"القاضي عياض شاعرا" مداخلات ومقاربات مغربية في منجز شعري راسخ

"ذاكرة شعرية" تفتح سجلا ثقافيا جديدا ضمن سعي من دار الشعر بمراكش إلى ترسيخ هذه الذاكرة وانفتاحها على القراءة والاستقصاء والمقاربة.
الخميس 2024/02/29
مفكر وباحث أثرى الخزانة العلمية

مراكش (المغرب) - نظمت دار الشعر بمراكش، بتنسيق مع كلية اللغة العربية وبيت الشعر في المغرب، الدورة الخامسة لفعاليات الندوة الوطنية "ذاكرة شعرية": ندوة “القاضي عياض شاعرا”، وذلك صباح يوم الأربعاء الثامن والعشرين من فبراير 2024 بمدرج أحمد الشرقاوي إقبال، بفضاء كلية اللغة العربية بمراكش.

وشارك في هذا اللقاء العلمي ثلة من الأساتذة والباحثين والشعراء، هم الأكاديميون محمد عيناق وعتيقة السعدي وعلي الخاميري والشاعر إسماعيل زويريق، الذي أنهى مؤخرا نظم “كتاب الشفا للقاضي عياض” بستة آلاف بيت. وتفتح الندوة الوطنية "ذاكرة شعرية" سجلا ثقافيا جديدا من ذاكرتنا الشعرية والثقافية الجماعية، ضمن سعي من دار الشعر بمراكش إلى ترسيخ هذه الذاكرة وانفتاحها على القراءة والاستقصاء والمقاربة.

 المعتمد بن عباد، أحمد المجاطي، شاعر الحمراء وأحمد بركات، أجيال وتجارب مختلفة ومتعددة الرؤى كانت في ضيافة نقاد وباحثين، ضمن ندوات وطنية علمية تستقصي جزءا من ذاكرة المغرب الشعرية، وتمثل محطة علمية أساسية في برنامج الدار الثقافي والشعري، وأيضا هي لحظة معرفية للتنسيق المشترك مع كلية اللغة العربية بمراكش وبيت الشعر في المغرب، في أفق تحيين المدارك بتاريخ المغرب الشعري والثقافي وإعادة الاستقراء في ضوء أسئلة جديدة.

"ذاكرة شعرية" ندوات وطنية علمية تستقصي جزءا من ذاكرة المغرب الشعرية وتعيد استقراءها في ضوء أسئلة جديدة
◙ "ذاكرة شعرية" ندوات وطنية علمية تستقصي جزءا من ذاكرة المغرب الشعرية وتعيد استقراءها في ضوء أسئلة جديدة

وتخصص الدورة الخامسة، لندوة “ذاكرة شعرية” للقاضي عياض شاعرا. والذي يعتبر من أهم المفكرين والباحثين الذين أثروا الخزانة العلمية بمؤلفات حظيت باهتمام الدارسين والباحثين، وخصوصا في مجالات ضروب المعرفة المتعلقة بالثقافة الإسلامية، بل حتى تلك القولة المأثورة “لولا القاضي عياض لما ذكر المغرب”، والتي ظلت تتردد عند القدماء عند حديثهم عن الحياة العلمية والثقافية والدينية التي كان يعيشها المغرب خلال عقود العصر الوسيط، تؤكد مكانة القاضي عياض وريادته ومعارفه المتعددة وقد خلّف في هذا الباب منجزا لافتا في مجالات البحث الفقهي والاجتماعي والتاريخي والتراجم، وطبقات المالكية، إلى جانب منجزه في فن النظم الشعري.

وتتوقف “ذاكرة شعرية: القاضي عياض شاعرا” عند هذا التراث الأدبي والإبداعي، وتميزه، بينما يشير بلاغ دار الشعر بمراكش إلى أن عزوف القاضي عياض عن تجميع نصوصه الشعرية والنثرية، قد تسبب في ضياع الكثير منها إلى جانب تشتتها بين حقول إبداعية ومعرفية متعددة. وقد استطاع الباحث والأكاديمي محمد عيناق أن يتدارك الأمر بتجميعه وتحقيقه للتراث الشعري للقاضي عياض في ديوان مستقل، بادر الباحث بإنجاز أطروحة جامعية حول الموضوع، وتم نشرها في كتاب “ديوان القاضي عياض”.

يقول القاضي عياض في إحدى قصائده “عمرك الله هل سمعت بحي لم ترعهم روائع الحدثان/ كل يوم طليعة لفراق ومن العجب أن ترى للتداني/ فاسأل الشعريين عنها وحسبي شاهدا ما تقوله الشعريان/ ودع الفرقدين إن جهلاها فستدهي بأمرها الفرقدان”.

لقد ساهمت بعض الدراسات في الكشف عن مكانة القاضي عياض، أديبا وشاعرا، وتكفي الإشارة إلى كتاب التعريف لولده أبي عبدالله (الصادر سنة 1974، بتحقيق وتقديم الدكتور محمد بن شريفة)، وكتاب “الموسوعة الأدبية أزهار الرياض في أخبار عياض” لمؤلفها الأديب المؤرخ أبي العباس أحمد المقري. إلى جانب العديد من الكتابات، ضمن ملفات متخصصة لمجلات “المناهل”، والتي أطل علينا الأديب عبدالله كنون مقدما “القاضي عياض أديبا” وآخرين، في تأكيد للدور الريادي لهذا العلم الثقافي والأدبي، صاحب كتب “الشفا، ومشارق الأنوار على صحاح الآثار”، وكتاب “إكمال المعلم والإلماع إلى معرفة أصول الرواية وتقييد السماع”، وكتاب “ترتيب المدارك”، وكتاب “الغنية والبغية” وغيرها.

12