الطلب الفاتر يتحدى مرونة أسعار خام الحديد

سنغافورة- تراجعت أسعار خام الحديد، التي ظلت مرنة لفترة طويلة رغم التوقعات الاقتصادية القاتمة للصين، مما أثار مخاوف بشأن تعثر الطلب وتراجع مخزونات التعدين في أستراليا أحد أكبر منتجي العالم.
ويأتي انخفاض الأسعار التي وصلت إلى أدنى مستوياتها منذ أكتوبر الماضي مع تلاشي الآمال حول انتعاش الطلب في السوق الصينية على الصلب عقب انتهاء عطلة رأس السنة القمرية الجديدة.
ورصدت المؤشرات أن الأسعار تقهقرت ما بين 8 و9 في المئة منذ أن عادت الصين، أكبر مستهلك في العالم لمكونات صناعة الصلب الرئيسية، إلى العمل في الأسبوع الماضي، مما ضغط على أسهم التعدين وخاصة في أستراليا إلى أدنى مستوياتها في أربعة أشهر.
وحتى أكبر خفض على الإطلاق أجرته بكين في سعر الفائدة على الرهن العقاري لإنعاش سوق القطاع المتعثر فشل في دعم الأسعار، التي عادة ما تحصل على دفعة من مثل هذا التحفيز.
9
في المئة نسبة تراجع الأسعار في بورصة سنغافورة هذا الأسبوع ليبلغ الطن 115.9 دولار
ولا يجلب ما يحدث في السوق حاليا بالضرورة الكثير من الراحة لشركات صناعة الصلب، إذ لا يزال العديد منهم يستخدمون الأسهم المشتراة بقيمة أعلى حتى مع انخفاض أسعار الصلب.
وتراجعت أسعار العقود المستقبلية لخام الحديد في بورصة سنغافورة الاثنين الماضي بنحو 3.6 في المئة لتبلغ 115.9 دولار، وهي علامة مقلقة بالنظر إلى اقتراب قدوم مارس وأبريل، وهما شهران يحفلان عادة بنشاط البناء في الصين.
وتعد الصين أكبر منتج للصلب في العالم بفارق كبير، وقد قفزت مخزونات مصانعها الكبرى بنسبة 25.7 في المئة مع حلول منتصف فبراير الحالي مقارنة بأوائل الشهر، وفقا لبيانات صدرت عن الجمعية الصينية للحديد والصلب.
وقالت إحدى شركات صناعة الصلب في وسط الصين إن “المصانع التي تعتمد بشكل أكبر على الشحنات المنقولة بحرا قد تتكبد خسائر أكبر بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج، حيث تم شراء البضائع التي تستهلكها عندما ارتفعت الأسعار.
وكانت أسعار خام الحديد قد ارتفعت بعد عطلة العام القمري الجديد العام الماضي، وأنهت العام أقوى على الرغم من ضعف الطلب الصيني على الصلب، متحدية توقعات السوق.
ومع ذلك، فإن إصدار بكين تعليمات للحكومات المحلية المثقلة بالديون بتأخير أو وقف بعض مشاريع البنية التحتية، التي تمولها الدولة ألقى بظلال جديدة على الطلب، بالإضافة إلى السحب المستمر من قطاع العقارات.
واختارت العديد من المصانع سحب المخزونات بدلا من تقديم طلبات جديدة من سوق البناء مع انخفاض الأسعار، وفقا لاثنين من صانعي الصلب الصينيين وثلاثة تجار تحدثوا إلى وكالة رويترز وطلبوا عدم كشف هويتهم.
3.6
في المئة نسبة تراجع أسعار العقود المستقبلية لخام الحديد في بورصة سنغافورة
وقال مدير في مصنع للصلب في شمال الصين “قد يكون هذا العام أصعب من العام الماضي من حيث جني الأرباح. وسنواصل الحفاظ على مخزون منخفض من المواد الخام”.
ويرى محللو القطاع أن الهوامش الضعيفة دفعت شركات صناعة الصلب إلى الامتناع عن زيادة الإنتاج قبل بدء موسم ذروة الطلب في مارس.
وقال توماس جوتيريز رئيس قسم البيانات لدى شركة كالانيش كوموديتيز الاستشارية لرويترز إن “أسواق الصلب ضعيفة ولا تزال هناك ثقة قليلة في الاقتصاد.” وأضاف إن “قدرة بكين على هندسة النمو الاقتصادي بالوسائل التقليدية آخذة في التلاشي”.
ومع ذلك، على الرغم من العرض الأقوى من المعتاد في موسم الشحن الأبطأ عادة مما يخلق رياحا معاكسة لأسعار خام الحديد، قال تجار في السوق إنهم يتوقعون انتعاش الأسعار قريبا مع اقتراب تعافي الطلب، مع تزايد ملاءمة الطقس لنشاط البناء.
ورجح محللون أن يرتفع متوسط الإنتاج اليومي للمعادن الساخنة، وهو مقياس للطلب على الخام، في الأسابيع المقبلة من مستواه المنخفض الحالي.
وقالت شركة غالاكسي فيسوتشرز في مذكرة الثلاثاء الماضي إن “الطلب على الصلب قد يفوق التوقعات في النصف الأول من 2024 بفضل نشاط التصنيع والتصدير القوي ومع إطلاق الأموال المخصصة خلال الربع الرابع للإنفاق على البنية التحتية”.