نيويورك - تهدف شركات الطيران إلى تعزيز الأرباح مجددا هذا العام عبر ارتفاع أسعار التذاكر في إطار محاولتها تقليص ما في وسعها من طفرة السفر بعد الوباء وتخفيف التكاليف المرتفعة وسط النقص المستمر في الطائرات والمستثمرين والمسؤولين التنفيذيين.

وتسعى شركات الطيران الأوروبية والأميركية جاهدة للقيام بالمزيد من الرحلات الجوية لتلبية الطلب، لكنها تكافح بسبب التأخير في تسليم الطائرات الجديدة من أيرباص وبوينغ ووقف الطائرات التي تستخدم بعض محركات آر.تي.إكس بسبب عيوب محتملة.

وإلى جانب ذلك، يؤدي نقص الإمدادات إلى إبقاء أسعار تذاكر الطيران مرتفعة، ممّا يسمح لشركات النقل بتمرير تكاليف أعلى لوقود الطائرات والعمالة والصيانة.

وتسبب ذلك في ارتفاع متوسط الإيرادات لكل مسافر والمعروف في الصناعة بالعائدات وقوة تسعير شركات الطيران إلى 6.2 في المئة في 2023، وهو العام الرابع على التوالي من النمو، وفقا لبيانات اتحاد النقل الجوي الدولي (إياتا).

ويتوقع اتحاد إياتا أن ترتفع العائدات بشكل أكبر في عام 2024، وإن كان بوتيرة أبطأ، بنحو 1.8 في المئة.

وستتجاوز عائدات شركات الطيران الأوروبية هذا الصيف وهو الوقت الأكثر ازدحاما في العام مستويات العام الماضي، لتصل إلى 8.5 في المئة، وتزداد أكثر في عام 2025 مع استمرار الطلب على السفر واستمرار تأخير تسليم الطائرات، وفقا لتوقعات بيرنشتاين.

ويقدر توبياس فروم، المحلل في بيرنشتاين، أن الطلب سينمو بنحو 15 و20 في المئة هذا الصيف منذ عام 2019، في حين أن القدرة لم تتزحزح إلا بالكاد.

وقال جيمي ليندساي، مستثمر شركات الطيران في شركة آرتميس أنفيستمنت لرويترز “ستستمر الأسعار المرتفعة هذا الصيف في تحقيق الأرباح”. وأضاف “ستجني الشركات المزيد من الأموال لأن المستهلكين ما زالوا على استعداد لدفع المزيد”.

وتُظهر مقابلات أجرتها رويترز مع ستة محللين ومدراء تنفيذيين ومستثمرين وبيانات الأسعار مرونة شركات الطيران أثناء تعافيها من الوباء عندما تم إيقاف الطائرات وإغلاق الحدود وتحمّلت ديونًا بالمليارات للبقاء على قدميها.

كما أنها تؤكد على تركيز المستهلكين المتجدد على السفر والتجارب بعد أشهر من القيود الوبائية، المعروفة باسم “السفر الانتقامي”.

وعلى سبيل المثال، يتوقّع أن ترتفع عوائد أير ويز، وهي من أكبر شركات الطيران الأوروبية منخفضة الكلفة، هذا الصيف بنفس القدر الذي ارتفعت فيه عام 2023 رغم من أن القدرة ستظل ثابتة.

وقالت العضو المنتدب للشركة في المملكة المتحدة ماريون جيفروي لرويترز “إذا كانت هناك قدرة محدودة، فإن بيئة التسعير سترتفع”، دون إعطاء المزيد من التفاصيل حول حجم الزيادات.

وأظهرت بيانات من شركة أيرلاينز ريبورتينغ كورب أن تذاكر الطيران المباعة عبر وكالات السفر الأميركية في يناير الماضي، كانت الأعلى خلال الشهر، مع ارتفاع متوسط أسعار التذاكر بنسبة 3 في المئة عن العام الماضي.

ومنذ عام 2019، ارتفعت الأسعار إلى أميركا الشمالية بنسبة 30 في المئة، بينما ارتفعت الأسعار إلى أوروبا بنسبة 25 في المئة، وفقًا لشركة بيانات السفر فور وورد كييز.

وستكون الحجوزات الصيفية موضوعا ساخنا عندما تصدر شركة آي.أي.جي المالكة للخطوط الجوية البريطانية وكذلك الخطوط الفرنسية نتائج عام 2023 في وقت لاحق هذا الشهر. ومن المتوقع أن تعلن شركتا الطيران عن أرباح تشغيلية أعلى، وفقًا لتحليل شركة أل.أس.إي.جي.

وأكدت شركات الطيران الأوروبية ذات الميزانية المحدودة رايان أير وإيزي جت أن الحجوزات الصيفية قوية للغاية، على الرغم من أن الشركة الأيرلندية كانت أكثر هدوءًا بسبب مشكلات المبيعات عبر وكلاء السفر عبر الإنترنت.

ومن المتوقع أن ترتفع الأرباح التشغيلية لشركة دلتا بنسبة 3 في المئة إلى 6.5 مليار دولار في 2024، وفقا لتقديرات أل.أس.إي.جي، في حين من المتوقع أن تظل أرباح يونايتد أيرلاينز ثابتة عند 5.1 مليار دولار.

وحتى الآن لم يؤثر ارتفاع الأسعار على الطلب. وقالت يونايتد إن الحجوزات والعوائد على الطرق عبر المحيط الأطلسي من المتوقع أن تظل قوية هذا العام.

كما انتعش السفر في الصين، وهو أحد الأسواق الأخيرة التي خرجت من عمليات الإغلاق، مع ارتفاع عائدات السياحة فوق مستويات ما قبل الوباء خلال عطلة السنة القمرية الجديدة هذا العام.

وقال بول تشارلز، مؤسس وكالة الكمبيوتر الشخصي لرويترز “تحدث إلى أيّ شركة طيران في الوقت الحالي، وسيخبرونك أن حجوزاتهم المستقبلية تبدو جيدة هذا الصيف”.

ويؤكد المستثمرون والمحللون أنه طالما ظلت التوقعات الاقتصادية مستقرة، فقد يستمر المستهلكون في تحمل الأسعار المرتفعة، لكن البعض يشعر بالقلق من أن هذا الاتجاه قد يتضاءل، خاصة مع الركود الأخير في اليابان وبريطانيا وألمانيا.

ويشير مشغلو الفنادق هيلتون العالمية وماريوت إنترناشيونال ووكالة السفر عبر الإنترنت إكسبيديا بالفعل إلى نهاية “السفر الانتقامي”.

وقالت مادلين رونر مديرة المحفظة بشركة دي.دبليو.أس سمارت أنديستريال تكنولوجيز، التي تستثمر في لوفتهانزا وتوي الألمانيتان “إذا رأيت أسواق العمل تتدهور أكثر، فقد يبدأ ذلك في التأثير على الطلب”.