فائض نقدي بمليارات الدولارات يضع كبار تجار الطاقة في مأزق

الشركات في متاهة مراكمة الأرباح الضخمة وقلة الفرص الاستثمارية.
الثلاثاء 2024/02/27
متى تفعّلون "نداء الهامش"؟

يتابع المحللون مسار كبار تجار الطاقة العالميين للخروج من ورطة الفائض النقدي الكبير الذي لديهم خاصة وأنهم باتوا في متاهة مراكمة الأرباح الضخمة منذ الحرب في أوكرانيا رغم التوزيعات الهائلة على المساهمين، وقلة الفرص الاستثمارية الأقل خطرا.

لندن- تواجه أكبر شركات تجارة الطاقة العالمية مشكلة متنامية تتمثل فيما يجب فعله بفوائضها المالية الضخمة في الوقت الذي تستعد فيه لأكبر اجتماع سنوي في القطاع والذي تحتضه هذا الأسبوع لندن.

ولدى هؤلاء التجار فائض نقدي بمليارات الدولار وهي التدفقات المتولدة عن أعمالها التي انتعشت بشكل لافت خلال العامين الماضيين جراء ارتفاع الأسعار في الأسواق العالمية نتيجة تداعيات الحرب بين روسيا وأوكرانيا.

ولا تكشف معظم الشركات التجارية، المملوكة للقطاع الخاص، والتي يسيطر عليها موظفوها، سوى القليل عن وضعها النقدي أو أسهمها أو أرباحها.

◙ المتداولون مثل ترافيغورا لديهم 50 مليار دولار من الائتمانات المتاحة
المتداولون مثل ترافيغورا لديهم 50 مليار دولار من الائتمانات المتاحة

لكن وفقا لأكثر من عشرة مصادر تجارية ومصرفية وحسابات وكالة رويترز، فإن شركات فيتول الهولندية وترافيغورا، ومقرها سنغافورة، وميركوريا وجونفور السويسريتين تمتلك مجتمعة مليارات الدولارات، حتى بعد توزيع أرباح قياسية.

وقال مسؤول تنفيذي في إحدى أكبر بيوت التجارة، طلب عدم نشر اسمه “نحن نقترض أقل بكثير من البنوك وننتظر فرصا استثمارية جيدة. لكن هذه الفرص ضئيلة، خاصة في مجال الطاقة الخضراء الخاسرة”.

وتجد الشركات التجارية، التي تسيطر بالفعل على حصة كبيرة من أسواق النفط والغاز والطاقة العالمية، صعوبة في النمو، في حين أثارت العائدات الضعيفة في السنوات الأخيرة على أصول طاقة الرياح والطاقة الشمسية والهيدروجين، غضب بعض المستثمرين.

ومن المرجح أن يكون اللغز النقدي أحد الموضوعات المطروحة على الطاولة، حيث ستكون نقاشات المتداولين بشأن ذلك السمة الطاغية خلال الاجتماع المرتقب بمناسبة أسبوع الطاقة الدولي.

وبحسب رويترز أظهرت الميزانيات العمومية لهذه الشركات أن فيتول، وهي أكبر متداول في العالم، زادت إجمالي حقوق الملكية إلى 26 مليار دولار حتى بعد دفع أرباح قياسية بقيمة 5 مليارات دولار بعد أن حققت 15 مليار دولار في 2022.

وقال مصدران مصرفيان مطلعان على أداء الشركة، لم تذكر رويترز هويتهما، إن “أسهم فيتول سترتفع على الأرجح إلى ما يقرب من 30 مليار دولار بناء على نتائجها لعام 2023 إذا التزمت بتحويل جزء كبير من الأرباح المحتجزة إلى حقوق الملكية”.

وفي الوقت نفسه، جمعت كل من شركتي ميركوريا وجونفور حوالي 6 مليارات دولار من الأسهم والأرباح المحتجزة في السنوات الأخيرة، حسبما قالت مصادر مطلعة على نتائجهما لرويترز.

ولم يتم الإعلان عن أرقام أسهم فيتول وميركوريا وجونفور من قبل، لكن ترافيغورا أشارت في تقريرها الأخير أن أسهمها ارتفعت بمقدار 2.5 مرة تقريبا لتصل إلى 16.5 مليار دولار في السنوات الأربع الماضية.

ولا تزال أسهم الشركات التجارية الكبرى ضئيلة مقارنة بنظيراتها في صناعة النفط والغاز مثل العملاق السعودي أرامكو البالغ قيمته تريليوني دولار أو شل التي تبلغ قيمتها 188 مليار دولار أو بريتيش بتروليوم (بي.بي) التي تبلغ قيمتها 85 مليار دولار.

