غضب في أربيل من السلطة الاتحادية العراقية: تريد تقويض الإقليم

المحكمة الاتّحادية العراقية تقرّر تقليص عدد أعضاء برلمان إقليم كردستان إلى مئة عضو.
الخميس 2024/02/29
حالة وفاق لم تعمّر طويلا

أربيل - يقود الحزب الديمقراطي الكردستاني بقيادة مسعود بارزاني حملة ضدّ السلطات الاتّحادية العراقية تشارك فيها قوى مساندة للحزب.

وعكست الحملة المتجسّدة في تصريحات السياسيين وتقارير الإعلام التابع لحزب بارزاني حالة من الغضب المتراكم منذ فترة وفجّرته القرارات الأخيرة للمحكمة الاتّحادية العراقية بشأن رواتب موظفي إقليم كردستان العراق والقانون الانتخابي للإقليم.

وأصدرت المحكمة ذات القرارات غير القابلة للنقض قبل أيام قرارها بأن يتم صرف رواتب هؤلاء الموظّفين عبر مصارف عراقية بدل تحويل المبالغ المخصصة لها إلى حكومة كردستان العراق لتوزيعها على مستحقيها. كما قرّرت تقليص عدد أعضاء برلمان الإقليم إلى مئة عضو بإلغائها الأحد عشر مقعدا المخصصة للأقليات وفقا لنظام الكوتا.

وجاءت تلك القرارات معاكسة تماما لإرادة الحزب الديمقراطي القائد الرئيسي لحكومة الإقليم والتي من مهامها صرف رواتب الموظفين التي يشكك بعض خصوم الحزب في وجود تلاعب في صرفها.

أما إلغاء مقاعد الكوتا فقد نُظر إليه باعتباره عملية خصم مباشرة من عدد مقاعد الحزب الديمقراطي في البرلمان المحلّي نظرا لكون غالبية الفائزين بتلك المقاعد كانوا ينتمون لمناطق نفوذه في محافظتي دهوك وأربيل.

آنو جوهر: محاولة لتحويل برلمان كردستان إلى برلمان كردي مسلم فقط
آنو جوهر: محاولة لتحويل برلمان كردستان إلى برلمان كردي مسلم فقط

وبلغت أصداء حملة الحزب الديمقراطي ضدّ السطات الاتّحادية العراقية، وخصوصا المحكمة الاتّحادية، الولايات المتّحدة الأميركية حيث نجح رئيس حكومة إقليم كردستان مسرور بارزاني في الحصول على موقف أميركي مؤيّد لموقف الحزب من قرارات المحكمة بشأن الأقليم.

وقالت منابر إعلامية تابعة للحزب الديمقراطي الكردستاني إنّ محادثات بارزاني مع وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن شملت “نقاشات بشأن حماية أمن إقليم كردستان وحلّ مشاكل الموازنة وضمان الحقوق المالية والدستورية لمواطنيه واحترام النظام الاتحادي والكيان الدستوري للإقليم وحماية حقوق مكوناته”.

وأضافت أنّ “الجانبين اتّفقا على أن قرارات المحكمة الاتحادية والخطوات المتخذة ضد إقليم كردستان والفيدرالية في العراق تثير القلق”.

ولم تنفصل زيارة المسؤول الكردي لواشنطن بناء على دعوة وجّهت إليه من قبل إدارة الرئيس جو بيادن عن بحث قيادة الإقليم عن سند دولي في غمرة الضغوط الشديدة التي يتعرّض لها من قبل إيران وحلفائها العراقيين المسيطرين بشكل أساسي على زمام الدولة العراقية.

وباتت حماية تماسك إقليم كردستان العراق والحفاظ على كيانه الدستوري وفق للنظام الاتّحادي الذي أنشأته الولايات المتّحدة بعد غزوها للعراق، حاجة مشتركة بين أربيل وواشنطن نظرا للحاجة المتزايدة للأميركيين لإيجاد مركز موثوق به لنفوذهم في البلاد بعد أن تفاقمت الخلافات مع القوى العراقية المتحكّمة في السلطة الاتّحادية وظهور المزيد من التوتّر جرّاء تعرّض القوات الأميركية الموجودة على الأراضي العراقية لتهديدات الميليشيات الشيعية، وتوجّه حكومة الإطارالتنسيقي لإنهاء مهمة تلك القوات.

