"لجان يقظة" تلاحق البرامج الرمضانية والإعلام الرياضي في الجزائر

الجزائر - قررت الحكومة الجزائرية إنشاء “لجان يقظة” لمراقبة البرامج الرمضانية على القنوات التلفزيونية المحلية، لرصد أيّ تجاوزات في المحتوى الموجه إلى الجمهور، بالإضافة إلى تشديد الرقابة على الإعلام الرياضي، بما يتناسب مع توجيهات السلطات وعدم تجاوزها في خطوة تثير الجدل بشأن المعايير التي سيتم اتخاذها لتصنيف المحتوى المخالف لاسيما في ظل القيود على حرية التعبير.
ومع بدء عرض المضامين الدرامية كل عام، تثار ردود فعل متذمرة من مستوى المواد المقدمة، وجدل حول مدى ملاءمتها للمجتمع ولمعايير السلطات بشأن القضايا الجدلية التي تتضمن خصوصا تلميحات سياسية. وشكل وزير الاتصال الجزائري محمد لعقاب الثلاثاء لجنة مكلفة بمتابعة تنفيذ توجيهات الوزارة خلال شهر رمضان، بهدف تقديم برامج متنوعة وهادفة، ولجنة يقظة لمتابعة البرامج الرياضية.
وستسهر هاتان اللجنتان على متابعة مدى الالتزام بتوجيهات وزارة الاتصال من خلال البرامج التي تبث خلال شهر رمضان بالعمل على تقديم برامج متنوعة وهادفة، وكذلك متابعة محتوى البرامج الرياضية عبر مختلف وسائل الإعلام. ويأتي إنشاء هاتين اللجنتين بعد لقاء وزير الاتصال مع مدراء القنوات التلفزيونية بخصوص وضع الخطوط العريضة للشبكة الرمضانية في 27 يناير الماضي ولقاء الوزير مع صحافيي ومسؤولي الإعلام الرياضي مطلع فبراير الجاري، ودعوتهم إلى الالتزام بآداب المهنة وأخلاقياتها خاصة خلال تأديتهم لمهامهم.
◙ الإعلام الرياضي أزعج السلطة بتناول خروج المنتخب من كأس أمم أفريقيا ونبشه لملفات الإخفاق
وأكد وزير الاتصال خلال مراسم تنصيب هاتين اللجنتين ”وجب علينا اليوم تحمل المسؤولية الأخلاقية ومتابعة كل ما يبث أو ينشر عبر مختلف وسائل الإعلام مهما كانت طبيعتها، خاصة بعد تسجيل عدد من التجاوزات من طرف الصحافيين أنفسهم أو المسؤولين عن بث هذه البرامج”، مشيرا إلى أن “الوزارة ستتخذ الإجراءات اللازمة في حال وقوع أيّ تجاوز”، موضحا أن “الهدف الأسمى من وراء ذلك هو خدمة المواطن وخدمة وسائل الإعلام أيضا”.
وسيكون عمل لجنة متابعة البرامج الرمضانية من خلال فرق عمل تعنى بالسهر والمتابعة لكل ما يبث خلال شهر رمضان، وكذلك الأمر بالنسبة إلى لجنة متابعة البرامج الرياضية التي ستسهر على المتابعة المستمرة لكل ما يبث أو ينشر عبر مختلف وسائل الإعلام سواء كانت مرئية، مسموعة، مكتوبة أو الكترونية.
ووجه الوزير تعليمات للجنة القطاعية المكلفة بانتقاء البرامج بضرورة الإسراع في الاختيار والفصل في البرامج التي ستبث خلال شهر رمضان، كما أعطى توجيهات للمدراء العامين للإذاعة والتلفزيون بضرورة احترام نسبة الإنتاج الوطني خلال هذه الشبكة البرامجية، من خلال تنشيط وتحريك المحطات الجهوية سواء الإذاعية أو التلفزيونية وخاصة الجنوبية منها، بالتعريف بخصوصية كل منطقة عبر الوطن والترويج للموروث الثقافي والوجهات السياحية الجزائرية.
وكانت سلطة ضبط السمعي البصري قد طالبت القنوات التلفزيونية بالتقيد بمقتضيات شهر رمضان واحترام تقاليد وأخلاقيات وخصوصيات هذا الشهر، و”عدم الانزلاق وراء الربح المادي ونسبة المشاهدة وتفادي الإثارة ومظاهر العنف بكل أشكاله وأنواعه، وأيضاً احترام المرجعية الدينية الوطنية، وحماية الأطفال وتقديم خدمة إعلامية ترقى إلى تطلعات العائلة الجزائرية”. وشهد البرلمان الجزائري العام الماضي نقاشاً بشأن المسلسلات الرمضانية التي عرضت في القنوات المحلية، خاصة بسبب كثافة مشاهد العنف والترويج للمخدرات وغيرها، وسط مطالبات بالحد من منسوبها.