وحتى قبل عقد من الزمن، كان معظم المتداولين يفضلون امتلاك عدد قليل من الأصول أو أسهم منخفضة أو مراكز نقدية، ودفع معظم أرباحهم على شكل أرباح للمساهمين من موظفيهم.

◙ الشركات التجارية التي تسيطر على حصة كبيرة من أسواق النفط والغاز والطاقة العالمية تجد صعوبة في النمو

وكان الاستثناء هو شركة جلينكور، التي بدأت التداول باسم “مارك ريتش” في سبعينات القرن الماضي، وقامت تدريجيا بتجميع أصول الفحم والمعادن.

وتم طرح أسهم هذه الشركة البريطانية – السويسرية، التي تأسست في عام 1974 للاكتتاب العام في العام 2011، وجمعت حينها 11 مليار دولار.

ويتم حساب إجمالي حقوق الملكية على أنه الفرق بين الأصول، بما في ذلك الأرباح المحتجزة والالتزامات، وهو أمر أساسي لتحديد قيمة الشركة.

واشترت الشركات التجارية أصولا على مدى العقد الماضي، من مصافي النفط إلى مزارع الرياح ومناجم المعادن، باستخدام الأرباح والأموال المقترضة من البنوك مع إبقاء احتياطاتها النقدية منخفضة.

وتغير ذلك في عام 2022 عندما ارتفعت أسعار الغاز بعد انخفاض الإمدادات الروسية إلى أسواق أوروبا نتيجة العقوبات الغربية التي تهدف إلى معاقبة موسكو على غزوها لأوكرانيا.

وغالبا ما يقوم المتداولون بتحوط مراكزهم بالمشتقات، وعادة ما يقترضون 90 في المئة من المال لشرائها بينما يستخدمون أموالهم الخاصة لتغطية الباقي.

ويؤكد الخبراء أنه إذا ارتفعت الأسعار، تطلب البورصات من المتداولين المساهمة بالمزيد من أموالهم الخاصة فيما يسمى “نداءات الهامش”.

وقال مسؤول تنفيذي ثان في شركة تجارية لرويترز “لقد واجهنا جميعا نداءات هامشية وسارعنا إلى الاقتراض من البنوك. عندها قررنا أنه من الحكمة ادخار المزيد من الأموال جانبا”.

ويعمل المتداولون مثل ترافيغورا مع ما يصل إلى 150 بنكا ولديهم ما يصل إلى 50 مليار دولار من خطوط الائتمان المتاحة.

وفي ذروة أزمة نداء الهامش، استخدم المتداولون الخطوط بالكامل ورفضت بعض البنوك تعزيز الإقراض، بينما شجعت المتداولين على إيجاد بدائل، فيما قرر معظم المتداولين الاحتفاظ بالأرباح كحقوق ملكية.

◙ أسهم الشركات التجارية الكبرى لا تزال ضئيلة مقارنة بنظيراتها في صناعة النفط والغاز
أسهم الشركات التجارية الكبرى لا تزال ضئيلة مقارنة بنظيراتها في صناعة النفط والغاز

وقال مسؤول تنفيذي تجاري ثالث “لقد عززنا أسهمنا ونتيجة لذلك أصبح المزيد من تجارتنا ممولة ذاتيا”.

وعندما يقترض المتداولون أقل، تكسب البنوك فوائد أقل ولا يمكنها زيادة إقراضها لزبائن آخرين إذا أبقت خطوط ائتمان كبيرة مفتوحة إذا لم يتم استخدامها.

وقال مصرفي في أحد البنوك الأميركية الكبرى النشطة في هذا القطاع “لم تحب البنوك تجاوز حدود الائتمان في عام 2022. لكنها لم تعجبها بنفس القدر عندما استخدم المتداولون الخطوط بالكاد في عام 2023”.

ويعتقد أحد المديرين التنفيذيين التجاريين أن الاقتراض المصرفي سيرتفع مرة أخرى بمجرد انخفاض أسعار الفائدة وإنفاق التجار المزيد على الاستثمارات. لكن ذلك لم يحدث بعد.

وأشار مسؤول تنفيذي رابع للتداول إلى أنه في بعض الأحيان يقترض التجار الأموال ويضعونها مرة أخرى على وديعة لدى نفس البنك أو بنك مختلف، ولذلك يدفعون الفائدة.

10