ويبدو أنّ المساندة الأميركية قد شجّعت قيادة حزب بارزاني على عكس الهجوم على القوى المشكّلة لها.

واتّهم رئيس الحزب مسعود بارزاني في حوار مع إذاعة مونت كارلو “عدة أطراف” بمحاولة عرقلة عمل الحكومة الفيدرالية، مشيرا إلى أن رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني يواجه عقبات في تطبيق بنود الاتفاق السياسي.

وأوضح بالقول “شاركنا في حكومة السوداني بناء على اتفاق سياسي وتم تشكيل ائتلاف إدارة الدولة”، مستدركا بأنّ “السوداني يريد تنفيذ الاتفاق الذي تم بين الأطراف لكن هناك عقبات حقيقة تواجهه”.

الزعيم الكردي العراقي المخضرم انتقد قرارات المحكمة الاتّحادية بشأن إقليم كردستان العراق واصفا إياها بأنّها منحازة بامتياز ضد الإقليم ومتّهما المحكمة بتجاوز صلاحياتها الدستورية

ويشير بارزاني بذلك إلى الأحزاب والفصائل الشيعية النافذة في حكومة السوداني والتي تمارس ضغوطا بلا هوادة على الحزب الديمقراطي الكردستاني من منطلق أن قياداته موالية للولايات المتّحدة ضد إيران الحليفة لتلك الأحزاب.

ووجّه الزعيم الكردي العراقي المخضرم نقده لقرارات المحكمة الاتّحادية بشأن إقليم كردستان العراق واصفا إياها بأنّها منحازة بامتياز ضد الإقليم، ومتّهما المحكمة بتجاوز صلاحياتها الدستورية.

وعرّج بارزاني في حديثه على الاستفتاء الذي كان قد وقف بقوة خلف إجرائه سنة 2017 بهدف فصل إقليم كردستان في دولة مستقلّة عن العراق الأمر الذي أثار غضبا عارما ضدّه تجاوز الداخل العراقي إلى إيران وتركيا المجاورتين واللتين تعارضان بشدّة قيام دولة للأكراد على حدودهما باعتبار أن ذلك سيشكل سابقة تفتح الطريق لاستقلال الأكراد في مناطقهم بالدولتين.

وقال مبررّا خطوته “أثناء صياغة الدستور العراقي عملنا بجد وإخلاص على بناء عراق تعددي فيدرالي لكن تم التراجع عما اتفقنا عليه في الدستور وتم خرقه، ولو تم الالتزام بالدستور ما كنا ذهبنا إلى الاستفتاء”.

كما حذّر من وجود مخاطر على مستقبل العراق إذا لم يتبنّ العراقيون مجددا مبدأ المشاركة والتوافق والتوازن دون التفرد بالسلطة من قبل جماعات أو كيان أو مكون معين وهو ما قد يسير بالعراق نحو الهاوية، بحسب تعبير بارزاني.

وتشارك مكونات عراقية متضرّرة من قرار المحكمة الاتّحادية إلغاءَ كوتا الأقليات في برلمان إقليم كردستان العراق، غضب الحزب الديمقراطي من سلطات بغداد.

وعقد ممثل المكون المسيحي آنو جوهر، الأربعاء، مؤتمرا صحافيا قال خلاله “إن المحكمة الاتحادية قضت بعدم دستورية مقاعد المكونات في برلمان كردستان كما تم تعليق جميع مقاعد التركمان والكلدان والآشوريين والسريان والأرمن”.

وأضاف “قرار المحكمة بإلغاء مقاعد المكونات جاء بدعوى مضللة مقدمة من الاتحاد الوطني الكردستاني وبالتالي فإن القرار يعد قرارا ظالما”.

واعتبر جوهر أن “هذه القرارات تصب في مصلحة جهة معينة على حساب المكونات بما ينتهك حقوق التركمان والمسيحيين”، مضيفا قوله “هذه محاولة لتحويل برلمان كردستان من برلمان متنوع قوميا ودينيا إلى برلمان كردي مسلم فقط”.

كما طالب القوى السياسية “بالضغط على السلطات العراقية للالتزام بالدستور وعدم الانقلاب عليه والحفاظ على مبدأ الفصل بين السلطات”.

3