المغرب يسلم القطاع الخاص مهمة تطوير مدنه المستدامة

الحكومة تبيع حصتها البالغة 159 مليون دولار في مشروع مازاغان لصالح شركة الفوسفات.
الاثنين 2024/02/26
نظرة مختلفة لمدن المستقبل

تسارع مخاض المغرب لتجسيد نموذج التنمية الجديد؛ حيث تسعى الحكومة إلى تسليم القطاع الخاص قيادة خطط تطوير مدن مستدامة بما يترجم تطلعات العاهل المغربي الملك محمد السادس الذي يقود ثورة شاملة في مختلف المجالات الحيوية بالبلاد.

الرباط – وسعت الحكومة المغربية رهانها على الشراكات الإستراتيجية بين القطاعين العام والخاص كأحد أبرز الخيارات في إطار بحثها عن إنعاش النمو الاقتصادي على أسس مستدامة.

وكشف مسؤول بوزارة الاقتصاد والمالية الأحد أن الحكومة باعت حصتها في شركة تطوير مدينة مازاغان الصديقة للبيئة، مقابل 1.6 مليار درهم (159 مليون دولار) في ديسمبر الماضي.

وقال المسؤول لبلومبرغ الشرق إن “مجموعة المكتب الشريف للفوسفات (أو.سي.بي) باتت الآن تملك كامل رأسمال الشركة المعنية بتطوير المدينة”، تحت اسم “القطب الحضري لمازاغان”.

وأضاف، طالبا عدم الإفصاح عن هويته لكون المعلومات غير معلنة، أن “تواجد الدولة في هذا المشروع ليس له أهمية إستراتيجية”.

وتأسست شركة تهيئة وتطوير مازاغان (سيدم) في عام 2013 بمبادرة من وزارة الاقتصاد التي كانت تمتلك 49 في المئة من رأسمالها، والباقي من نصيب شركة الفوسفات المملوكة للدولة.

ومنذ ذلك الحين تمّ ضخ مبلغ 5 مليارات درهم (نحو 490 مليون دولار) لأشغال تهيئة البنية التحتية الأولية للمدينة المستدامة التي ستمتد على مساحة 1300 هكتار.

فسح المجال للقطاع الخاص كان محط نقاش التخارج نظرا إلى نشاط سوق العقارات
فسح المجال للقطاع الخاص كان محط نقاش التخارج نظرا إلى نشاط سوق العقارات

والهدف من مشروع مازاغان أن يكون أول نموذج لمدينة مستدامة في المغرب، حيث سيتم تخصيص 300 هكتار للغابات والمساحات الخضراء، وتشمل منطقة سكنية تتكون من فلل وشقق.

كما تضم المدينة منطقة أكاديمية ضمنها قسم للبحث والابتكار، وأيضا مرافق للرياضة ولاستضافة الفعاليات الثقافية والفنية، ومنطقة مخصصة لأنشطة قطاع الخدمات والشركات الناشئة.

وهذه المدينة المستدامة تعد أحد أربعة مشاريع تعكف شركة الفوسفات على تشييدها مع شركاء أجانب، وهي القطب التكنولوجي فم الواد بمدينة العيون والمدينة الخضراء محمد السادس في مراكش والمنجم الأخضر في خريبكة.

ولم يكن تخارج الحكومة من هذه الشركة مخططا له ضمن ميزانية 2023، لكن المسؤول في وزارة الاقتصاد أفاد بأن الصفقة كانت محط مباحثات لفسح المجال أمام القطاع الخاص لاحقا نظرا إلى الإقبال الذي يشهده قطاع العقارات.

وتسعى الحكومة عبر مشروع ميثاق الاستثمار الجديد الذي أطلقه العاهل المغربي الملك محمد السادس في فبراير 2022 إلى رفع حصة الاستثمار الخاص لتبلغ 350 مليار درهم (33 مليار دولار) بحلول عام 2035.

ويرتكز مشروع الميثاق الجديد على منظومة مهمة للدعم، وهي من شأنها أن تشكل حافزا لتسريع وتيرة الاستثمار وزيادة مساهمته في مراكمة الثروة وعدالة توزيعها. وأشار المسؤول أيضا إلى الأثر الإيجابي للعملية من حيث تخفيف عجز ميزانية الدولة من 4.5 في المئة إلى 4.4 في المئة.

ووفق المعطيات الرسمية تطل المدينة المستقبلية على ساحل الأطلسي وتقع على بُعد 90 كيلومترا جنوب مدينة الدار البيضاء، ويُتوقع أن تستقبل بحلول عام 2034 نحو 134 ألف نسمة.

