عباس يقبل استقالة الحكومة الفلسطينية تمهيدا لترتيبات سياسية

تندرج استقالة حكومة محمد اشتية في إطار ترتيبات سياسية يجري التحضير لها، بدفع من المجتمع الدولي، ويرى محللون أن الخطوة هي محاولة من الرئيس محمود عباس الظهور في ثوب المتجاوب مع دعوات الإصلاح.
رام الله - أعلنت الرئاسة الفلسطينية الاثنين، أن الرئيس محمود عباس قبل استقالة حكومة رئيس الوزراء محمد اشتية. يأتي ذلك في وقت تتكثف الاتصالات في الكواليس حول مسألة إجراء إصلاح في السلطة الفلسطينية مرتبط بمرحلة ما بعد الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.
وقال بيان للرئاسة “إن الرئيس عباس أصدر مرسوما بقبول استقالة الدكتور محمد اشتية، وتكليفه وحكومته بتسيير أعمال الحكومة مؤقتا، إلى حين تشكيل حكومة جديدة”.
وكان رئيس الوزراء قال في مستهل الاجتماع الأسبوعي لمجلس الوزراء “وضعت استقالة الحكومة تحت تصرّف السيد الرئيس في 20 فبراير الجاري واليوم أتقدّم بها خطيا”، مشيرا إلى أن هذه الخطوة تأتي “على ضوء المستجدات السياسية والأمنية والاقتصادية المتعلقة بالعدوان على قطاع غزة والتصعيد غير المسبوق في الضفة الغربية والقدس”.
وأضاف “أرى أن المرحلة القادمة وتحدياتها تحتاجان إلى ترتيبات حكومية وسياسية جديدة تأخذ في الاعتبار الواقع المستجد في قطاع غزة ومحادثات الوحدة الوطنية والحاجة الملحّة إلى توافق فلسطيني-فلسطيني مستند إلى أساس وطني، ومشاركة واسعة، ووحدة الصف، وإلى بسط سلطة السلطة على كامل أرض فلسطين”.
وتواجه السلطة الفلسطينية تراجعا دراماتيكيا في شعبيتها منذ سنين في أوساط الفلسطينيين، ويتعرض عباس (88 عاما) لانتقادات بسبب “عجزه” إزاء الحرب الدائرة في قطاع غزة والتصعيد المستمر في الضفة الغربية المحتلة.
ويرأس عباس حركة فتح التي طُردت من قطاع غزة إثر مواجهات مع حركة حماس التي تحكم القطاع منذ العام 2007.
ورأى المحلل السياسي خليل الشقاقي أن الحكومة الفلسطينية “تعرضت لضغوط للإقدام على هذه الخطوة، يبدو أن عباس يريد أن يظهر للعالم أنه مستعد لإجراء بعض التغييرات… لكن الإصلاح الحقيقي الوحيد سيكون بتنحيه”.
وأضاف الشقاقي لوكالة فرانس برس “هذه أول خطوة يقوم بها منذ السابع من أكتوبر، فهو لم يحمِ شعبه في الضفة الغربية ولم يحرك ساكنا من أجل غزة”.
وبحسب الشقاقي “سيحصل عباس على حكومة موالية له، هذا عرض رجل واحد”.
وسائل إعلام فلسطينية رجحت اسم وزير الاقتصاد السابق محمد مصطفى كمرشح لخلافة اشتية في تشكيل حكومة تكنوقراط
واعتبر المحلل السياسي غسان الخطيب أن استقالة حكومة اشتية لم تأت من باب التحدي لعباس بل هي وسيلة للسلطة الفلسطينية تدفعها نحو إجراء إصلاحات وخصوصا ما بعد الحرب في غزة، معتبرا أنه يريد أن يظهر استعداده لتشكيل حكومة تكنوقراط “تعمل في الضفة الغربية وقطاع غزة بعد الحرب”.
وتأتي استقالة حكومة اشتية في وقت تتناول الاتصالات الدبلوماسية التي تشارك بها دول عدة حول مرحلة ما بعد الحرب، مسألة “إصلاح السلطة الفلسطينية” التي يرأسها عباس منذ العام 2004.
