الاتحاد الأوروبي يصرف 150 مليون يورو لتونس لدعم استقرارها المالي

الهبة المالية تستهدف دعم الميزانية وبرامج الإصلاحات الحكومية في إطار تنفيذ مذكرة التفاهم حول الشراكة الاستراتيجية الشاملة الموقعة العام الماضي.
الثلاثاء 2024/03/05
أوروبا تمضي في تنفيذ التزاماتها المالية مع تونس

تونس  - أعلن الاتحاد الأوروبي عن صرف تمويل لتونس على شكل هبة مالية بقيمة 150 مليون يورو لدعم ميزانية الدولة وبرامج الإصلاحات الحكومية، حسب ما ذكرت وكالة الأنباء التونسية الرسمية مساء الاثنين، في الوقت الذي تعصف فيه أزمة مالية بالدولة العربية.

وقالت الوكالة نقلا عن الاتحاد الأوروبي إن صرف هذه الهبة "يأتي في إطار تنفيذ مذكرة التفاهم مع تونس، وتحديدا ضمن برنامج دعم الإصلاحات الاقتصادية الكلية المعروف باسم بارم الذي صادق عليه الاتحاد الأوروبي وتونس خلال شهر ديسمبر 2023".

وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين إن "الاتحاد الأوروبي يواصل وقوفه إلى جانب تونس، ويقوم بصرف مبلغ 150 مليون يورو لدعم الإصلاحات الاقتصادية والاستقرار المالي".

واعتبرت أن هذا التمويل "يُشكل خطوة هامة في إطار مذكرة التفاهم الموقعة العام الماضي، وتعكس تقدما هاما على مستوى الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وتونس".

وبحسب الاتحاد الأوروبي، فإن صرف هذا المبلغ يستهدف "مرافقة تونس لتحقيق استقرار وضعها الاقتصادي، ودعم جهودها لتحسين التصرف في المالية العمومية وتحسين مناخ الأعمال".

وأشار إلى أن هذا الدعم يأتي لتعزيز قدرة الدولة التونسية على تحقيق نمو مستقر ومندمج ويؤكد التزام الاتحاد الأوروبي بدعم تونس على المضي في مسار الإصلاحات الاقتصادية في ظل الوضع الاقتصادي والاجتماعي الحالي.

وأكد الاتحاد أن عملية صرف المبالغ الموجهة لدعم ميزانية، تقوم على مدى التقدم الفعلي المحقق على مستوى تنفيذ الاصلاحات الهيكيلة من قبل تونس.

وشدد على أن عملية صرف 150 مليون أورو، تعكس التزامه وتونس بالعمل سويا لتنفيذ مختلف محاور العمل التي تم الاتفاق عليها بموجب مذكرة التفاهم وخاصة الركائز الخمس الواردة فيها وهي استقرار الاقتصاد الكلي والاقتصاد والتجارة والانتقال الطاقي الاخضر والتقارب بين الشعوب والهجرة والتنقل.

ووقعت تونس في 16 يوليو الماضي على مذكرة تفاهم حول الشراكة الاستراتيجية الشاملة مع الاتحاد الأوروبي، وذلك بحضور الرئيس قيس سعيد ورئيسة المفوضية الأوروبية ورئيسة مجلس الوزراء الإيطالي جورجيا ميلوني، ورئيس الوزراء الهولندي مارك روته.

وقبل التوقيع على مذكرة التفاهم المذكورة، أعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية في 11 يونيو الماضي عن استعداد الاتحاد الأوروبي تخصيص مساعدات طويلة الأمد لتونس بقيمة 900 مليون يورو، فضلا عن تقديم 150 مليون يورو مباشرة لدعم الخزانة التونسية في إطار اقتراح اتفاق شراكة شاملة مع تونس.

وتحتاج تونس التي تخصص جزء كبير من مواردها لسداد الديون التي تبلغ حوالي 80 في المئة من ناتجها المحلي الإجمالي، إلى السيولة بشكل عاجل لتمويل شراء منتجات مدعومة مثل الحليب والدقيق والأرز التي تعاني نقصا مزمنا فيها.

وتحولت تونس إلى نقطة استقطاب لعشرات الآلاف من مهاجري أفريقيا جنوب الصحراء الراغبين في عبور البحر المتوسط، وأعلنت لاحقا عن تحفظاتها بشأن البطء في صرف التعهدات المالية وأعادت في أكتوبر الماضي تمويلا أوروبيا بقيمة 60 مليون يورو في رد فعل نادر، بدعوى مخالفة قيمته للوائح الاتفاق.

وسيوجه التمويل الجديد إلى خزينة الدولة التونسية التي تواجه صعوبات مالية.

وسبق أن أقر الاتحاد الأوروبي بتراجع أعداد المهاجرين الوافدين من السواحل التونسية إلى إيطاليا خلال الشهرين الماضيين بعد أن بلغت حتى أغسطس الماضي مستويات قياسية.

وشهدت جزيرة لامبيدوزا الإيطالية في تلك الفترة تدفقا كبيرا للمهاجرين غير النظاميين من السواحل التونسية والليبية، فيما قادت إيطاليا لأشهر جهودا لتقديم الدعم المالي اللازم لتونس، التي تعيش أزمة اقتصادية تسببت في فقدان العديد من المواد الأساسية، في ظلّ تعثر المحادثات مع صندوق النقد الدولي.

ومؤخراً، أثار لجوء الحكومة في تونس إلى اقتراض 2.3 مليار دولار من البنك المركزي لتسديد قروض خارجية وتمويل نفقات لسنة 2024 مخاوف لدى الكثير من المراقبين مما قد يجره الاقتراض بالعملة الأجنبية من تدهور قيمة الدينار التونسي وتصاعد مستوى التضخم.

وكان محافظ البنك المركزي التونسي مروان العباسي قال، الشهر الماضي، إن سداد قرض قيمته 850 مليون يورو، مستحق في 16 فبراير الماضي، سيؤدي إلى انخفاض احتياطيات النقد الأجنبي بما يعادل المبلغ اللازم لمدة 14 يوماً من الواردات، وسيكون له تأثير على سعر الصرف.

بينما يقول اقتصاديون إن تونس اعتمدت اعتماداً كبيراً على مزيد من القروض الداخلية لسداد ديونها الخارجية، ما أدى إلى تراجع السيولة بشدة وأسهم في تقليص تمويل البنوك للاقتصاد.

وسددت تونس جميع ديونها الخارجية في 2023، مبددة الشكوك حول إمكانية التخلف عن السداد، لكن اقتصاديين يقولون إن عام 2024 سيكون صعباً للغاية، إذ تحتاج الحكومة إلى سداد 4 مليارات دولار أميركي من الديون الخارجية، بزيادة قدرها 40 في المئة مقارنة بعام 2023.