وقال النائب عبدالله عماري، في استجواب وجّهه إلى وزير الاتصال السابق محمد بوسليماني، إن “هناك مبالغة كبيرة في استخدام أبطال المسلسلات للمخدرات وكلهم من المنحرفين، إضافة إلى كثافة استخدام الأطفال”، معتبراً أن الصورة التي أعطيت للحجاب في المسلسل “مسيئة”، ومنتقداً غياب سلطة ضبط السمعي البصري كهيئة رقابة وتعديل، وقال إنها لم تؤدِّ أي دور في مراقبة الأعمال التلفزيونية التي تعرض على الجزائريين في شهر رمضان.
وكانت سلطة ضبط السمعي البصري قد طالبت القنوات التلفزيونية بالتقيد بمقتضيات شهر رمضان واحترام تقاليد وأخلاقيات وخصوصيات هذا الشهر، و”عدم الانزلاق وراء الربح المادي ونسبة المشاهدة وتفادي الإثارة ومظاهر العنف بكل أشكاله وأنواعه وأيضاً احترام المرجعية الدينية الوطنية، وحماية الأطفال وتقديم خدمة إعلامية ترقى إلى تطلعات العائلة الجزائرية”.
◙ المضامين الدرامية تثير ردود فعل متذمرة من مستوى المواد المقدمة وجدلا حول مدى ملاءمتها لما تشتهيه السلطة
ويرى القائمون على القطاع الدرامي والمعنيون أن من حق المشاهدين مناقشة أيّ عمل فني وإثارة الجدل بشأنه، وهناك بعض الانتقادات لا معنى ولا أساس لها، على اعتبار أن المسلسل عمل درامي، والدراما ليست للموعظة. ويرى هؤلاء أن المسلسلات تناقش موضوعات وقضايا يعيشها المجتمع بشكل عادي، وطرح موضوع واقعي أو مشكلة مجتمعية لا يعني الترويج لها أو توجيه إساءة للمجتمع في شهر رمضان المبارك، ومن غير المعقول إصدار أحكام نهائية على المسلسلات قبل عرضها. كما أن اللغة اليومية التي تستعمل في البلاد متداولة في الأحياء الشعبية، فلماذا يريد القائمون على التلفزيون حظرها.
وتناقلت عدة مصادر أنباء عن تعرض عدّة أعمال لمقصّ الرقيب سواءً كان حكوميًا أو من الجهة المنتجة أو القناة العارضة. وسبق أن تدخلت الحكومة لمنع بث عدة أعمال فنية منها سلسلة “دقيوس ومقيوس” على قناة الشروق الخاصة، كما تم إيقاف بث سلسلة “دار العجب” بعد انتقادها لتقديم إعانة مالية لتونس. أما بالنسبة إلى الإعلام الرياضي فقد أزعج السلطة بتناول خروج المنتخب من كأس أمم أفريقيا الأخيرة ونبشه لملفات حول الأسباب والنتائج، ما حدا بوزارة الاتصال لاستعمال لغة التهديد والوعيد معه.
ويأتي ذلك بعد رفض وسائل الإعلام الاستجابة لتوجيهات وزير الاتصال، الشهر الماضي في ما يتعلق بمحتوى الإعلام الرياضي في البلاد. وقد وصف لعقاب البرامج والعناوين الرياضية بأنها “انفلات وتهديد للأمن القومي”. وتلقى القائمون على وسائل الإعلام الرياضي تحذيرات من تحمل المسؤولية القانونية بعد ما وصفه بمعالجة مبالغ فيها لأداء المنتخب الجزائري في كأس أمم أفريقيا الأخيرة، بالإضافة إلى قضية إقالة مدرب المنتخب الوطني جمال بلماضي.
كما أدانت وزارة الاتصال استمرار بعض الصحافيين المنتسبين لقطاع الإعلام الرياضي في عدم الالتزام بآداب المهنة وأخلاقياتها، ونشر الأخبار المغلوطة والمسيئة. وأشارت إلى استدعائهم لتنبيههم إلى خطورة التجاوزات، مؤكدة أنها لن تتوانى في اتخاذ إجراءات قانونية وفرض عقوبات على المخالفين، بما في ذلك منعهم من تغطية الأنشطة الرياضية وتحميل المؤسسات الإعلامية التبعات القانونية لذلك.