وتطمح الحكومة لأن تكون مدينة مازاغان المستدامة نموذجا في استعمال التكنولوجيات الجديدة وتوفير تجربة عيش استثنائية بين الغابة والبحر، كما ورد على الصفحة الإلكترونية للمشروع.

وأكد مصدر من شركة الفوسفات خلال حديث مع بلومبرغ الشرق، التي لم تذكر هويته، إتمام الصفقة في شهر ديسمبر الماضي. وقال إن “المشروع قد يشهد دخول مستثمرين من القطاع الخاص في المستقبل لتكون المدينة جاهزة في غضون 10 سنوات من الآن”.

وضمن ميزانية 2023، كان من المتوقع أن تبلغ إيرادات بيع مساهمات الدولة في شركات ومشاريع نحو 5 مليارات درهم (490 مليون دولار)، لكن ما تحقق يناهز الثلث فقط.

وتعود آخر عملية لبيع مساهمات الدولة إلى عام 2021 حين بلغت إيراداتها 5.4 مليار درهم (530 مليون دولار)، وجاءت من بيع نسبة من حصة الدولة في رأسمال شركة مرسى المغرب المتخصصة في نشاط الموانئ واللوجستيات.

ولتحقيق إدارةٍ أفضل لعمليات التخارج والخصخصة أنشأت السلطات عام 2022 الوكالة الوطنية للتدبير الإستراتيجي لمساهمات الدولة من أجل دراسة إمكانية خصخصة 57 مؤسسة وشركة حكومية.

ولا تزال الهيئة الحكومية التي تتولى قيادة عمليات الإدراج في البورصة أو البيع لمستثمرين من القطاع الخاص محليين أو دوليين، تشتغل على وضع خارطة طريق في هذا الصدد.

490

مليون دولار ضُخت في تهيئة البنية التحتية للقطب الحضري لمازاغان بالدار البيضاء

ولدى الدولة محفظة تضم 227 شركة حكومية، و25 شركة خاصة تملك فيها حصة. وسبق أن وضعت قائمة الشركات التي ترغب في خصخصتها أو بيع حصتها فيها.

وعلى رأس تلك الشركات مرسى المغرب وشركة اتصالات المغرب وفندق المامونية الفاخر بمدينة مراكش وشركة الطاقة الكهربائية تهدارت وشركة الإنتاجات البيولوجية والصيدلية البيطرية والشركة الوطنية لتسويق البذور.

وتناهز الإيرادات المتوقعة من عمليات بيع المساهمات الحكومية والخصخصة خلال العام الجاري ما قيمته 9 مليارات درهم (880 مليون دولار)، وهو ما من شأنه أن يُسهم في رفع الإيرادات غير الضريبية للحكومة.

وبحسب ميزانية 2024 يتوقع أن تبلغ الإيرادات المتوقعة من برنامج الخصخصة في العامين المقبلين 6 مليارات درهم (590 مليون دولار). لكن خبراء يرون أن تنفيذ ذلك يبقى رهن تفعيل الوكالة الوطنية للتدبير الإستراتيجي لمساهمات الدولة وانتظار ظروف مواتية على مستوى الأسواق المالية.

وتترقب بورصة الدار البيضاء إدراج شركات حكومية في 2024، ضمن الخطة الحكومية التي تستهدف زيادة عدد الشركات المُدرجة إلى أكثر من 300 شركة بحلول عام 2035 من 75 شركة حاليا.

ولتحقيق الهدف يحث مسؤولو البورصة حكومة البلاد على طرح شركاتها في السوق، كما تم تخفيف شروط الإدراج لجذب الشركات المتوسطة من القطاع الخاص.

وقال طارق الصنهاجي، المدير العام للبورصة خلال مؤتمر لصناديق الاستثمار عقد بالدار البيضاء في أكتوبر الماضي، إن “البورصة تعرف طلبا كبيرا مقابل عرض متواضع من الشركات”. وأوضح أنه خلال العقد الماضي “سجلنا في كل عملية إدراج طلبات أكثر بنحو خمس مرات من العروض”.

وكان آخر وافد إلى سوق الأسهم في المغرب هو شركة أكديطال التي تعمل في مجال الرعاية الصحية، حيث جمعت في ديسمبر 2022 حوالي 1.2 مليار درهم، بعدما تلقت طلبات تفوق 4 مرّات قيمة المبلغ المطلوب، لتكون بذلك أهم عملية إدراج منذ 2008. وتتوقع وكالة الإحصاء المغربية أن ينتعش النمو الاقتصادي في المغرب إلى 3.2 في المئة هذا العام مقابل 2.9 في المئة سجلها العام الماضي.

10