ورأى الخطيب أن عباس “يريد أن يظهر للوسطاء أنه مستعد للمضي في هذا الطريق”، مقدرا أن الحكومة الفلسطينية الجديدة ستشمل وزراء من حركتي فتح وحماس.
وأضاف “إذا توصل عباس وحماس إلى اتفاق، فستكون هذه مرحلة جديدة في المشهد السياسي الفلسطيني، هذا مهم لأن الحركتين حاولتا مرارا التقارب دون جدوى”.
ولكن الخطيب لا يستبعد إمكان “فشل هذه الخطوة بشكل كامل لأن هناك عدة أسئلة لم تجد إجابات مثل تركيبة حكومة التكنوقراط وحجم مسؤوليات حماس في غزة”.
ورجحت وسائل إعلام محلية فلسطينية اسم وزير الاقتصاد السابق محمد مصطفى كمرشح لخلافة اشتية في تشكيل حكومة “التكنوقراط”.
وشغل مصطفى أيضا منصب نائب رئيس حكومة التوافق الوطني الفلسطينية التي شكّلها رامي الحمدلله في يونيو من العام 2014. ويترأس مصطفى صندوق الاستثمار الفلسطيني منذ العام 2005.
وفي مقابلة له مع وكالة فرانس برس، دعا المعارض ناصر القدوة، ابن شقيقة الزعيم الراحل ياسر عرفات، الأسبوع الماضي، إلى “طلاق ودي” مع عباس وقيادة جديدة للسلطة الفلسطينية، طارحا احتمال أن يبقى عباس في منصبه كـ”رئيس فخري”.
واقترح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الأسبوع الماضي خطة “لمرحلة ما بعد الحرب” تنصّ على الحفاظ على “السيطرة الأمنية” الإسرائيلية في الضفة الغربية وقطاع غزة، وهو ما رفضته السلطة الفلسطينية وحركة حماس.
وتعرضت الخطة التي لم تأت على ذكر إقامة دولة فلسطينية لانتقادات من الولايات المتحدة، الحليف الرئيسي لإسرائيل.
وعارض وزير الخارجية أنتوني بلينكن “إعادة احتلال” قطاع غزة الذي انسحب منه الجيش الإسرائيلي في العام 2005.
واندلعت الحرب في 7 أكتوبر، بعدما نفّذت حماس هجوما غير مسبوق على جنوب إسرائيل أسفر عن مقتل أكثر من 1160 شخصا. كما احتُجز خلال الهجوم نحو 250 رهينة تقول إسرائيل إنّ 130 منهم ما زالوا محتجزين في قطاع غزّة، ويُعتقد أنّ 31 منهم لقوا حتفهم.
وردا على الهجوم، تعهّدت إسرائيل بـ”القضاء” على حماس التي تحكم غزة منذ 2007 وتُصنّفها إسرائيل والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي “منظّمة إرهابية”.
وتردّ إسرائيل على الهجوم بقصف مدمّر على قطاع غزّة وبعمليّات برّية منذ 27 أكتوبر ما تسبّب بمقتل 29782 فلسطينيا، غالبيتهم العظمى مدنيّون.
بالنسبة إلى الفلسطينية رولا أبودحو فإن تغيير الحكومة من عدمه سواء. وقالت “هذه حكومة تأتي بقرار أميركي وقرار احتلالي، الشخوص الموجودة فيها لا تعني شيئاً، هم يقومون بتبديل الأشخاص ولكن في المضمون هذه حكومة أوسلو وحكومة التنسيق الأمني”.
وأضافت “هذه الحكومة تأتي ليس وفق ما يجري على الأرض والحاجة الفلسطينية”.
أما باسل فراج فلا يؤمن بتغيير “حقيقي على أرض الوطن طالما أي حكومة فلسطينية لن تضع ضمن أهدافها الأساسية إعادة مركزية أهداف حركات التحرير”.
وأضاف “جربنا أنماط السلطة الفلسطينية المختلفة وهي لم تكن تحقق نتائج حقيقية بسبب الفساد وغياب الأمن وقمع الحريات وقمع المقاومة”.