب مع العهد الجديد الذي يقوده السلطان هيثم بن طارق”.
وينتقد صحافيون ومغردون عمانيون التضييق على حرية الصحافة والتعبير في البلاد. ويقول معلقون إن القيود والرقابة على المعلومات والأخبار لم تعد مجدية في العصر الحالي، بل على العكس تفتح الباب واسعا للأخبار المضللة والشائعات وتكريس الفوضى في غياب المعلومة الموثوقة في الإعلام المحلي الغائب عن الشارع العماني.
وعلّق أحدهم:
awadh_sawafi@
وجاء في تعليق:
OmanHumanRight@
وتعالت الأصوات المنتقدة لأداء الإعلام العماني إلى درجة أن البعض اعتبر أن الإعلام يتحمل جزءا من غضب واحتقان الناس في بعض القضايا التي تشغل الرأي العام، حيث ينتظرون الإجابة عن استفساراتهم أو إثارتها أمام المسؤولين، فيما يتجاهلها الإعلام ويصمت عنها.
وفي فبراير الماضي ناقشت لجنة الإعلام والسياحة والثقافة بمجلس الشورى مشروع قانون الإعلام المحال من قبل مجلس الوزراء؛ واستضافتْ عددا من رؤساء التحرير والأكاديميين والإعلاميين للاستئناس بآرائهم وملاحظاتهم حول فصول ومواد مشروع قانون الإعلام المحال من الحكومة والذي تعكف اللجنة على دراسته عبر سلسلة من الاجتماعات واللقاءات، وذلك خلال الاجتماع الدوري الرابع للجنة لدور الانعقاد السنوي الأول (2023 – 2024) من الفترة العاشرة للمجلس (2023 – 2027)، برئاسة عبدالله بن حمد الحارثي رئيس اللجنة، وبحضور أعضاء اللجنة.
وطرح الإعلاميون بعض النماذج لواقع ممارستهم في العمل الإعلامي في مختلف الوسائل الإعلامية المقروءة والمرئية والمسموعة إلى جانب الإلكترونية منها، مشيرين إلى الضرورة الملحة لأن يتناول مشروع القانون تلك الجوانب.
وتمنّى رئيس جمعية الصحافيين العمانية محمد العريمي على مجلس وزراء البلاد أن يعيد قراءة هذا القانون من جديد، واستدرك أن هذا القانون قد يكون كتب منذ فترة. وتابع “من خلال قراءتي الشخصية كمتخصص وعملت في وزارة الإعلام أكثر من 30 سنة فلا أعتقد أن هذا القانون يتواكب مع هذه المرحلة”. وأضاف “على العكس من ذلك يضر هذا القانون بسمعة البلاد وبمن يمتهن هذه المهنة”
وحول موقف جمعية الصحافيين من هذا القانون أشار العريمي إلى أن الكل ممتعض. وروى أنه طلب من اللجنة الإعلامية في مجلس الشورى أن تسجّل كل كلامه وانتقاداته لهذا القانون، وتابع “فعمان بالنسبة إلينا خط أحمر وما نراه لا يتناسب مع البلد، وسوف نتحدث فيه وننتقده بكل أريحية”.
وأضاف أن ورود لفظة “سجن” في مشروع قانون الإعلام الجديد “أراه معيباً ولا يتلاءم مع التطورات وسمعة السلطنة في الخارج.. فزج مثل هذه الألفاظ والمواد في القانون لا نراه لائقاً ومسؤولاً”. وأكد “إذا صدر هذا القانون بصيغته التي اطلعنا عليها سيمثل إرهاباً للإعلام والصحافة والممارسين للمهنة”.
وشدد على أن التحكم في الإعلام مستحيل في ظل فضاءات مفتوحة في عُمان وفي غيرها، وإن أكبر تحد يواجه أيّ نظام يريد أن يتحكم في الإعلام هو تحديث أدواته وألا يظل يتخبط في رؤى تقليدية.
من جانبه علق الكاتب والصحافي العماني علي بن سالم الراشدي على تصريحات محمد العريمي بأنه لا يصح أن يتضمن القانون المنتظر ونحن في القرن الحادي والعشرين عقوبة السجن والغرامات المالية ومعظم دول العالم ألغت حبس الصحافيين.
وأضاف الراشدي في تغريدة على حسابه في موقع إكس:
AliSalimAlrash2@
وطالب الراشدي مجلس الوزراء بإعادة النظر في مواد القانون وصياغة قانون يكفل حرية الرأي، ويقدم سلطنة عمان كدولة تحمي حرية الإعلام، ويضمن بيئة إعلامية صحية تساعد على الإبداع، وتؤكد أن السلطنة ماضية في طريق التقدم في كل المجالات.
يذكر أن صدور القانون الجديد المنتظر لتنظيم الإعلام في سلطنة عمان سيترتب عليه إلغاء القوانين التي تحكم الأنشطة الإعلامية وهي قانون المطبوعات والنشر، وقانون المنشآت الخاصة للإذاعة والتلفزيون وقانون الرقابة على المصنفات الفنية. ويتضمن مشروع القانون ثمانية فصول مقسمة على 61 مادة فيما تتكفل اللائحة التنفيذية للقانون بتحديد التفاصيل الإجرائية.
وقد عكفت لجنة الإعلام والسياحة والثقافة من خلال برنامج زمني وتنفيذي على دراسة مشروع القانون وبحث تفاصيل مواده ومدى مواكبته للتطورات المستقبلية في المجال الإعلامي، وارتأت اللجنة مناقشة مشروع القانون مع عدد من جهات الاختصاص في الشأن الإعلامي وذلك للاستئناس بآرائهم وملاحظاتهم حول مشروع القانون.
ويأتي إعداد مشروع القانون بناء على المتغيرات التي طرأت على مزاولة الأنشطة الإعلامية والتطورات المتسارعة الناتجة عن اختلاف وسائل ممارسة الأنشطة الإعلامية في ظل مضي فترة طويلة على صدور القوانين التي تحكم ممارسة الأنشطة الإعلامية، مما يتطلب وجود تشريع موحد ينظم قطاع الإعلام في سلطنة عمان.
وأصبح العمانيون يطالبون بإعلام حر وقوي ومنافس لدحض الأكاذيب والشائعات. وتأثرت علاقة الجمهور العماني سلبا بصحافة بلاده مع غياب المعلومات التي يبحث عنها ويحتاجها، لذلك لم تعد المصدر الأول في استيقاء المعلومات، ولجأ إلى الاعتماد على مواقع التواصل الأمر الذي يعرضه إلى كمّ هائل من المعلومات الخاطئة، ومنها ما هو موجه إلى أغراض محددة.