قهر الأبناء: نظرة على قانون الأحوال الجعفرية في الكويت

حرمان الطفل من المبيت عند أحد والديه، والتشدد في ذلك، يعد مخالفا للصريح في القانون، ويلحق الضرر بالنشأة السليمة للطفل.
الثلاثاء 2024/02/27
نصوص تعزز استقرار الطفل النفسي والعاطفي

المطالبة برؤية الأبناء مكفولة شرعا وقانونا، بينما يختلف الفقهاء حول موضوع مبيت الأبناء عند الطرف غير الحاضن، ويُعرف ذلك في بعض الفقه بـ”الاستزارة” أو “الاستضافة”.

في قانون الأحوال الشخصية الكويتي نصت المادة 196 على حق الرؤية ولم تتطرق إلى المبيت، ويفهم من ذلك أنها تركت تقدير ذلك لاجتهاد القاضي، أما في قانون الأحوال الجعفرية فقد نصت المادة 244 على أنه “لا يبيت المحضون إلا عند حاضنه”.

وبررت المذكرة الإيضاحية هذا المنحى بدرء التهمة ودفع المشاكل، يمثل هذا التبرير نهجا عاجزا يسعى للتخلي عن المسؤولية، حيث يتم حرمان الطفل من المبيت عند أحد الوالدين تجنبا للمشاكل، مما يضع القوة والسلطة في يد الطرف الآخر، وكأن المحضون لا يملك حقوقا ناهيك عن الاحتياجات.

ومن المعلوم أن من مظاهر عناية الإسلام بالطفولة تشريع حضانة الطفل بما بكفل رعايته وتربيته والعناية به، وخص المشرع الإسلامي الوالدين بهذه المهمة الجليلة كونهما أقرب الناس إليه وأكثرهما رحمة وشفقة عليه.

إن حرمان الطفل من المبيت عند أحد والديه، والتشدد في ذلك، يعد مخالفا للصريح في القانون، ويُلحق الضرر بالنشأة السليمة للطفل، ويُشعره بالنقص والدونية مقارنة بأقرانه.

آن الأوان للتخلص من الآراء التقليدية الضارة في الأحكام والقوانين، والتي تخالف مقاصد الشريعة الإسلامية

حيث تشير المادة 245 من القانون إلى أنّ الحضانة حق للطفل على والديه، وليست حقا لهما فقط، وأنّ مصلحة المحضون هي الأساس في تحديد ترتيبات الحضانة.

وحيث إن الأحكام يجب أن تكون قاطعة للنزاع فينبغي تحديد ساعات رؤية الطفل الرضيع من قبل الأب، بينما يُسمح له بالمبيت في بيت والده غير الحاضن بعد بلوغه 7 سنوات هلالية. لكي لا يحرم من عطفه، وحتى لا يترك المجال لاستغلال الصغار كأداة للانتقام وتصفية الحسابات بين الطرفين.

وفي هذا الصدد أشيد بما أقرته دائرة الأسرة بمحكمة الاستئناف في محافظة مبارك الكبير برئاسة المستشار د.خالد المنديل بأنه “متى ما تقدم أحد الوالدين بطلب المبيت فعلى القاضي أن يتحرى عن توافر الشروط الخاصة بالمحضون والمتمثلة في بلوغ الصغير سبع سنوات وأن يكون عاقلا ليست لديه إعاقة عقلية أو جسدية جسيمة وغير مصاب بمرض معد، وأن لا يصيبه ضرر من مبيته لدى والده”.

وقد نصّ بعض الفقه على هذا المبدأ، حيث قرروا أنّه لكل من الأم والأب المنفصلين الحق في مبيت المحضون الذي بلغ السابعة من عمره ليلتين نهاية كل أسبوع عند غير الحاضن، وتقسيم الأعياد والعطل الرسمية بينهما بالعدل.

آن الأوان للتخلص من الآراء التقليدية الضارة في الأحكام والقوانين، والتي تخالف مقاصد الشريعة الإسلامية، وعلى المشرع السعي لتحقيق المساواة بين الوالدين في حضانة أطفالهما بعد الانفصال، وعدم تمكين أي طرف من الإضرار بالأبناء.

ويمكن تحقيق ذلك من خلال تضمين قانون الأحوال الشخصية الجعفرية نصوصا ملزمة تُنظم حق الوالدين معا في حضانة أطفالهما، بما في ذلك حق الرؤية والرعاية والمبيت.

ومن شأن هذه النصوص تعزيز استقرار الطفل النفسي والعاطفي، وتضمن مشاركة الوالدين الفعالة في تربية أبنائهما، وهي من أهم العوامل التي تسهم في تكوين شخصياتهم، وتساعدهم على تحقيق النجاح في حياتهم.

15