خطط قطر التوسعية تغذي حرب الحصص في أسواق الغاز

الدوحة ستهيمن على ربع الطلب العالمي بحلول 2030.
الأربعاء 2024/02/28
مستمرون في الشحن بلا توقف

يسود لدى المحللين شبه إجماع على أن الخطط التي أعلنتها قطر لزيادة إنتاج الغاز الطبيعي المسال ستعمل على تغذية حرب الحصص في الأسواق العالمية وستزيد الضغط على المنتجين الأميركيين ومنافسين آخرين الذين أربكتهم الكثير من التحديات.

الدوحة - يعتقد خبراء أن التوسع الذي تخطط له قطر في إنتاج الغاز يمكن أن يجعلها تسيطر على ربع حصة السوق العالمية بحلول عام 2030، ما سيغير خارطة كبار المنتجين.

وأكدوا أن هذا الاتجاه يضغط على المشاريع المنافسة بما في ذلك المشاريع في الولايات المتحدة بعدما جمد الرئيس الأميركي جو بايدن موافقات التصدير الجديدة.

وتخطط قطر، وهي من أكبر مصدري الغاز في العالم، لزيادة الإنتاج بنسبة 85 في المئة من الإنتاج الحالي لحقلها الشمالي البالغ 77 مليون طن سنويا لتصل إلى 142 مليون طن سنويا في نهاية هذا العقد من 126 مليون طن سنويا كانت متوقعة في السابق.

ويرى خبراء السوق أن الخطوة سيكون لها تأثير على المشاريع العالمية في الولايات المتحدة وشرق أفريقيا وأماكن أخرى، الأمر الذي يتطلب تمويلا إلى جانب التزام زبائن المدى الطويل باتخاذ قرار الاستثمار النهائي نظرا لتميز قطر باعتبارها المنتج الأقل كلفة.

وقال إيرا جوزيف، كبير الباحثين في مركز سياسة الطاقة العالمية بجامعة كولومبيا، لرويترز “أدرك القطريون أنهم يجب أن يكونوا قادرين على تقديم الأسعار الأكثر تنافسية إلى حد كبير".

وأوضح أن لديهم الاحتياطيات والتكاليف الأقل لبناء القدرات الإضافية والعلاقات مع الشركات الهندسية والزبائن الحاليين، “فلماذا يتوقفون عند هذا الحد؟".

إيرا جوزيف: القطريون أدركوا أن عليهم تقديم أسعار أكثر تنافسية
إيرا جوزيف: القطريون أدركوا أن عليهم تقديم أسعار أكثر تنافسية

وأضاف "هذا يشير إلى أنهم إما يعززون استغلال هذا أو يخسرونه. إذا كنت المنتج الأقل كلفة في العالم، فلماذا لا تضرب بقوة وتُبعد أي منافسة تتطلب زبائن على المدى الطويل وتمويلا".

أما فريزر كارسون، كبير محللي الأبحاث العالمية للغاز في شركة وود ماكنزي، فيرى أن توقيت الإعلان القطري جاء “من حسن الحظ”، مع تعطل المنافسين الرئيسيين الآخرين.

وأشار في حديثه لرويترز إلى وقف إدارة بايدن لموافقات تصدير الغاز الأميركي وفرض عقوبات على الغاز الروسي واستمرار الاضطرابات الداخلية في موزمبيق.

واشتدت المنافسة بين قطر والولايات المتحدة بعد أن قررت أوروبا التوقف التدريجي عن الاعتماد على خط أنابيب الغاز الروسي عقب نشوب الحرب في أوكرانيا.

وبرز موردو الغاز الأميركيون لسد الفراغ الناتج عن ذلك في العرض وأثبتوا أنفسهم كأكبر مصدرين في العالم العام الماضي، متجاوزين قطر رغم مساهمة البلد الخليجي في سد هذا الفراغ أيضا.

ومن المتوقع أن تتضاعف سعة الإنتاج الأميركي من الغاز تقريبا خلال السنوات الأربع المقبلة، لكن قرار إيقاف الموافقات مؤقتا على طلبات إنشاء محطات جديدة للتصدير، والذي يتعلق بالمراجعات البيئية، سيثير ارتباكا في الأسواق.

وظهر ذلك جليا مع تحذيرات مستوردي الغاز من أن الخطوة الأميركية ستضر بأمن الطاقة المستقبلي على مستوى العالم.

وقال كوشال راميش، نائب رئيس أبحاث الغاز في ريستاد إنيرجي، إن "الإشارة التي يجب على المشاريع الأميركية أن تستوعبها من هذا هي أنه إذا لم تمض قدما، فإن غيرها سيفعل".

