إيران تكافح لإيقاظ مكامن الغاز المهملة

الجزائر - أعلنت إيران الأحد أنها تخطط لاستثمار مليارات الدولارات بحلول 2029 من أجل زيادة إنتاج الغاز الطبيعي المسال بما يحقق هدفها بأن تكون لاعبا حاضرا في الأسواق رغم القيود الغربية.
وقال وزير النفط جواد أوجي إن “إنتاج الغاز الإيراني سيصل إلى نحو 1.3 مليار متر مكعب يوميا خلال خمس سنوات، ارتفاعا من المستويات الحالية البالغة 1.07 مليار متر مكعب يوميا”.
وأوضح خلال القمة السابعة لمنتدى الدول المصدرة للغاز المنعقدة في الجزائر إنه من أجل “ضمان الدور المركزي لإيران في مجال الطاقة العالمية، سيتم استثمار 80 مليار دولار في تطوير حقول الغاز”.
وتواجه طهران اختبارا صعبا للمواءمة بين متطلبات الاستهلاك المحلي، والضغوط المنجرة على التقلبات العالمية للمناخ، في ظل الطموحات الكبيرة المتعلقة بإيقاظ مكامن إنتاج الغاز المحاصرة بالعقوبات الأميركية.
وتمتد مشكلة جذب المستثمرين الأجانب إلى صناعة الغاز في إيران بشكل كبير بعد أن عجزت السلطات لسنوات عن إيجاد شركاء يمكنهم مساعدتها على استثمار مشاريع الغاز المهملة، والتي لا تمتلك طهران القدرة أو المال للاستفادة منها.
وانعزل البلد عن المستثمرين الأجانب منذ أن أعاد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب فرض العقوبات عليه في 2018، واعتمد بشكل أساسي على الشركات المحلية لتطوير قطاع الطاقة الإيراني رغم قلة السيولة التي لديها.
وفي دليل على ذلك، وقعت الحكومة في 2021 عقدا بقيمة 1.78 مليار دولار مع مجموعة بتروبارس المحلية لتطوير الرقعة ب لحقل فرزاد للغاز بعد فشل المحادثات مع شركات هندية لتطوير الموقع البحري.
وتشير التقديرات إلى أن الحقل يحتوي على 22 تريليون قدم مكعبة من الاحتياطيات، يعتبر 16 تريليون قدم مكعبة منها قابلة للإنتاج وفق التقنيات المتاحة حاليا.
وفي أكتوبر 2019، انسحبت شركة البترول الصينية (سي.أن.بي.سي) من مشروع تطوير الجانب الإيراني من حقل غاز مشترك مع قطر، ما مدد حينها استئثار الدوحة باستثمار احتياطات أكبر حقل للغاز في العالم في ظل ضعف قدرة طهران على تطوير حصتها.
وكانت طهران قد وقّعت عقد تطوير الحقل مع توتال أنيرجيز وسي.أن.بي.سي في يوليو 2017 خلال تخفيف العقوبات بموجب الاتفاق النووي مع القوى العالمية، باستثمارات تصل إلى 5 مليار دولار.
ويتم استهلاك معظم إنتاج الغاز الإيراني محليا، أو يتم فقده بسبب حرق الغاز. وقال خبراء لوسائل الإعلام الرسمية إن السوق المحلية ربما تواجه عجزا بمقدار 300 مليون متر مكعب يوميا من الغاز في السنوات المقبلة.
ويقترب استهلاك الغاز المنزلي الآن من مستوى قياسي يبلغ 700 مليون متر مكعب يوميا خلال أشهر الشتاء. وسبق أن دعا وزير النفط الإيرانيين إلى الحد من استهلاكهم.
ومنتصف الشهر الماضي، كشفت شركة النفط الحكومية (نيوك) أنها ستبرم صفقات بقيمة 14 مليار دولار لتطوير حقول النفط والغاز الإيرانية بحلول نهاية مارس الحالي.
ونقلت وكالة تسنيم الإيرانية للأنباء عن رئيسها محسن خوجاسته مهر قوله في مقابلة تلفزيونية إن “خطة لتحسين معدل استخراج آبار حقل جنوب بارس للغاز مدرجة أيضا على جدول الأعمال وسيتم إطلاقها بحلول نهاية هذا العام”. وأضاف خوجاسته مهر “نحن نشارك بنشاط في التنقيب والتطوير والإنتاج والنقل والتصدير في جميع مقاطعات البلاد تقريبا”.
وفي إشارة إلى الحفاظ على إنتاج الغاز خلال فصل الشتاء، أوضح أن شركة نيوك تنتج حاليا مليار متر مكعب من الغاز يوميا، يستخدم معظمها للأغراض المنزلية والتجارية، والباقي يستهلك في الطاقة.
وبحسب خوجاسته مهر، فإن إنتاج الغاز من حقل جنوب بارس للغاز، والذي يمثل 70 في المئة من إنتاج الغاز الإيراني، وصل الآن إلى أكثر من 700 مليون متر مكعب يوميا.
◙ إنتاج البلاد من الغاز نما في الفترة بين 2012 و2022 بمتوسط قدره 5.2 في المئة رغم أن نصف هذه الفترة كانت فيه الدولة تحت الحظر الأميركي
وتشير التقديرات إلى أن حقل، الذي تتقاسمه إيران مع قطر في مياه الخليج العربي، يحتوي على كميات كبيرة من الغاز الطبيعي، وهو ما يمثل حوالي 8 في المئة من الاحتياطيات العالمية، وحوالي 18 مليار برميل من المكثفات.
وعلى العكس من تركيا، تنظر إيران إلى أزمة أوكرانيا كفرصة، لتكون مصدرا للغاز لأسواق أوروبا ورغم اكتشاف حقل تشالوس للغاز في بحر قزوين الذي قد يحولها إلى أكبر منتج للغاز في العالم، لكن العقوبات الأميركية ظلت معرقلة لأي طموح.
وبرزت فكرة طهران بأن تكون مورد رئيس للغاز في أعقاب الاتفاق النووي لعام 2015، إلا أن هذه الفرضية تلاشت فعليا في أعقاب انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاقية بعد ثلاثة أعوام فقط.
وتشير أرقام وزارة النفط إلى أن إنتاج البلاد من الغاز نما في الفترة بين 2012 و2022 بمتوسط قدره 5.2 في المئة رغم أن نصف هذه الفترة كانت فيه الدولة تحت الحظر الأميركي.
وأشار أوجي إلى أنه رغم كل المشاكل المتعلقة بالعقوبات، لكن الاتجاه المتزايد لإنتاج الغاز في إيران استمر في العام 2023. وذكر في تعليقات أخرى إلى أعمال التخريب الأخيرة ضد صناعة الغاز الإيرانية.
ومنتصف فبراير الماضي، تعرض خطا أنابيب للغاز لأعمال تخريبية في محافظات جهار محال وبختياري وفارس. وبعد فترة وجيزة من العمل التخريبي، تم إصلاح خطوط أنابيب نقل الغاز واستؤنف تدفق الطاقة.