صندوق النقد يشيد بالاقتصاد العراقي رغم استمرار التحديات

الاقتصاد العراقي يظهر تأقلما في وجه الصدمات الخارجية.
الجمعة 2024/03/01
المسار لا يزال طويلا لبلوغ الهدف

عمّان - تعطي آفاق نمو الاقتصاد العراقي، الذي أظهر تأقلما في وجه الصدمات الخارجية خلال السنوات الماضية رغم الكثير من الإكراهات، لمحة عن مرونة الإصلاحات التي تعوّل عليها الحكومة كونها أحد صمامات الأمان للاستقرار المستدام.

ومنح تأكيد صندوق النقد الدولي في أحدث تقييماته أن العراق تمكن من مواجهة التقلبات خلال العام الماضي، وأنه سينتعش في 2024، دفعة معنوية قوية للاقتصاد لتجاوز الصدمات الخارجية بفضل نمو الناتج المحلي غير النفطي وتعزيز إدارة المالية العامة.

جاءت هذه الانطباعات أثناء مناقشات الوفد العراقي بقيادة وزيرة المالية طيف سامي محمد مع بعثة صندوق النقد في إطار مشاورات المادة الرابعة، والمنعقدة بالعاصمة الأردنية عمّان، وقد اختتمت الخميس عقب ثلاثة اجتماعات.

وأشادت بعثة خبراء الصندوق بالإجراءات الحكومية لتحسين مناخ الأعمال وتحفيز البيئة الاستثمارية، مشيرة إلى أن “العراق يحقق تقدما في نمو الناتج المحلي غير النفطي وتعزيز إدارة المالية العامة”.

جان - غيوم بولان: لاحظنا تقدما في الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي والمالي
جان - غيوم بولان: لاحظنا تقدما في الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي والمالي

ورغم أنها شددت على “أهمية الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي، ودعم الحماية الاجتماعية”، لكن رئيس بعثة الصندوق جان – غيوم بولان أكد أن ثمة “تقدما ملحوظا في الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي والمالي”.

وبحسب الصندوق يتمثل ذلك في انخفاض معدلات التضخم وتحسن ميزان المدفوعات، فضلا عن تحفيز التنويع الاقتصادي واستحداث فرص العمل بقيادة القطاع الخاص.

وكان الصندوق قد أصدر الصيف الماضي تقريرا متشائما حول آفاق الاقتصاد العراقي لأسباب تتعلق بانقطاع خط أنابيب نفط كركوك – جيهان، بالإضافة إلى تراجع إنتاج النفط وتقلبات سعر صرف العملة.

ونقلت وكالة الأنباء العراقية الرسمية عن بيان لوزارة المالية العراقية قولها إن “المناقشات تركزت حول البرنامج الإصلاحي للاقتصاد العراقي والخطوات التي تتبناها الحكومة” في مسار الإصلاح.

وتشمل الإصلاحات تعزيز السياسة المالية والمصرفية والبنية التحتية الرقمية وملف الشمول المالي ومسألة الدين العام، إلى جانب الإجراءات المتخذة للتخفيف من تداعيات الصراعات الدولية وتأثيراتها على الاقتصاد العراقي.

وأضافت الوزارة “كما أجرى الوفد خلال المشاورات مباحثات تتعلق بخارطة طريق نحو زيادة الإيرادات غير النفطية وأيضا تعزيز التنسيق بين السياستين المالية والنقدية في العراق”.

وعلاوة على ذلك تحديد برامج عمل مشتركة تتضمن تقديم صندوق النقد الدعم الفني والاستشاري اللازم للإصلاح الاقتصادي الذي تتبناه بغداد لتحقيق الاستقرار المالي والنقدي، وتحسين مستوى التخطيط المالي للموازنات واستمرارية تنفيذ المشاريع التنموية.

ووضع رئيس الوزراء محمد شياع السوداني الإصلاح الاقتصادي على رأس أولويات حكومته، لكنه يواجه معركة شاقة في بلد تعتبر فيه الدولة أكبر جهة توظيف وتعيق فيه البيروقراطية والقوانين القديمة عمل القطاع الخاص.

ويتوقع الصندوق نمو الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي للعراق بنحو 5 في المئة، في ضوء التوسع الكبير في المالية العامة في إطار قانون موازنة الثلاث سنوات النافذ.

وفي يونيو الماضي فاجأ العراق المتابعين باعتماد موازنة أهداف لثلاثة أعوام لأول مرة في تاريخه بدعم من السوداني، رغم أن هذه الخطوة تنطوي على سلاح ذي حدين كونها قد تأتي بنتائج عكسية بالنظر إلى الاعتماد على إيرادات النفط.

خبراء الصندوق يؤكدون على أن العراق يحقق تقدما في نمو الناتج المحلي غير النفطي وتعزيز إدارة المالية العامة

ويبلغ حجم الموازنة السنوية 153 مليار دولار لكل عام تشمل إنفاقا قياسيا على فاتورة أجور حكومية متزايدة ومشاريع تنمية تهدف إلى تحسين الخدمات وإعادة بناء البنية التحتية التي دمرها الإهمال والحرب.

وتقدر الحكومة العجز السنوي المتوقع بحوالي 49 مليار دولار، وهو مستوى مرتفع على نحو قياسي، ويبلغ أكثر من مثلي آخر عجز موازنة مسجل في 2021.

وأكد العراق في منتصف الشهر الماضي التزامه بتعديلات الإنتاج المتفق عليها في الاجتماع الوزاري لأوبك+ والتخفيضات الطوعية المتعهد بها في إطار التحالف.

وأشارت وزارة النفط آنذاك إلى أن الحكومة تسعى لمراجعة تقارير المصادر الثانوية والتحقق منها ومعالجة الزيادات في الإنتاج، إن وجدت، وتعويضها.

وفي نوفمبر الماضي أبقت وكالة موديز للتصنيف الائتماني على الجدارة الائتمانية للعراق دون تغيير عند سي.أي.أي 1 مع نظرة مستقبلية مستقرة.

وأوضحت الوكالة في تقرير أن التصنيف يعكس وضع العراق الراهن في ظل اعتماده المالي والخارجي على الهيدروكربونات، ما يؤدي إلى انكشاف البلاد بشكل كبير على التقلبات التي قد تحدث في أسعار النفط.

لكن موديز توقعت أن تكون لتصاعد الحرب في قطاع غزة وتدخل أطراف أخرى في الصراع من خلال التوترات في البحر الأحمر انعكاسات جوهرية على الاقتصاد العراقي.

ومن المتوقع أن ينمو الاقتصاد العراقي لسنة 2024 بنسبة 4.5 في المئة ليبلغ الناتج المحلي الإجمالي 297 مليار دولار مع دخل فردي يبلغ 5880 دولارا في بلد يصل تعداد سكانه إلى 43.5 مليون نسمة.

10