◙ 142 مليون طن سنويا طاقة الإنتاج المتوقعة لقطر بحلول 2030 ارتفاعا من 126 مليونا

ويتوقع أليكس فرولي، كبير محللي بيانات الغاز في شركة آي.سي.آي.أس، أن التوسع القطري الجديد سيؤدي إلى فترة ستشهد أسعارا أكثر استقرارا وانخفاضا وتمتد إلى بقية العقد، وسيشجع على زيادة إقبال المشترين الآسيويين.

لكن راميش قال إن "توفير 16 مليون طن سنويا من المنتج منخفض الكلفة أمر إيجابي بالنسبة إلى آسيا، وهو تحديدا ما تحتاجه سوق الغاز لضمان مستقبل طويل الأجل في سوق آسيا الناشئة".

ومن المنتظر نمو سوق الغاز العالمية إلى ما بين 580 و600 مليون طن سنويا بحلول عام 2030، من 400 مليون طن سنويا حاليا، مدعومة في المقام الأول بالطلب الآسيوي.

ومن المتوقع أن تسيطر قطر وحدها على ما بين 24 و25 في المئة من هذه السوق بحلول ذلك الوقت.

وقال هنينغ جلويستاين، مدير الطاقة والموارد في أوراسيا غروب، "تتمتع قطر بموقع جغرافي جيد يمكنها من تلبية الطلب المرتفع الحالي في شمال شرق آسيا في الصين واليابان وكوريا".

وأكد إمكانية تلبية الطلب المستقبلي في منطقة النمو الحقيقي الوحيدة المتمثلة في جنوب آسيا وخاصة في الهند.

فريزر كارسون: تعطل المنافسين الرئيسيين ضربة حظ بالنسبة إلى قطر
فريزر كارسون: تعطل المنافسين الرئيسيين ضربة حظ بالنسبة إلى قطر

وفي ديسمبر الماضي كشفت قطر للطاقة أنها تحفر آبارا لتقييم فرص التوسع خارج مرحلتي حقل الشمال الشرقي وحقل الشمال الجنوبي.

وسيتطلب التوسع الجديد إنشاء وحدتين لتسييل الغاز الطبيعي بالإضافة إلى ست وحدات يجري إنشاؤها بالفعل للتوسعات السابقة.

ولفت سعد الكعبي، الرئيس التنفيذي لشركة قطر للطاقة، الأحد الماضي إلى وجود فرصة كبيرة لأن يصبح الغاز جزءا من مزيج الطاقة في المستقبل.

وقال "نعتقد بوجود مستقبل كبير للغاز لمدة 50 عاما على الأقل، وكلما تمكنا من القيام بالمزيد من الناحية الفنية، سنفعل".

وأضاف "نرى أن أوروبا ستحتاج إلى الغاز لفترة طويلة جدا جدا، لكن النمو في آسيا سيكون بالتأكيد أكبر منه في أوروبا مدفوعا بشكل أساسي بالنمو السكاني".

ويقول فرولي إنه بالرغم من المخاوف بشأن التأثير الإضافي لانبعاثات الكربون الناتجة عن الإنتاج العالمي الجديد للغاز، يرى آخرون أنه لا يزال هناك احتمال كبير أن يعمل الغاز على تقليل الانبعاثات بأن يحل مكان الفحم والنفط.

وأضاف نقلا عن أرقام وكالة الطاقة الدولية “رغم كونها أكبر مستورد للغاز في العالم العام الماضي، فإن نصيب الغاز في مزيج الطاقة الإجمالي في الصين لا يتجاوز ثمانية في المئة تقريبا مقابل 61 في المئة للفحم و18 في المئة للنفط، على سبيل المثال".

واضطلعت أكبر شركات الطاقة في العالم، بما في ذلك إكسون موبيل وشل وتوتال إنيرجيز وكونوكو فيليبس، بدور محوري في صناعة الغاز في قطر لعقود من الزمن.

وتملك جميع هذه الشركات حصصا في مرافق الإنتاج القائمة، كما استحوذت في السنوات الماضية على حصص في مراحل التوسع الجديدة، إذ قدمت أموالا مقابل الحصول على كميات من الغاز.

ومع أن العقود الجديدة ليست مربحة مثلما كانت في الماضي، وفقا لمصادر في القطاع، فإنها توفر للشركات موطئ قدم مهما في الصناعة، والتي تتوقع المصادر أن تستمر في النمو في العقود المقبلة مع تحول الاقتصادات من الفحم إلى الغاز الأقل تلويثا.

وتتوقع مصادر في القطاع أن تواصل قطر البحث عن الشراكات مع أطراف عالميين لأن لديها الكثير من كميات الغاز الطبيعي المسال للبيع.

ورجح أحد المصادر أن تسعى شركة وودسايد الأسترالية، التي صار مشروعها في مدينة ليك تشارلز الأميركية مهددا بسبب قرار وقف الموافقات، إلى أن تصبح شريكا للدوحة لأنها أوقفت مؤخرا خططا لشراكة بقيمة 52 مليار دولار مع منافسها الأصغر سانتوس.

11